صلة الصلاة بالفضائل الأُخرى (اسحاق السريانى )

صلة الصلاة بالفضائل الأُخرى


+ بقدر ما يتصور الإنسان فضائل القديسين، فإنَّه يسير متمثلاً بتَذكَار صبرهم، وهكذا تتنقى الصلاة من الانحلال والملل وطياشة الأفكار.. ويتقوى العقل ويتشجع ويتطهّر ويطرد الكسل ويتمسك بالفضائل كل أوقاته، وبسبب غيرتنا على الفضيلة يقبل الله صلاتنا.
+ من حصل على الأُم فقد اقتنى ذرّية (أي من حصل على الصلاة أُم الفضائل يستطيع ممارسة كافة الفضائل الأُخرى).
السكون
+ العمل في السكون هو: الصبر على كل ما يأتي والتواضع والصلاة.. والأثمار المتولدة عن هذه هى: الرجاء، والتنعم، والفرح بالله.
+ إعلم يا أخي: إنَّ أفضل صلاح يفعله الإنسان في هذا العالم هو الصلاة الطاهرة، وإن لم يمت الراهب وينقطع من كل أحد، وينقبض بالسكون كالميت في القبر، لا يستطيع أن يقتنى هذا في نفسه، لأنَّ الصلاة الطاهرة تتطلب تفرّغ من جميع الأشياء، لكي يقوم العقل بلا طياشة قدام الله بعفة وقت الصلاة، والفكر مجموع من كل طياشة، وفى الليل فقط يشخص بسكون حركاته.
+ محبة الله تنشأ من الحديث معه، والهذيذ والتأمل في الصلاة من السكينة، والسكينة من عدم القنية، وعدم القنية من الصبر ومقت الشهوات، ومقت الشهوات من خوف جهنم ورجاء الغبطة.
+ تكون الصلاة بالقلب المنفرد، أي بالخلوة والانفراد، لكي ما يكون لنا بالوحدة مكان نتحدث فيه مع الله.
+ المحبة تتولّد من الصلاة، كما تتولّد الصلاة من الانعزال، الذي هدفه الحصول على مكان نهذ فيه بالله وحدنا.
+ يا أخي أحِب الوحدة ولو أنَّك عاجز عن جميع واجباتها، فصلاة واحدة يُصليها الإنسان وحده أفضل من مائة صلاة يُصليها مع آخرين.
+ بالحق إنَّ عمل 100 يوم في الصلاة والصوم بسجس وطياشة يصنعها المتوحد، لا تساوى سهر يوم وليلة واحدة في الوحدة.

التواضع
+ أظهر ضعفك وجهلك أثناء الصلاة، لكي لا تسقط في تجربة ردية، لأن الترفع يتبعه الفسق، والغرور يتبعه الضلال.
+ عندما تقترب من الله، كن بفكرك كالنحلة وزحافات الأرض والدود والصبىّ والألتغ، ولا تتكلم أمامه عن أي شيء بمعرفة.
+ اقترب من الله بفكر الطفل.
+ إنَّ لطمْ الرأس والدموع والتمرغ في الصلاة، من شأنها ايقاظ الحلاوة في القلب، وجعله يتطاير نحو الله باختطاف ممدوح، ومن يشرب من هذه الخمرة ثم يخرج منها، يستطيع أن يشعر بالتعاسة التي خيّمت عليه أكثر بكثير من الذي لم يذقها.
+ التواضع يقود النفس إلى المشاهدة، ويُزيّن النفس بالعفة.
القراءة:
+ الهذيذ في الكتب الإلهية يزيد في النفس نمو النطق بالله، ويغير ويقلب إتجاه الفكر حسب نوع القراءات
+ إنَّ النفس تستعين في صلاتها، كما أنها تستنير بالصلاة أثناء المطالعة، وهذه المطالعة تكون مادة لحالة الصلاة، وتنقى النفس من التشويش الخارجيّ، وتجعلها مستنيرة في الصلاة وبعيدة عن الملل.
+ اصبر وطالع كتب المعلمين، وارغم نفسك على الصلاة، فتأتيك المعونة دون أن تعلم.
+ إعكُف على القرأة في الكتاب المقدس وكتب القديسين، التي تُريك الطريق إلى المشاهدة الدقيقة، فتنتقل من علامة إلى أُخرى، وعندما تنهض للصلاة ستجد نفسك مأخوذ بتأمل الكتب المقدسة، التي طالعتها بدلاً من التأمل في الأُمور الدنيوية، التي رأيتها وسمعتها، ثم يتنقى ذهنك شيئاً فشيئاً كما جاء في الكتب.
+ كما أنَّ الضباب الذي يُغطّى وجه الأرض، ينقشع ببزوغ الشمس، هكذا الأهواء المحيطة بالنفس تتبدد بالصلاة، فيستضيء الذهن بنور التعزية والبهجة، خاصة
+ لا تقترب من أسرار الكتاب المقدس، دون أن تصلى وتطلب المعونة من الله أولاً.
+ اقرأ في الكتب المقدسة، فإنَّها تجمع ذهنك من الطياشة، ثم ارجع إلى الصلاة لأنَّ بها يتطهر العقل بالأكثر، لأن لا شيء ينقى الضمير مثل المداومة على الصلاة.
+ من القراءة ينجمع العقل، ومن الصلاة يتوشح بالحزن، ويقتني شعاعاً سماوياً.
+ إن كان الفكر ينجمع بالقراءة، لكنَّه لا يقتنى عفة وحياء إلاّ بالصلاة.
الدموع
+ حين تُعطى لك نعمة الدموع، لا تعتبر تنعمك بها بطالة، لأنَّ نعمة الدموع هى كمال الصلاة.
+ القلب الصالح يفيض بدموع الفرح أثناء الصلاة.
+ الدموع التي تترقق أثناء الصلاة، هى دليل رحمة الله، التي استحقتها النفس بتوبتها المقبولة، ودليل دخولها روضة النقاوة.
+ الدموع تأتي من التأمل السليم المنزه عن التشتت، ومن الأفكار الكثيرة المتواصلة الثابتة، ومن أقل ذِِكر حاصل في الذهن يسبب الحزن للقلب.
+ الذي لا ينشق قلبه بالتحصّر والتنهد، هو فارغ من صلاة الدموع.
الرحمة
+ كما أنَّ شعاع النار لا يمكن إمساكه عن الصعود إلى فوق، هكذا صلاة الرحيمين لا يمكن إلاّ أن ترقى إلى السماء.
+ من يُصلي وهو حاقد، يُشبه الزارع في البحر على أمل الحصاد، وهكذا فإن صلاة الرؤوفين تتصاعد إلى السماء مثل تصاعد لهيب النار الذي لا يمكن منعه.
العفة
+ اقتنِ الطهارة في أعمالك حتى تسطع نفسك في الصلاة، ويلتهب ذهنك فرحاً عند ذِكر الموت.
+ أنا أؤمن أنَّ الضعيف والمتواضع ومن ليس له دالة ونازع الغضب من نفسه، يرى في نفسه نور الروح القدس عندما يقف للصلاة.
+ أحِب العفة لكي لا تخذل أمام الله.
 الصوم
+ الصلاة تقوى في النفس عندما يضعف الجسد بالصوم.
+ الصوم يحافظ على كل فضيلة، وهو بداية الجهاد.. وأُم الصلاة..
+ عندما يبدأ أحد بالصوم، تتولّد في ذهنه رغبة الهذيذ بالله، لأنَّ الجسد الصائم لا يقدر أن يبقى نائماً على الفراش طوال الليل.
+ عندما يوضع ختم الأصوام على فم الإنسان، يبدأ ذهنه بالهذيذ بخشوع ويفيض قلبه بالصلاة. 
الميطانيات
+ اغصب نفسك للصلاة، وأنت تحصل على لذة الميطانيات، وتدوم فيها بسرور.
+ اجهد نفسك في عمل الميطانيات دائماً لأنَّها تُحرّك روح الحزن في الصلاة.
+ المداومة على السهر وضرب الميطانيات بين الحين والآخر، لا تتأخر عن أن تسكب على العابد المجتهد فرحة الصلاة.
+ كلما استنار الإنسان في الصلاة، كلما شعر بضرورة وأهمية ضرب الميطانيات، ويحلو له الثبات فيها.
+ اغصب نفسك للسجود أمام الله، لأنَّه محرك روح الصلاة.
+ مع كل لفظة فيها ذِكر السجود اسجد أم احنِ رأسك بالسجود.


