‏إظهار الرسائل ذات التسميات فيديوهات مشجعه. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات فيديوهات مشجعه. إظهار كافة الرسائل

مفهوم الحرية

2) مفهوم الحرية

1- إن الله يحب لكل إنسان أن يكون حراً
2- يقابل الحرية حساب ومسئولية
3- ليس من حقك أن تنال حرية مطلقة
4- ضوابط الحرية لفائدتك وليس لتقييدك
5- الحرية الحقيقة هي التحرُّر من الأخطاء
6- الذي يتحرر من الخطية، يستطيع استخدام الحرية بطريق سليم
7- يضغط البعض على نفسه ليصل إلى الحرية الحقيقية

1- إن الله يحب لكل إنسان أن يكون حراً
نود في هذا الباب أن نعرض على التوالى بعض المفاهيم، لأمور معينة في الحياة الروحية، والحياة الاجتماعية.
وسنبدأ بموضوع الحرية ونناقشه معا، مع أبنائنا الشباب:
أولا: إن الله يحب لكل إنسان أن يكون حرا.
وقد خلق الإنسان بإرادة حرة. وقال له في آخر سفر التثنية:
(انظر. قد جعلت اليوم قدامك: الحياة والخير، والموت والشر..
أشهد عليكم اليوم السماء والأرض.
قد جعلت قدامك الحياة والموت، البركة واللعنة. فاختر الحياة، لكى تحيا أنت ونسلك إذ تحب الرب إلهك، وتسمع لصوته وتلتصق به، لأنه هو حياتك..) (تث 30: 15 –20).

2- يقابل الحرية حسابٌ ومسئولية
فالإنسان أو الكائن غير الحر، لا يحاسب على أفعاله. أما مع الحرية، فيوجد حساب على كل ما يفعله الإنسان خيرا أو شرا.
فينال المكافأة على أعماله الخيرة.
كما توقع عليه العقوبة في أعماله الخاطئة أو الشريرة.
آدم وحواء كانا حرين.
وأمامهما وصية الله.
يمكن أن يطيعاها أو يخالفاها.
وقد خالفا الوصية.
وأوقع الله على كل منهما عقوبة مسببة (تك 3: 9 – 19).
والعقوبة على الخطأ الذي يفعله الإنسان بحريته،
هى عقوبة مزدوجة:
على الأرض وفى السماء.
وقد ينجو الإنسان من العقوبة على الأرض.
ولكن تبقى العقوبة في العالم الآخر قائمة،
لا تمحى إلا بالتوبة (لو 13: 3، 5) .
كما أن الخير الذي يفعله الإنسان بحرية إرادته،
له مكافأة مزدوجة أيضا.
وإن لم ينل الإنسان مكافأة على الأرض،
فأجره محفوظ في السماء:
(أبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك على علانية) (مت 6: 4، 6).

3- ليس من حقك إطلاقاً أن تنال حرية مطلقة
فأنت حر في كل ما تفعله، بحيث أنك لا تعتدى على حقوق أو حريات الآخرين. وبحيث أنك لا تكسر وصايا الله، ولا تخالف القانون والنظام العام الذي جعل من أجل سلامة وراحة الآخرين..

فليس من حقك مثلا أن تركب سيارة وتخالف قواعد المرور، وتقول: أنا حر، أسير حيثما أشاء!! وليس من حقك أن ترفع صوتك في ضوضاء تزعج بها الآخرين، وتقول: أنا حر أرفع صوتى كما أشاء!! وليس من حقك أن تأخذ معك ورقة تغش بها في الامتحان، وتقول أنا حر، استعمل ما أشاء من أوراق!!

كذلك كما تستخدم حريتك، بحيث لا تضر الآخرين ولا تخالف النظام العام . فأنت أيضا من حقك أن تستخدم حريتك، بحيث لا تضر نفسك.

لأن نفسك ليست ملكا لك. إنها ملك لله الذي خلقها وفداها، وملك أيضا للمجتمع الذي رعاك ورباك وله عليك حقوق يجب أن تؤديها..

ولذلك فقتل الإنسان لنفسه بالانتحار، جريمة يعاقب عليها الله. ولا يوافق عليها القانون. ونفس الوضع ينطبق على من يضر نفسه عن طريق التدخين أو المخدرات. فليس من حقه أن يقول أنا حر، أدخن كما أشاء، وأتعاطى المخدرات كما أشاء!!