الصلاة والسهر ( مارى اسحاف السريانى )

الصلاة والسهر

+ إكرم عمل السهر لتجد نفسك تعزية، وإذا أردت أن تنصرف إلى عمل الصلاة وإلى سهر الليالي، فابتعد عن مشاهدة الدنيا، واقطع الأحاديث، ولا تقبل الأصدقاء في قلايتك بحجة عمل الخير، بل اقبل الذين يشابهونك في آرائك وأحوالك ويشاركونك في السيرة، فبقدر ما يصفو القلب من الأشياء الخارجية، يزداد فهمه ودهشه في المعاني الإلهية.
+ إنَّ أردت أن تبدأ خدمة السهرانية بمؤازرة الله فافعل ما أقول لك:
. إحنِ ركبتيك حسب المعتاد، ثم قم ولا تبدأ بالعمل وأنت جالس.
. صلِ وانتهى من الصلاة واختم أعضاءك بإشارة الصليب المحييّ، وابقَ برهة من الزمن حتى تستريح حواسك، وبعد ذلك ارفع تأملك الداخليّ إلى الرب، واطلب منه بحزن أن تقوى على ضعفك ويصبح هذيذك في المزامير، وأفكارك العقلية مرضيين لمشيئته المقدسة.
. يجب أن تسير في الخدمة بعد ذلك بحرية تامة، بعيداً عن أي فكر صبيانيّ مشوش.
. عندما ترى أنَّ الصبح قد بدأ ولم تنتهِ خدمة السهر، يمكننا أن نحذف تمجيداً واحداً أو اثنين من التماجيد المعتادة، وذلك بإرادتنا ومعرفتنا حتى لا ندع شيئاً يبدد حلاوة الخدمة، وتعكر خدمة المزامير الساعة الأولى.
. إذا كنت لا تزال داخل الخدمة ووشوشك فكر يقول: اسرع قليلاً فالخدمة تطول، فلا تكترث له، أما إذا زاد إزعاجه لك، فكرر تمجيداً واحداً أو قدر ما تشاء، وردد المقاطع نفسها مرات كثيرة بفهم، وإذا ظل يزعجك ويضايقك، فاترك الترتيل واركع وصلِ وقل: لا أُريد ترتيل الكلام يارب، بل البلوغ إلى المساكن السماوية، وإنني على استعداد الآن أن أسير في كافة السُبل التي تهديني إليها.
+إن كنت لا تقدر أن تقف في السهر، فاسهر جالساً أو على مرقدك أو مستلقياً، وعندما تمل من الوقوف بسبب ضعفك وارتخائك أو بسبب طول الصلاة، ويراودك فكر أو بالحري يكلمك الروح الرديء كما كلم الحية ويقول لك: كفى أنت لا تستطيع الوقوف، فقل له: لا بل سأجلس قليلاً أثناء قراءة كاثيما واحدة ( ) وهذا خير لى من النوم، وإذا سكت لساني ولم يتفوه بالمزمور فذهني سيظل متأملاً في الصلاة والهذيذ، لأنَّ اليقظة أنفع من النوم.
+ إنَّ السهرانية ليست فقط بالوقوف وترتيب المزامير، فهناك من يسهر في ترتيل المزامير طول الليل، ومن يعمل ميطانيات وصلوات خشوعية مع انحناءات على الأرض، ومن يقضي الليل بالبكاء والدموع والنوح على خطاياه، وهناك من يرتل قليلاً من المزامير عند المساء ويقضى بقية الليل في الطروباريات، ومن يقضى الليل في التمجيد والمطالعة، وأخيراً من يقضى الليل واقفاً عندما يحاربه فكر الزنى.
+ لا تظن أيها الإنسان أنه يوجد في حياة الراهب، عمل أعظم من سهر الليالي، حقاً يا أخي إنَّه لعمل عظيم وضروريّ جداً للعفيف.
+ لا تنظر إلى الراهب الساهر بذهنه بتمييزه كما تنظر إلى إنسان ذي جسد، لأن السهر هنا هو من عمل الملائكة، فالذين يسلكون هذه السيرة دائماً، لا يدعهم الله بدون مواهب عظيمة، بسبب انتباههم ويقظة قلوبهم واهتمامهم بتوجيه أفكارهم نحوه.
+ أنا أعتقد أنَّ الجسد إذا تلاشى ولم يقدر على الصوم، فإنَّ الذهن بواسطة السهر دون غيره يعيد للنفس حالتها، ويهب القلب معرفة لإدراك القوة الروحية، إذا لم تتمادى في الأحاديث خلال النهار، فيا من ترغب في الحصول على ذهن متيقظ بالله ومعرفة للحياة الجديدة، أرجوك ألاّ تهمل حياة السهر طوال حياتك، لأنَّها تفتح عينيك لتشاهد مجد سيرتك وقوة طريق البر كله.
+ إذا جاءك فكر تراخى مرسل من معينك بقصد امتحانك، واستحال عليك اتمام السهر، فاسهر ولو جالساً وصلى بقلبك ولا تنم، حاول أن تعبر الليل كله بكافة الطرق، وأنت جالس تهذ بالمعاني الصالحة، فلا تقسِِ قلبك ولا تظلمه بالنوم.
+ الأرض الجيدة تفرّح الزارع بتربتها التي تنتج 100 ضعف، والنفس التي صقّلها ذكر الله والسهر الدائم يحفظها الرب، بأن يجعل حولها سحابة تظللها من نار تنبعث داخلها الليل والنهار.
+ من يعرف لماذا يقاوم المجاهدون النوم، ويضغطون على طبيعتهم حتى يؤدوا صلوات كل ليلة بتيقظ أجسادهم وذكرياتهم، يدرك أهمية القوة الناتجة من صيانة النفس أثناء النهار، وماهية العون الذي يُعطى للذهن خلال سكينة الليل وقوة السلطة على الأفكار، ومقدار النقاوة التي يحصل عليها، ولأدرك أيضا أنَّه يمنح الكثير من الفضائل دون تعب وإرهاق.