لأنه ليس من حقه أن يهلك نفسه. وليس من حقه أن يحرم المجتمع من وجوده مؤديا واجبه نحو المجتمع.

4- الضوابط التي توضع على الحرية، هي لفائدتك وليس لتقييدك
ومن فائدتها أنها تمنعك عن الإضرار بنفسك، ومن الإضرار بغيرك، ومن الإضرار بالمجتمع، ومن مخالفة وصايا الله..
النهر له شاطئان، لا يقيدان مجراه، وإنما يحفظانه.
وإذا لم تكن للنهر شواطئ، فإنه سينسكب ويفيض على الجانبين، ويغرق الأرض، ويحولها إلى مستنقعات .

أترى يستطيع أى نهر أن يحتج على وجود شاطئين له، ويقول إنهما يقيدان حريتى؟!

كذلك أنت: الشاطئان بالنسبة إليك، هما وصايا الله، وقوانين أو تقاليد المجتمع. أو الشاطئان هما الدين والتربية.
وكلاهما لفائدتك.
فالطفل الذي يرفض التربية، ويحسبها تقييدا لحريته، والشاب الذي يرفض نصيحة أبويه أو معلميه أو مرشديه، ويرى ذلك تقييدا لحريته، لابد أنه سيفسد، ويفقد الطريق السليم السوى، ويضل..
فهو الضلال هو إسم آخر للحرية، أو نتيجة لها؟!

5- الحرية الحقيقية هي أن يتحرَّر الإنسان من الأخطاء
فيتحرر من الخطايا والسقطات، ويتحرر من العادات الرديئة.
يتحرر من كل المشاعر الرديئة، ويتحرر عقله من الأفكار المنحرفة ومن كل خطأ فكرى..
يتحرر أيضا من الخضوع للشيطان وكل أعوانه.
ويتحرر من كل قيادة تفرض سلطانها على إرادته،
لتقوده حسب هواها في مسيرة منحرفة.
هذه هى الحرية، التي قال عنها الكتاب:
(إن حرركم الإبن، فبالحقيقة تكونون أحرارا) (يو 8: 36)

6- الذي يتحرَّر داخله من الخطيئة، يمكنه أن يستخدم الحرية الخارجية بطريق سليم
فمثلا الذي يتحرر من الكراهية والقسوة والعنف والظلم، يستطيع أن يستخدم حريته في التعامل مع الناس بطريق سليم. أما إن كان ظالما أو قاسيا، وقال أريد أن استخدم حريتى في التعامل كما أشاء.. فإنه سوف يؤذى غيره بقسوته وبظلمه، أو بعدم تحرره من القسوة والظلم..

كذلك الذي لم تتحرر عفته من الشهوات الجسدية، فإنه، حينما يستخدم حريته لتنفيذ شهواته، لابد سيؤذى نفسه وغيره . وفيما يظن أنه يستخدم حريته، يكون قد أضاف قيودا جديدة على عفته ونقاوته.

وأيضا الفتاة التي تقول ألبس كما أشاء، وأضحك وألهو كما أشاء. وبهذا الأسلوب تعثر غيرها وتسقطه، وتسقط هى أيضا معه.. هذه الفتاة لم تتحرر بعد من الداخل. لذلك تستخدم حريتها الخارجية بطريقة ضارة لها ولغيرها..

والطالب الذي يلعب طول العام ويهمل دروسه، ويقول أنا حر!! إنما يضر نفسه باسم الحرية الخاطئة ويفقد مستقبله. لأنه لم يتحرر في الداخل من سيطرة اللهو عليه..
إذن نصيحتنا لك: استخدم حريتك لفائدتك وفائدة غيرك.
وتحرر أولا من الداخل، قبل أن تمارس الحرية الخارجية.

7- يضغط البعض على نفسه، ليصل إلى الحرية الحقيقية
فلا يعطى ذاته كل ما تطلب، لئلا يصل إلى تدليل النفس، ويفقد سيطرته على نفسه، وبالتالى يفقد حريته الحقيقية.
وهكذا يدخل هذا الإنسان في تداريب روحية لضبط النفس، لضبط اللسان فلا يقع في أخطاء.
لضبط الأعصاب حتى لا يثور ويفقد غضبه معارفه وأصدقاءه وأيضا تداريب لضبط الفكر، حتى لا يسرح في أمور تضره.