اُطلبوا السمائيات

اُطلبوا السمائيات

+ لا تكن جاهلاً في طلبتك لئلا تصبح صلاتك تجديفاً، بل كن حكيماً حتى تؤهل للأمجاد.
+ اُطلب الأمور الكريمة من الذي لا يرفض، فتنال منه الكرامة بسبب حكمتك في الطلب، فسليمان طلب حكمة فنال معها مُلكاً أرضياً، وأليشع نال نعمة الروح التي عند مُعلّمه فنالها مضاعفة.
+ من يطلب الأمور التافهة يستهين بكرامة الملك، فالذي يطلب الزبل من الملك لا يكون قد حقّر نفسه بدناءة الطلب وحسب، بل يكون قد تطاول على الملك أيضاً، فحاول أن تقدم طلبتك لله بما يليق بمجده فيعظم مقامك عنده ويُسر بك.
+ اعلم أنَّ الملائكة ورؤساء الملائكة يشخصون إليك وأنت تُصلى، وأنَّهم سيفرحون عندما تهمل جسدك وتطلب السمائيات، وسيشمئزون إذا راؤك تطلب الأرضيات وزبلها تاركاً السمائيات.
+ لا تطلب من الله ما يهتم هو بإعطائه لنال دون أن نطلب، لأنَّه لا يهتم بخاصته المحبوبين فحسب، بل وبالغرباء أيضاً، فلابن لا يطلب من أبيه خبزاً بل ما هو أسمى وأعظم من بيت أبيه.
+ وإذا طلبت شيئاً من الله وتأخر في استجابتك، فلا تحزن لأنَّك لست أحكم منه، فقد يكون تأخره لعدم استحقاقك، أو عدم استقامة قلبك في الطلبة، أو عدم بلوغك مستوى قبول الموهبة التي تطلب، كما أنَّ ما يؤخذ بسرعة يزول بسرعة، أمَّا ما يُكتسب بألم القلب فيُحفظ باحتراس.
+ لأنَّه كثيراً ما يشتهي الإنسان الصلاح لكن الله لا يستجيب له، لأنَّ الشيطان يكون قد زرع فيه رغبة مبطنة مشابهة فيظن أنَّها تناسبه، وهى في الحقيقة أعلى من مستواه، أو أنَّها غريبة عن جوه، أو أنَّ الوقت لم يحن لا تمامها، أو أنَّه عاجز عنها بالمعرفة والجسد.
+ ليس لأجل سؤالنا يُعطي الله مواهبه، إنَّما جعل سؤالنا وطلبتنا واسطة كلام يوصل العقل إلى تفرس أزليته لادراك مقدار اهتمامه.
+ ليس إنساناً محبوباً عند الله ويُستجاب طلبته سريعاً، مثل الإنسان الذي يطلب من أجل زلاته وغفرانها، ويطلب قوة ومعونة لتقويم طريقه.
+ يستحيل على الإنسان المتعلق بالأرضيات أن يطلب السمائيات، وعلى المهتم بالدنيويات أن يطلب الإلهيات.
+ من يريد العظيمات لا يهتم بالصغيرات.
+ ابتهل إلى الله أن يهبك الإحساس برغبة الروح والتشوق إليه، وعندما يدخلان إليك يحين موعد انفصالك عن العالم، الذي هذا إحساس يستحيل إدراكه بغير السكينة والنسك والمطالعة.


درجات الصلاة( مارى اسحاق السريانى )


درجات الصلاة

الهذيذ *
+ مبدأ الهذيذ هو أن يجلس الإنسان في موضع مظلم، ويبعد عن كل مفاوضة بشرية، ويهذ في قلبه بالصلوات والتسابيح التي يعرفها، ويرتب تلاوة من عنده حسب قوته، وعقله مجموع بالهذيذ، ومداوم على قرأة الكتب والمزامير.. لأنَّ من هذه يتولّد داخل العقل الهذيذ الروحانيّ، ومن مداومة الهذيذ يكون جمع العقل.
+ الهذيذ بأسرار معرفة الثالوث يجعل القلب والنفس والعقل، تصطبغ بالنور والحق والحياة وتمتليء فرحاً.

 
+ الهذيذ بالواحد هو الانحلال من الكل، والارتباط بالواحد هو الابتلاع بحُبه والحديث معه، وإذا انحلت النفس من الكل وارتبطت بالواحد، فلا عزاء لها من جهة أُخرى ولا تنظر معه شيء، وتفهم أنَّ السماء والأرض مملؤتان منه، وبه نحن أحياء ومتحركين وموجودين، ولا تستطيع أن تهدأ من التهاب محبته.
+ لا تظن أنَّ الإنسان المُقيّد بالجسديات، يمكنه أن يُصلي بدالة أمام الله.
+ إنَّ تشويش الهذيذ الداخليّ ناجم عن الاهتمام الكثير بالقريب، إذ لا يستطيع الذهن أن يهذ بالاثنين معاً.
+ صلاة الهذيذ هى أفهام من جهة الحياة، ومعرفة فاضلة عن الحياة المائتة، وهى أبواب تختلج في قلوبنا.
+ اعلم أيها الإنسان المتتلمذ للحق: إنَّ طهارة الصلاة وجمع العقل فيها هو الهذيذ الحقيقيّ.
+ إذا تقدم الإنسان بالنعمة في تدريب الهذيذ، فإنه يبتديء قليلاً قليلاً يُلاحظ الأفهام السرية الكائنة في كلام الله، والمزامير والأعمال الجارية حوله، وفى حركات الروح داخله ينظر سفينة حياته تسير للأمام يوماً بعد يوم
+ الهذيذ الدائم بالله يؤهلنا للصلاة بلا انقطاع، ومن الصلاة يتحرك القلب للهذيذ بغير فتور.
+ من ابتداء الإنسان بعمل تدبير العقل الذي هو الهذيذ بالإلهيات، وإلى أن يبلغ عمل التدبير الروحانيّ الذي هو التأمل بالروح والدهش بالله، هو محتاج إلى التغصّب في الصلاة أكثر من الأعمال الأُخرى.
+ بمداومة الهذيذ بالله وسكون الأفكار، يستطيع الضمير أن يتفرس في الله في كل أنواع الصلاة، ويكتشف معرفة فاضلة عن الله.
+ عندما يتسلّط الهذيذ على كل الأفكار، يستضيء العقل بالخفيات الداخلية ومعرفة الله، ومن هنا نقول:  " مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟" (رو35: 8).
+ حرارة الصلاة والهذيذ تحرق الآلام والأفكار كمثل نار آكلة، وهذا النوع من الهذيذ يمنحك أجنحة، ويبلغك إلى العقل الروحانيّ الذي تكون خدمته بالروح لا بالفم.
+ ليس فقط تكون عندنا الحرب كلا شيء، بل ونزدرى أيضاً بالجسد الذي سبب القتال، هذا هو تدبير الصلاة، وهذه هى منفعة الهذيذ.
+ لا يُكتب كلام الروح على دفتر القلب بقلم اللسان، بل بهذيذ العقل.
+ لا يوجد تدبير يُبعد العقل عن العالم ويُنجيه من الخطايا مثل الهذيذ بالله، هذا العمل عسر جداً وصعب لكنه خفيف وسهل.
+ إن كنت تريد أن يكون لك الهذيذ الدائم بالله، الذي هو الحجاب أمام الأفكار الفاسدة، ابدأ بكثرة الصلوات على الدوام.
+ أنا أنصحك أن تجلس في هدوء، وابدأ برفع قلبك في صلاة صامتة بدون تلاوة محفوظات من مزامير وغيرها وبدون سجود..
+ قلب البعيد عن أي ذكر إلهيّ مليء بالحقد على قريبه، أما الذي يهذ بذِكر الله فإنَّه يُكرم جميع الناس، ويجد معونة الله عوناً له عند الجميع سرياً.
التأمل *

 
+ يوجد إحساس روحيّ يتولّد من الهذيذ، فيُنعم القلب ويُفرح النفس ويُبهجها، ويوجد إحساس آخر يحل في النفس بسبب المعرفة من الهذيذ، وذلك من فرط محبة المعرفة للأمور الروحية، والتقدم في الحديث مع الله بمخافة وانشغال الضمير بمحبة هذه الأشياء، ويكون ذلك من التقدم في الهذيذ الحسن لأجل الله، والمهتم بمحبة هذا التدريب على هذه الأمور لتقويم عمله، تتولّد فيه على الدوام نظرة هذه الأمور بالروح، فإذا تنقت النفس بخوف الله، عند ذلك تحل الثاؤريا الروحية من غير أن يكون له عناية بها.
+ الصلاة تختلف عن التأمل ولو أنهما يتسببان من بعضهما، وفى التأمل يصل الإنسان إلى الرؤيا، حيث يبقى الشخص بلا حراك.
+ الصلاة شيء والتاوريا شيء آخر، ولكنَّ الثانية متعلقة بالأولى، فإذا شبهنا الأرض ببذر فإنَّ الثانية هى حمل الثمار، ولا يصح أن نُسمّي الثاؤريا أو الدهش صلاة إذ أنَّها تكون من فعل الروح القدس وتدبيره.
+ إنَّ عمل تدبير الفضيلة وسيرة العقل الخفية (الهذيذ) هى تحت سلطة الإرادة، وفيها تعب وجهاد، وهى محصورة داخل عمل الهذيذ، وأمَّا الحركة الروحانية (التأمل بالروح) فهى ليست موضوعة تحت حرية الإنسان، ولا تُقتنى بالتعليم أو التدريب أو عمل الإرادة، وإنَّما توهب لأنقياء القلب.
+ الصلاة الروحانية أعمق من الشفتين واللسان، هى أعمق من تلاوة المزامير وغيرها، وإذا ما أراد أن يُصلّي بها يغطس داخل قلبه، بعيداً عن الفهم واللسان، هناك في بلد الملائكة بغير كلام يقدّس مثلهم، فإذا عاد إلى اللسان ليُعبّر عن شعوره، يكون قد خرج من بلد الملائكة.
+ التأمل الحقيقيّ هو إماتة القلب، والقلب المائت بالتمام عن العالم هو حي بالله.
+ الأهواء تُقتلع وتهرب بالتأمل المستمر في الله، إنَّه السيف الذي يقضي عليه.
+ إنَّ بين المنهمكين بأُمور العالم وبين المنشغلين بالتأمل فرقاً! فالأولون تبتديء أُمورهم حلوة، مُفرحة، وتنتهي مرة، كئيبة، مظلمة، أمَّا الآخرون فتبتدىء أُمرهم مريرة،محزنة، مظلمة، إلاّ أنها بالفرح والبهجة والسرور تنتهي، والذي ذاق الطريقتين يعرف قيمة هذا القول.
+ صلاة اللسان مفتاح لصلاة القلب، وصلاة القلب يكون بعدها إلى الكنز، حيث لا تكون صلاة ولا دموع ولا تضرع إذ تكون الروح دخلت إلى التاوريا الروحية.
الدهش *
+ هذه النعمة يؤهل لها الإنسان إذا ما تعرى العقل من الإنسان العتيق.
+ يتبع الجلوس المنفرد دهش العقل وعدم التشتت.
+ القديسون يقولون أنَّ عقولهم تُخطف أثناء الصلاة، وتعبر حدود الصلاة المعروفة، وتصل إلى الذهول والدهش، حيث يتوقف الإنسان عن الصلاة.
+ القديسون في العالم الآتي لا يُصلون، لأن العقل يكون ابتُلع منهم بالروح، وهم يسكنون في الدهش في المجد الآتي.
+ هوذا القديس أنطونيوس إذ كان واقفاً يُصلى على قدميه 9 ساعات، أحس أنَّ عقله اُختُطف وارتفع، وآخر مكث في الدهش 4 أيام.

 
+ إذا قَرُب الإنسان من التأمل بالروح، وحظى بحدودها ينجذب إلى الأشياء التي كان يعملها متغصباً، إليها في كل وقت بلا تغصب، ويجد فيها لذة، والدهش يجذبه إليه بغير إرادته، ويوجد جاثياً، ساجداً بوجهه على الأرض، بلا أفكار أو صلاة أو هذيذ، وإنما تتأمل روحه في عظمة الله وسياسة تدبيره وحكمته، وفى الوقت الذي تُصادف فيه النفس هذا الشعور الخفي، حينما يتحرك العقل بالنعمة الروحانية، تتخلّف في الحال عن الهذيذ، وتتخلّف الحواس عن عملها، ويبقى في حالة دهش.
+ أمَّا تدبير السيرة الروحانية فهو بعيد عن عمل الحواس، لأنَّ عقول القديسين إذا ما قبلت الثاؤريا، عند ذلك ترتفع وتزول كثافة الجسم، فتكون النظرة حينئذ روحانية، وفى هذه النظرة يُدرك العقل إدراكاً حراً نقياً.. هذا هو الدهش.. وهذا هو التدبير المرتفع المزمع أن يُعطى بحرية في الحياة الأبدية، حيث لا تنقطع الطبيعة البشرية قط من الدهش الدائم بالله تعالى ولا نتصور شيئاً من الخلائق أو نرتبط بها لأنَّ الله يكون الكل في الكل.
+ إذا انقشعت حواجز الآلام من أمام عين العقل، وشخص العقل في ذلك، فإنَّه في الحال يتعالى بالدهش، فإذا أدركته النعمة فإنه يسكر فيها مثل الخمر وتنحل أعضاؤه، ويمكث فترة حائراً، ويُسبى قلبه خلف الله، ويصير كأنَّه سكر من الخمرة حتى إنَّه وهو لابس جسده لا يعلم إن كان في العالم أم لا! هذا هو مبدأ النظرة الروحانية واستعلانها.
+ إذا ارتفع من الكائنات تزول من الجسم كل علامات الصلاة، حتى الدموع وكل حركة وكل إحساس، ما خلا نبضات الحياة الطبيعية، لأنَّ تلك المعرفة لا تتنازل لتأخذ مشاركة الحواس أو تستعير أشكالاً وصوراً من هذا العالم المحسوس، بل بنظر العقل.. هكذا سمع المغبوط بولس كلاماً لا يُنطق به لا يُسمع بحواس الجسد، ونظر أشياء لا تُنظر بالحس ولا تُدرك بأشكال متجسّمة، بل بحركة العقل حينما يُخطف من الجسد.
+ في الليلة التي أسهر فيها من العشاء إلى الصباح، وبعد ذلك استريح قليلاً أقوم من النوم وأُكمل نهاريّ كمن ليس في هذا العالم، ولا يصعد على قلبيّ أيّ فكر أرضى ولا أحتاج إلى تكميل قوانين الصلاة المفروضة، لأني أظل نهاريّ كله في الدهش، والذي يؤهل إلى الئاؤريا، يكون ثابتاً كجثة لا نفس فيها، وهذا ما ندعوه بالنظرة.
+ قسّم أوقات النهار، فمنها وقت للخدمة، ومنها وقت للهذيذ، وإن نظرت هناك وقت كافٍ فليكن لنقاوة الخلجات وإن كان العقل مظلماً فلتزد في القرأة التي توافق ذلك الوقت، أمّا إذا اتّحد الهذيذ بالصلاة بالنقاوة، فعند ذلك تكمل كلمة سيدنا: " لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ " (مت20: 18)، أعنى النفس والروح والجسد، والعقل والهذيذ والصلاة، وتنتهي أمر ثلاثتهم إلى الدهش.
الرؤيا الإلهية *
+ النظر الإلهيّ هو استعلان العقل بلا حواس.
+ نظرة مجد الله هى أن يتحرك في العقل فهم على عظمة طبيعة الله.
+ بدون النور الإلهي لا تقدر عين العقل أن ترى الحق، كالعين الجسدية فإنَّ قوة نظرها لا تعمل إلاّ بحضور النور الطبيعي.