بل يدخل في تداريب لضبط الحواس، ولضبط الجسد بالصوم والسهر، وضبطه في البعد عن الشهوات حتى لا ينساب في الملاهى والملاذ الجسدية ويفقد روحياته.

هل يجوز أن يقول أحد أسلك حسب هواى، بحريتى، ولا بضبط نفسه ويغصبها على عمل الخير؟!
وإن سلك هكذا، أيكون حرا أم مقيدا بشهواته؟!

4) مفهوم الطموح

4) مفهوم الطموح

1- مفهوم الطموح
2- الطموح الخاطئ
3- الفرق بين الطموح الروحي والطموح الخاطئ

1- مفهوم الطموح
الطموح هو الرغبة في الازدياد، والتطلع باستمرار إلى قدام.
هو حالة إنسان لا يكتفى، ولا يحب أن يقف عند حد.
فهل هذا خطأ أم صواب؟ هل هو وضع روحى أم غير روحى، طبيعى أم غير طبيعى؟
يستمر فيه الإنسان أم يقاومه؟
إنه سؤال هام نجيب عليه الآن، من حيث نوعية الطموح واتجاه مساره.

الطموح هو شئ طبيعى. جزء من طبيعة الإنسان.
فكيف ذلك؟ نقول إن الإنسان قد خلق على صورة الله ومثاله.

والله غير محدود فكيف يكون الإنسان على صورة الله في هذه الصفة بالذات، بينما الله هو الوحيد غير المحدود؟

الإجابة هى:
لقد وجد الله في الإنسان اشتياقا إلى غير المحدود.
مادام الإنسان لا يمكن أنت يكون غير محدود في ذاته، لأن هذه صفة الله، لذلك أصبحت عدم المحدودية يمكن أن تكون في رغباته وفى طموحاته.. كلما يصل إلى وضع، يشتاق إلى ما هو لأعلى، وما هو أفضل، في النطاق المسموح به لإنسانيته، بحيث (لا يرتئى فوق ما ينبغى.. بل يرتئى إلى التعقل) (رو 12: 3).

مادام الإنسان على صورة الله، إذن فالطموح شئ طبيعى.

ولكن يختلف الطموح من شخص لآخر.
وحسب نوع الطموح عليه بأنه خير أو شر..
لكى تمتلئوا إلى كل ملء الله) (أف 4: 18: 19).
صدقونى يا أخوتى أننى أقف مبهوتا ومنذهلا، أمام هذه العبارة الأخيرة:

(لكى تمتلئوا إلى كل ملء الله)..!
مادام طريق الكمال طويلا جدا إلى هذا الحد، وإلى هذا المفهوم العميق،

إذن ينبغى علينا أن لا نسير فيه ببطء أو تكاسل، بل نستمع إلى القديس المختبر وهو يقول (أركضوا لكى تنالوا..)

(1كو 19: 24) ويطبق هذا على نفسه فيقول (إذن أنا أركض هكذا) (1كو 9: 26).

عجباً على هذا القديس، الذي كان مازال يركض، حتى بعد أن صعد إلى السماء الثالثة.

الطموح المقدس إذن هو طموح روحى.
نحو الهدف الروحى، وبأسلوب روحى.
ومع ذلك هناك طموح آخر، عالمى وخاطئ، فما هو؟

2- الطموح الخاطئ
إنه طموح مركز على الذات، ولأهداف عالمية، وربما بوسائل خاطئة..
مثل الطموح في الغنى، في اللذة، في الشهوة، في المال، في الألقاب، في العظمة في المجد الباطل، وما أشبه..

مثال ذلك الغنى الغبى.
هذا الذي (أخصبت كورته) فقال (أهدم مخازنى، وابنى أعظم منها، وأجمع هناك جميع غلاتى وخيراتى. وأقول لنفسى: يا نفسى لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين عديدة. استريحى وكلى وأشربي وأفرحي) (لو 12: 18، 19) وهكذا كان مركزا في المادة وحول ذاته. ولم تدخل علاقته بالله في طموحه لذلك سمع ذلك الحكم الإلهى (يا غبى، في هذه الليلة، تؤخذ نفسك منك. فهذه التي أعددتها، لمن تكون؟!) (لو 12: 20).