 
+ نور يسوع هو نور معقول، وطوبى للنفس التي استحقت نظرته.
+ الذين يقولون: إنَّه يمكن رؤية سيدنا في هذا العالم بالحواس، مثل من يعتقدون أنَّ في العالم الجديد شيئاً محسوساً، وأن تنعم الملكوت يكون بالحواس والوجود فيه يكون مادياً.
+ الشعور بالفرحة أثناء الصلاة خلاف الرؤية أثناء الصلاة، والأخيرة أرفع من الأولى، كمثل ما يمتاز الرجل البالغ عن الولد الصغير.
+ أحياناً تصير الكلمات حلوة في الفم، وكلمة واحدة تملأك سروراً ومن فرط الشعور بعدم الشبع لا تتركها إلى ما بعدها، ولكن حينما يدخل الإنسان في التأمل، تتلاشى الصلاة بكلماتها من الشفاه، والذي يؤهل لهذه النعمة يشعر أنه بلا جسد من فرط عدم الشعور به، ومن الذهول الذي يغشى العقل الواعي، هذا ما نسميه الرؤيا أثناء الصلاة، وليس صوراً أو أشكالاً من تزوير الخيال.
+ إذا سأل إنسان: لماذا تكون الثاؤريا والإستعلان وقت الصلاة فقط؟ نقول: في وقت الصلاة يكون عقل الإنسان مجموعاً إليه، وشاخصاً في الله باشتياق فتأتيه الرحمة، وأي وقت من الأوقات يكون فيه اللسان مستعداً، محترساً كمثل وقت الصلاة؟ متى ظهر الملاك لزكريا وبشره بيوحنا؟ أليس عندما كان يرفع البخور أمام الله! والقديس بطرس، ألم يظهر له الإستعلان بدعوة الشعوب إلى الإيمان وهو يُصلى (الساعة السادسة)! وأيضاً كرنيليوس ظهر له الملاك حينما كان يُصلى!
+ قهر النفس في العمل يولّد الحرارة اللامحدودة التي تلهب في القلب بشكل تذكارات حارة تجول في الذهن، والحرارة تسبب فيضان الدموع، التي تكون ذات منفعة في البداية، والدموع تجعل في النفس سلام الأفكار، وبسلام الأفكار ترتفع النفس إلى طهارة الذهن، ومن طهارة الذهن ينتقل إلى مشاهدة أسرار الله، وبعد ذلك يبلغ إلى مشاهدة إعلانات وآيات، وهذه الإعلانات تقرّب النفس إلى الله ومراحلها ثلاث:
. قهر النفس في الجوع والقرأة والسهر.
. الرؤيا أو المشاهدة.

. الحرارة المتولّدة من الدمع الهاديء.

معوقات الصلاة ( مارى اسحاف السريانى )

معوقات الصلاة

الاهتمام بالأمور الجسدية
+ لا يكن يا أحبائي همّ من أُمور هذا العالم حاجز بيننا وبين الله، فإذا تركنا همومنا يتنقى فكرنا في الصلاة، من أجل هذا أمرنا السيد له المجد بالتجرد من العالم ومما فيه، والتمسك بالمسكن والفقر، والابتعاد عن كل همّ، حتى يتجرد عقلنا من كل شيء، وتخلوا أفكارنا من العالم، فنشتاق إلى الحديث الدائم مع الله والاهتمام به.
+ إذا أردت أن تخرج من العالم وتترك الأقارب والأهل والبلد، وتتبع المسيح بسيرك في طريق الفضيلة، لا ترتبك بأفكار الهمّ والقوت والكسوة، لأنَّه إن كان لك عمل مع الله، فهو المهتم باحتياجاتك وإلاّ فإيمانك يتساوى مع الكافر.
+ الذي يشتاق إلى الروحانيات، يجب أن يتهاون بالجسدانيات ويرفضها بفرح.
+ بمقدار ما يتهاون الإنسان بهذا العالم ويجتهد في خوف الله، تبتديء ترافقه العناية الإلهية.
+ كلما يصغُر العالم في نظرك كلما تتزايد فيك محبة الله، وتأتيك نعمة الروح القدس، وكلما تزايدت فيك محبة العالم والتمسك به، كلما تنقص منك محبة العالم.
+ محبة العالم التي ليست مملحة بحب يسوع وفعل الروح القدس، هى غريبة عن العالم الجديد وليس لها قدرة على قطع الآلام من النفس.
الإفراط في المأكل
+ بالحقيقة نجسة هى الصلاة التي تخرج من شبع البطن..
+ أفضل لك أن تتخلف عن الخدمة (الصلاة) بسبب الضعف الناتج عن الصوم، من أن تتخلف بسبب الكسل والوخم الناتج من الامتلاء.
+ عندما يبدأ أحد بالصوم، تتولّد في ذهنه رغبة الهذيذ بالله ويفيض قلبه بالصلاة.
+ معرفة أسرار الله لا تُدرك عندما يكون البطن مليئاً.
+ لا تُثقل بطنك لئلا يتشوش ذهنك، فيضطرب حين نهوضك في الليل، وتنحل أعضاؤك وترتخي.. وتظلم نفسك وتتعكّر أفكارك، فتصبح غير قادر على ضبطها أثناء قرأة المزامير، وهكذا تفسد طعم الصلاة.
الأحاديث الباطلة
+ الغمامة تحجب الشمس والكلام الكثير يُظلم النفس، التي بدأت تستنير بالمشاهدة في الصلاة.
+ لا تستطيع ضبط الفكر في الصلاة بدون الاحتراس في الكلام والأعمال وحفظ الحواس على الدوام.
+ إنَّ كل من يجهل هذا الأمر (الأحاديث واللقاءات) فهو بالإضافة إلى حرمان جسده من النوم، يُرهق نفسه في قرأة المزامير الطويلة، ويشقى لسانه ساهراً الليل كله، وإذا كان ذهنه يطوف خارج الترتيل، فإنَّ تعبه باطل، وهو يتمم واجبه بحكم العادة، أمَّا إذا اهتم بدل اللقاءات والأحاديث والأعمال بمطالعة الكتاب المقدس، لوجد أنَّها تُغذي الصلاة وتساعد على السهر.
طياشة الفكر
+ في كل وقت يجب أن تكون يقظاً ومحترساً في خدمة الأوقات وقوانين السكون، وألاّ تطيش كثيراً وتحزنك الأفكار الرديئة.
+ لا تشتهى أن تُصلي إلاّ عندما تتنقى من طياشة الأفكار، وتجد وقتاً للصلاة بعقلك، فاجمع ذاتك من الماديات والاهتمام بها، وكل طموح وطياشة الحواس.
+ يجب ألاّ نسمح لفكرنا في الصلاة، أن ينشغل في أي شيء خلاف كلام الصلاة.
الجفاف والفتور الروحيّ
+ الخليق بنا أيها الأحباء أن نتأمل أنفسنا في وقت الصلاة، إن كان لنا تصور بألفاظ المزامير والهذيذ بالصلاة، لأنَّ هذا يحدث من السكون الحقيقيّ (الداخليّ)، والجدير بنا ألاّ نقلق في الوقت الذي يحدث فيه ظلام للنفس، ولا سيما عندما لا يكون السبب منا، واعلم أنَّ ورود ذلك إنَّما يكون بسياسة من الله.
+ في هذه الأوقات (الجفاف الروحيَّ)تختنق أنفسنا وتصير كأنَّها غارقة في اللجة، تلاطم الأمواج، ويصير الإنسان في ظلام منوط بظلام، ويذهب صنف ويأتي صنف آخر إن قرأ في كتاب أو خدم..
+ هذا الضرب من التجارب يمتحن به المؤثرون أن يتصرفوا حسناً بسيرة تدبير الصلاة، والمشتاقون إلى عزاء الإيمان وبلوغ كمال سيرته.
+ لا يظن أحد أنَّ الاستفادة في خدمة الصلوات، ونقاوة الضمير، والتنعم بسرور القلب، والعزاء الذي من الدموع، والحديث مع الله، تُحسب أُموراً روحانية إلهية فقط، بل وبالحق وبحسب رأي أقول: إنَّه حتى فكر التجديف والمجد الباطل وحركات الزنا السمجة التي تحدث للإنسان قهراً، ويتألم الإنسان بسببها، ولو يوجد الإنسان مغلوباً قدامها ويصبر ويتجلد ولا يخرج من قلايته، حتى هذه كلها تُحسب له ذبيحة نقية وعملاً إلهياً ما خلا العظمة فقط.
+ إنَّ الفتور والعظمة يفتقدان الإنسان بقصد الامتحان، فإذا تحرّك بحرارة وضغط على نفسه ونفض عنه هذه الأمور، يقترب من النعمة الإلهية ويعود كما كان، وتفتقده قوة أُخرى تُخبيء داخلها كل خير وصلاح، وكل صنف من أصناف المعونة، وعندما يتذكر تثاقله الأول، ويقارنه بالراحة والقوة اللتين افتقدتاه وحولتاه فجأة يتملكه الدهش والاعجاب.
+ إذا مل الضمير من كثرة الهذيذ في المزامير والصلوات، يتعلل الضمير بأسباب لكي يطيش، ولكن يمكن صده بحيلة حكيمة مثل الحمامة الوديعة، بالتقاط لذيذ بألحان حلوة ذات لحن حزين يُحرّك ندامة النفس، ويجعل الجسد يسكب الدموع.
+ في الصلوات أيضاً إذا قام اضطراب الأفكار على إنسان بقوة، ففي الألحان كفاية لإبطالها، اترك المزامير واشتغل بالألحان، ولا أقول لك إفعل هذا في كل وقت بل في الضرورة فقط.
+ لا تكن مهملاً واحذر التشتت دائماً، فالضجر يتولد من تشتت الذهن، والتشتت يتولّد من التوقف عن العمل، القرأة، اللقاءات، الأحاديث الباطلة، البطن المتخم..
+ أنصحك إن كنت لا تقوى على ضبط نفسك، وتعفير وجهك في التراب للصلاة، أن تُعصّب رأسك بجبتك، وتنام حتى تعبر عنك موجة الظلام، وإيّاك أن تبرح مكانك.

+ طوبى لمن يصبر على هذه التجارب داخل الباب (القلاية)، لأنَّه حسب أقوال الآباء سيبلغ مرتبة سامية وينال قوة في النهاية.

الصلاة التي بلا طياشة(اسحاف السريانى )

الصلاة التي بلا طياشة 



+ الصلاة التي بلا طياشة ليست أن يكون العقل بلا فكر ولا رؤية في شيء، بل ألاَّ يطيش في الأشياء الباطلة وقت الصلاة، وليس إذا طاش في معاني الصلاة والأمور الجيدة يكون قد بعد عن طهارة الصلاة، لأنَّه ثمة طياشة ردية وأُخرى جيدة، أمّا الطياشة الجيدة فهى أن يكون الضمير مرتبط بالله، بمجده وعظمته وفهم الألفاظ الإلهية، ويتذكر ما قُرأ في الكتب، ويتأمل في الأفكار الإلهية التي للروح.. أمَّا الطياشة الردية فهى أفكار ردية أو باطلة أو هذيذ خاطيء.
+ إننا لا نُدان لأجل أشكال وأفكار الطياشة فينا، بل نجد نعمة إذا لم نوافقها وقاتلناها، ولكن لا نُدان إذا كنا نوافقها ونُعطيها وقتاً فينا.
+ لا تتلو كلام الصلاة بعقل منشغل بأُمور عالمية، بل جاهد واعتني أن تكون أنت ذاتك كلام الصلاة، لأنَّ التلاوة ليس فيها نفع إلاَّ أن يتجسم الكلام بك ويصير عملاً، وتصير في العالم إنسان الله.
+ الذي يداوم على ترتيل المزامير بلا طياشة يمتليء من الروح القدس، أمَّا الذي يُصلي ويزمر باللسان فقط فهو بار وبعد ذلك يصير روحانياً، لأنه إذا مارس هذا العمل مدة من الزمان بصوم وجهاد، تمتليء نفسه من ذِكر الله، ويخاف ويرتعب من الدينونة، ويحسب كل الناس أفضل منه.
+ احذر أن ترتبك في صلاتك، فإذا تشتت فكرك أثناء الصلاة، عد وارجع إلى الخلف مزمورين أو أكثر، وقل آية تحلو لك، رددها بتأمل.
+ إذا كان ذهنك مشتتاً وغير قادر على الصلاة ثابر على المطالعة، وإذا كان بإمكانك فضَّل المطالعة حتى على المزمور لأنَّها أُم الصلاة.
+ إذا تشتت أفكارك وأنت في السكون، وتهاونت في تكميل خدمة المزامير وقوانينك، فإنَّ أفكار آلامك تنمو بالأكثر داخل نفسك وتضغط عليك أكثر من مجاذبات الشياطين.
+ لا يمكن أن يدوم العقل في الصلاة بلا فكر، ولكن نريد أن يكون فكر العقل في الصلاة نفسها وفي معاني كلماتها.

صلوات للقديس ما إسحق
يا ربيّ وإلهيّ مدبّر خليقته، العارف بضعف طبيعتنا وأوجاعنا وقساوة عدونا، أسألك نجني من شره، لأنَّ قوته عظيمة وطبيعتنا ضعيفة.. أيها الصالح العارف بضعفنا وحامل عجزنا، خلّصني من تشويش الأفكار، وضغط الشهوات، وأهلني لخدمتك المقدّسة لئلا تشوش عليها ضعفاتي وأوجد أمامك متجاسرا.. يا مصدر كل معونة، القادر على كل شيء، أعنَّا يا سيد، في أوقات صراعنا.. وأنعم علينا بقوة نهدم بها حصون وكل علو يرتفع ضد معرفتك، حتى لا تميل نفوسنا عن الغرض الأسمى الموضوع أمامها، أو يُصيبها الخور فلا تواصل السير..
(لك المجد إلى الأبد آمين).
أعطني يارب أن أكون من خاصتك وقوّم أفكاري ونقها، لأنّي لازلت ناقصاً عن الكمال الذي تُريده.. أعطني أن أخدمك في إنساني الباطن، أنت الذي تفحص القلوب، امنحني أن أُكرّس قواي لخدمتك، وأهّلني أن أحمل دوماً نيرك الخفيف، يا قابل النذور والعشور إقبل إليك تقدمة نفسي، وامحو ذنوبي واعطني نشاطاً، لكي أبذل كل اجتهاد حتى أرث الحياة بنعمتك، ولكي تُشجع حياتي الخطاة والكسالى، لينهضوا ويجاهدوا في خدمتك، وأكون نوراً وسط الظلمة بكثرة محبتك.. أعني لأعتزل مبغضيك وأكون رفيقاً لقديسيك الذين أرضوك بجهادهم..
(لك السبح أيها العزيز آمين)
أيها السر الخفي الذي ظهر في الجسد فجدده بعد فساد، أظهر في سر تجديد القديسين الذي هو عربون ميراث الخيرات العتيدة، يا من بعُري جسده جرّد الرياسات والسلاطين وأشهرهم جهاراً، وكسا طبيعتنا لباس عدم الفساد، عرّني يارب من الإنسان الفاسد بسر التجديد، وحرّك أعضائي وقواي حسب الإنسان الجديد، الذي ألبستني إياه بسر معموديتك.. أهّلني يارب لتذوق نعمة التوبة الحقيقية، وأخرجني من الظلمة إلى نورك.
(لكي أُسبحك بقلبي آمين)

يانفسي وحّدي قواك واجتهدي حتى يرتفع قلبك بعشرة الله، بعشرة ربّك، ارفعي فكرك عن الأرضيات وأسمي بحواسك عن الوطن السماوي، الذي أعده لكِ فاديكِ، ارتفعي إلى حيث هو وكلّميه لأنَّه يُحب حديثك ويستلذ صوتك أكثر من لذته بأصوات السمائيين، ووقع كلامه في أُذنك أبهج إليه من جمال الكاروبيم، ومنظرك عنده أفضل من بهاء الساروفيم.. هو لمحبته خرج في طلبك، فاخرجي أنتِ في طلبهِ كما فعل هو، وكما تنازل لاتضاعك ارتفعي أنتِ إلى سموه.. ٍاقطعي حديثك مع الأموات لتتفرغي للحديث مع محي الموتى، لأنك لن تجدي أحلى من عشرته ولا ألذ من حديثه..

عوامل تساعد على الصلاة (مارى اسحاف السريانى )

عوامل تساعد على الصلاة


الاستعداد اللائق
+ الصلاة يسبقها الخُلوة، والخُلوة يمكن التمرّن عليها بالصلاة، ومن الاثنين نكتسب حُب الله، لأنَّ في كليهما أسباب تدعو إلى حُبّه، والحُب هو ثمرة الصلاة.
+ تكون الصلاة بالقلب المنفرد (أي بالخُلوة والانفراد) لكي ما يكون لنا بالوحدة مكان نتحدّث فيه مع الله.
+ قبل أن تبدأ الصلاة هييء الوعود أي غنائم الصلاة، سفينة نوح صُنعت وقت السلام لكنَّ أخشابها زُرعت قبل مائة عام.
المُمارسات الجسديّة
+ بمقدار الكرامة التي يُظهرها الإنسان أثناء الصلاة، سواء كان ببسط اليدين إلى السماء، أو قياماً متعففاً، أو سقوطاً إلى الأرض، وبمقدار تعظيمه لله، فإنَّه يؤهل للنعمة الإلهية وفعل الروح القدس فيه.
+ أمَّا الذين زُلّوا بأفكار وظنّوا أنَّ الصلاة يكفي أن تكون في الفكر فقط، فيُصلّون وهم مضطجعون على ظهورهم، أو جالسون باستحقار، ولم يعتنوا أن يُزينوا أنفسهم وقت الصلاة بأعمال حسنة وقيام، ولم يخرّوا على وجوههم كمن يتقدم إلى لهيب نار، ولم يأخذوا أنفسهم بالقسر لتقديم الكرامة اللائقة بالرب، هؤلاء ما فطنوا إلى فكر العدو وقسوة حِيَّله، لأنَّهم يُسلّمون أنفسهم إلى الزور والضلالة ويُحسبون كمائتين، وحركاتهم إنَّما هى نفسانيّة فقط، ولم يصلوا إلى الدرجة الروحانيّة.
+ احترس من أن تتمدد بجسدك أمام الله، وتزدري بالصلاة من أجل راحة الجسد.
+ على قدر الاهتمام بالتدبير الحسن والوقار في الصلاة، وبسط اليدين إلى السماء، والقيام بعفة، والسقوط بالوجه على الأرض، توجد نقاوة الخلجات (الحركات)، واستضاءة الفكر، ونوال بركات كثيرة من العلاء.
+ الذي لا يقتنى واجبات الصلاة، لا تُصدّق أن يكون له صلاة.
الأعمال الحسنة
+ الصلاة التي لا تقترن بأفكار فاضلة، هى كلام ساذج ليس لها قوة عند الله، أمَّا إذا اقترنت قوة السير الحسنة بالصلاة يكون أثرها كلهيب نار، لأنَّ قوة عظيمة هى الصلاة التي يُصليها البار كقوله " طِلْبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرا ًفِي فِعْلِهَا " (يع16: 5)، والقوة ليست في الكلام بل في البر.
+ كن مداوماً على الصلاة واقرنها بالأعمال الحسنة، لأنَّه بالأعمال الجيّدة والتدابير الصالحة يتزين الإنسان أولاً، وبعد ذلك يتقدّس بالصلاة.
الاجتهاد والتغصّب
+ لا يُتوجْ أحد إن لم يجاهد حسب زي وشرع تدبير الجهاد، كقول معلمنا بولس الرسول: " وَأَيْضاً إنْ كَانَ أحَدٌ يُجَاهِدُ لاَ يُكَلَّلُ إنْ لَمْ يُجَاهِدْ قَانُونِيّاً " (2تي5: 2)، لأنَّه كما أنَّ لكل شيء ناموساً وترتيباً، هكذا أيضاً في السيرة الروحانية.
+ كل إنسان لا يُجاهد حسب ترتيب ناموس الجهاد، لا يتقدّم تدبيره، وبالأخص في هذا الجهاد غير المنظور، الذي يفوق العالم في صفاته وتدبيره، والذي يتخلف عن هذا فإنَّ انغلابه يكون متوقعاً دائماً.
+ اغصب نفسك في صلاة نصف الليل، وزدها ولو مزموراً واحداً وسجوداً زائداً، فإنَّ نفسك تنتعش وتدنو من معونة الله وتؤهل لحفظ الملائكة.
+ اغصب نفسك في هذيذ المزامير، وإذا حان وقت الصلاة، فاغصب نفسك وقم لتشترك في الخدمة، والقِِ عنك ثقل الجسد، الذي يدعوك للتخلّف عن العبادة.
+ اغصب نفسك على الصلاة قبل مواعيدها لكي تخف عليك، وإذا فاتك وقت من أوقاتها بسبب عارض فلا تضطرب أو تتسجس من هذا فتهملها وتتهاون في تكميلها.. فمثلاً:
إذا كانت صلاة باكر ومضى من النهار ساعتان، فابدأ واخدم مزاميرك وأكملها بلا نقص بجميع واجباتها، بهدوء وبغير ارتباك ولو كان وقت العشاء، ولا تتكدّر لأنّه ليس لك عمل ضروريّ أفضل من الصلاة.
+ لا تتبع راحة الجسد بل صلٍِ بجد واهتمام، حتى لو كنت طول النهار تكد وتتعب.
+ عوّد ذاتك واغصب نفسك، لتجمع الفكر في خدمة المزامير، وبالأكثر في الليل، ليأخذ عقلك إحساس الروح وفرح الكنوز في المزامير، فإذا تذوّقت هذه النعمة فلن تشبع من المزامير.
+ احذر من أن تترك شيئاً من خدمة الأوقات قبل أن تنام، بل اتعب جسدك في الصلاة، لكي في وقت نومك، تحفظ الملائكة جسدك ونفسك، من المناظر المخيفة، والرؤى المزعجة، ومُعاكسة الشياطين.
+ من غير التغصّب لا يوجد صوم، ولا عفة جسد، ولا حزن في الصلاة، ولا خدمة روحيّة، ولا ضرب ميطانيات، ولا تلاوة مزامير..
+ صلِِ بطول روح وتأنّى في المزامير بصبر وتجلّد بدون ضجر ولا تتلوها كمضغوط.
+ لا تنظر في الوقت وتسوّف في الساعات وتتكاسل، بل اغصب نفسك وقم في نصف الليل، حتى لو كان النوم ثقيلاً عليك والجسد مُتعَباً، لأنَّ هذا هو الوقت المقبول وهذه هى ساعة المعونة.
+ إذا كنت تسأل إلى أي حد أغصب ذاتيّ؟ أقول لك: إلى حد الموت اغصب نفسك من أجل الله.


راى المسيحيه فى التبرع بالدم والتبرع بالاعضاء

التبرع بالدم
أريد أن أعرف رأي المسيحية في موضوع التبرع بالدم..

الإجابة:
المبدأ العام هو أن التبرع بالدم كالتبرع بالأعضاء، مسموح به في المسيحية.. فعلى حد علمي أن الدم طبياً يعتبر tissue أي نسيج؛ فهو عضو كغيره من الأعضاء.. بل بالأكثر فالكنيسة تشجع جميع أبنائها على هذه الخدمة الجليلة وهي التبرع بالدم، لأنها نوع من أنواع المشاركة.. فالذي له يعطي الذي يحتاج.. إننا نعيش في عالم واحد، وقد خلقنا الله في إختلافات كثيرة لنتعاون ولنساعد بعضنا بعضاً. إن دمي الذي أعطيه في التبرع ليس في سبيل رجل أو إمرأة.. ولا في سبيل مسلم أو مسيحي.. إنه من أجل محبتي في الله، أساعد الإنسان.. الذي هو خليقة الله، بغض النظر عن الجنس أو الدين أو الشكل.

وعامة، فالحالة التي لا يُصَرَّح فيها بالتبرع هي أن التبرع (بالدم أو بالأعضاء) سيضر بالمتبرع؛ حيث يُمنَع التبرع بالكلية مثلاً إذا كانت الكلية التس ستتبقى لا تحتمل العمل المقدر لها أن تقوم به.. وبخصوص الدم يُمنع التبرع في حالات مثل نقص الوزن أو مشاكل ضغط الدم أو غيره.. لو تبرع شخص وهو على علم بأن حالته لا تسمح، فهذا نوع من حالات الإنتحار البطيء، وهذا ما لا تقره الكنيسة.. فالإنتحار suicide جريمة، ويعتبر قتل للنفس. لذا يتم عمل الفحوصات الطبية السريعة قبل التبرع للتأكد من أن المتبرع لن يتضرر وأن المتلقي لن يناله الضرر كذلك.. يجب ألا نسقط في إغراء العدد؛ فليس المهم هو كمية الدم التي نحصل عليها في كل حملة، إنه الكيف الذي يعنينا هنا.

ومن الجدير بالذكر أن مئات الكنائس القبطية في كل أنحاء الجمهورية المصرية، تقوم بحملات التبرع بالدم مرة أو مرتان كل عام.

يحدثنا السيد المسيح في الموعظة على الجبل فيقول: "متى صنعت صدقة، فلا تُعَرِّف شمالك ما تفعل يمينك، لكي تكون صدقتك في الخفاء، فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية" (إنجيل متى 3: 6). وهكذا قرر لنا السيد المسيح في هذا الأمر مبدأ الخدمة المستترة؛ فهي المخفية عن أعين الناس، لكنها ظاهرة ومعروفة أمام الله. ومن أعظم هذه الخدمات هي خدمة التبرع بالدم؛ فأنت تتبرع بدمك ولا تعرف إلى مَنْ يذهب، وأيضاً مَنْ يأخذ الدم لا يعرف من أين أتى. ولكن الذي يجب أن تعرفه أنك يمكن أن تساهم في إنقاذ حياة إنسان لا تعرفه بتبرعك هذا. لأجل هذا أدعوكم جميعاً للتبرع بالدم في الحملات التي تنظمها الجهات المعنية..

وإعلم أنك مديون بحياتك للمسيح؛ فالمسيح له المجد قد سفك دمه من أجل إنقاذ حياتك من موت الخطية. وكذا الشهداء والقديسين سفكوا دمائهم حباً في السيد المسيح.. وأنت بعطائك هذا تثبت حبك للإله الواحد من خلال حبك لخليقته...

وقد قال الكتاب المقدس في تشجيع العطاء على لسان سليمان الحكيم: "إرمِ خبزك على وجه المياه، فإنك تجده بعد أيام كثيرة" (جامعة 11: 1). إن مثل هذا العطاء لن ينساه الله.
التبرع بالدم
إذا طلب مني التبرع بالدم في مستشفى ولم أفعل، فهل هذا يعتبر خطية؟

الإجابة:
أولا، التبرع بالدم هو عادة حميدة.. ولها العديد من الفوائد؛ منها ما هو يفيد الصحة الشخصية للمتبرع نفسه.

ثانياً.. الكتاب المقدس يقول: "من يعرف أن يعمل حسنا ولا يعمل، فذلك خطية له" (يع17: 4). فمن يوضع أمامه فرصة لعمل الخير ثم يدير ظهره، فهذا بالتأكيد يحسب عليه وليس له.. فينبغي أن تنتهز الفرص لعمل الخير في كل وقت وكل شيء وكل يوم.. واليوم الذي يعبر دون أن تمارس فيه الخير والمحبة للآخرين بغض النظر عن شخصياتهم أو دينهم أو مدى قربهم لك، فهذا اليوم لا تحسبه من عمرك! لقد كان السيد المسيح يجول يصنع خيراً (أع38: 10).

هناك بضعة أمور قد تمنعك من التبرع، منها ما هو صحي، مثل المشاكل الصحية أو صغر السن.. إلخ. وفي هذه الحالة لا خطأ عليك، ولكن كما يقول المثل الشعبي المصري: "المهم النية":) وهناك بعض الأمور الأخرى التي ينبغي عليك مجابهتها وتشجيع نفسك على التبرع، وأهمها هو الخوف.. سواء عدم الإعتياد على الحقن، أو الخوف من الألم، أو رهبة الموقف أو غيره.
التبرع يفيد المتبرع إليه حقاً، ولكنه يفيدك أيضاً: صحياً ونفسياً وروحياً! فيقول الحكيم يشوع بن سيراخ: "إن لم تدخر في شبابك، فكيف تجد في شيخوختك؟!" (سي5: 25). ويقوم الحكيم الآخر وهو سليمان الملك بتفسير الأمر قائلاً: "ارم خبزك على وجه المياه؛ فانك تجده بعد أيام كثيرة" (1: 11). "لأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَالِمٍ حَتَّى يَنْسَى عَمَلَكُمْ وَتَعَبَ الْمَحَبَّةِ" (عب10: 6). فالله الحبيب يجازي عن هذا في السماء وفي الأرض.. أتذكر في أحد المرات كنت نازلاً على سلالم بعد أحد العروض في مكتبة الإسكندرية، وكانت أمامي سيدتان متقدمتان في السن، ينزلان ببطء.. فتوقفت عن إسراعي، وبدأت أنزل ببطء مثلهم.. فإبتعدت واحدة منهم عن الطريق لتفسح لي المجال لأعبر قائلة: "عدّي إنت، إحنا حاننزل على مهلنا"، فابتسمت وقلت لها: "لا.. خدوا راحتكوا.. أنا أستنى شوية دلوقتي عشان ألاقي حد يصبر عليّ بعدين".

على أي الأحوال، لا تندم على ما فات.. هناك الكثير من الفرص القادمة.. والفرص موزعة على الجميع، الفرق في أن شخصاً ما يستفيد من الفرصة، وآخر يفكر طويلاً حتى تضيع، وثالث يخاف وينسحب ويفضل الحياد!

وأنا رأيي أن تقوم بالتجربة، فهي أفضل سبيل لمجابهة الخوف، ووضعه في حجمه الطبيعي.. أنت الآن في شبابك تقدر، ولكن ينقصك الإرادة.. ربما بعد بضعة سنوات ستكون لديك الإرادة، في وقت تخونك فيه القدرة.. فجرب الآن، حتى لا تأتي في يوم من الأيام وتقول: "ياريتني كنت حاولت"! ولا تنسانا من صالح الدعاء، وإخبارنا بتطورات الأمر معك

أهداف الصلاة

أهداف الصلاة


نقاوة القلب هدف عام للصلاة
+ إن كنت بالحق تُحِب الله، فإنَّ اشتياقك إلى نقاوة القلب ينبغي أن يكون أكثر من كل شيء، وإلى هذا الهدف صوّب جميع قصدك، وغرضك، وسيرتك، واسأل واقرأ، وتعلّم ما هى الصلاة؟
+ إنَّ كل الأحكام والوصايا التي وضعها الله لجنس البشر تحُدّها نقاوة القلب، وكل أنواع الصلاة التي يُصلي بها بنو البشر تحُدّها الصلاة النقية.
+ إذا سأل إنسان في الصلاة من أجل النجاة من تجارب، أو أتعاب الحياة، أو قتال، أو طلب النصرة على البلايا.. فالله يمنحه رغباته، أمَّا بخصوص الأسرار التي للروح، ومواهب وبركات الصلاة، ودخول العقل خلف حجاب قدس الأقداس، وإدراك الميراث الذي لا يضمحل، فإذا لم يدفع الإنسان ثمنها فالله لن يُعطيها ولو قامت الخليقة تتوسل نيابة عنه، أمَّا استحقاقها فهو نقاوة النفس.
مخافة الله هدف أساسيّ
+ مخافة الله تتقدم محبته، والذي يعمل بالوصايا لأجل محبّة الله يُعطى له في الأول خوف الله، لأنَّ خوف الله ضروريّ في البداية لتكميل الوصايا (منها الصلاة)، التي تحتاج إلى تغصّب وجهاد.. كما أنَّ خوف الله يساعد في مقاتلة الخطية التي تُقاوم الإنسان عند تكميله الوصايا، والعمل الذي يصل به الإنسان إلى كمال خوف الله هو ألاّ يُخطيء خطية كبيرة أو صغيرة..
الاتَّحاد بالله هو غاية السعي كله

+ الاتَّحاد بالمسيح هو غايتنا وليس شيء آخر سواه. 

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...