مثال آخر هو سليمان الحكيم:
كانت طموحاته في العظمة والرفاهية، وفى اللذة والنساء. وهكذا قال عن نفسه (عظمت عملى. بنيت لنفسى بيوتا، غرست لنفسى كروما، عملت لنفسى جنات وفراديس.. قنيت عبيدا وجوارى جمعت لنفسى أيضا فضة وذهبا، وخصوصيات الملوك والبلدان. اتخذت لنفسى مغنين.ومغنيات، وكل تنعمات البشر سيدة وسيدات. فعظمت وازدادت أكثر من جميع الذين كانوا قبلى في أورشليم ومهما اشتهته عيناى لم أمسكه عنهما) (جا 2: 4 – 10).

وماذا كانت نتيجة كل هذه الطموحات العالمية؟ يقول سليمان (ثم التفت أنا إلى كل أعمالى التي عملتها يداى، وإلى التعب الذي تعبته في عمله، فإذ الكل باطل وقبض الريح، ولا منفعة تحت الشمس) (جا 2: 11).

نعم، هذا هو الطموح العالمى الباطل.. وكيف أنه قاد سليمان إلى الخطية وإلى عقوبة الله. وقال عنه الوحى الإلهى (إن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى. ولم يكن قلبه كاملا مع الرب إلهه) (1مل 11: 4).

من الطموحات العالمية أيضا: الذين بنوا برج بابل.
أرادوا العظمة والعلو. وقالوا (هلم نبن لأنفسنا مدينة، وبرجا رأسه في السماء ونصنع لأنفسنا إسما) (تك 11: 4). فكانت النتيجة أن الله بلبل ألسنتهم، وبددهم على وجه الأرض..

(تك 11: 7، 8) لأن الله لم يوافق على هذا الطموح الممتزج بحب العظمة والكبرياء

ولكن أسوا طموح، كان طموح الشيطان!!

هذا الذي كان ملاكا ورئيس ملائكة، هذا الذي لقبه الكتاب بالكاروب المنبسط المظلل. وكان كاملا في طرقه يوم خلق (حز 28: 14، 15).

وعلى الرغم من سقوطه استمر في طموحاته الشريرة.

حتى وصل به الأمر أنه من على جبل التجربة قال للسيد المسيح له المجد، وهو يشير إلى جميع ممالك الأرض ومجدها (أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لى) (مت 4: 8، 9) فانتهره الرب قائلا أذهب يا شيطان.

 واستمر في طموحاته، يريد أن ينافس الله، ويضل الأمم الذين في أربع زوايا الأرض (رؤ 20: 8) ويسبب الارتداد العظيم الذي يسبق المجئ الثانى (2تس 3، 9) وبنفس هذا الطموح الخاطئ عمل على إسقاط أبوينا الأولين، في الإغراء على الأكل من شجرة معرفة الخير والشر، قائلا (تصيران مثل الله عارفين الخير والشر) (تك 3: 5).

هناك نوع من الطموح يمتزج بالغرور.
غرور سابق للطموح، وغرور لاحق له..

أما عن الغرور السابق، فهو أن يظن الشخص في نفسه فوق ما يستطيع ويرتئى فوق ما ينبغى (رو 12: 2) وربما يقفز إلى درجات روحية فوق إمكانياته، فلا يحسن منها شيئا بل يهبط إلى أسفل. أو يطمح إلى مسئوليات فوق قدراته فيفشل..

وإن نجح في شئ، يلحقه غرور آخر فيطلب المزيد..

إن كثير من القادة السياسين أضاعهم الطموح الزائد في الاتساع ومواصلة الانتصار، حتى انتهوا إلى الفشل والضياع، مثلما حدث لهتلر ولنابوليون أيضا..

إن شهوة الاتساع والامتداد كثيرا ما أتعبت الطامحين.

وأوصلتهم إلى الطمع وعدم الاكتفاء. كما يقول سليمان الحكيم (كل الأنهار تجرى إلى البحر، والبحر ليس بملآن) (جا 1: 7) وأيضا (العين لا تشبع من النظر، والأذن لا تمتلئ من السمع) وهكذا تجد كثيرا من المحارَبين بالطموح العالمى، نفوسهم في تعب مهما نالوا ومهما أخذوا بسبب الإتساع والطمع التي لا يشبعها شئ.

3-الفرق بين النوعان
الطموح الخاطئ: كلما يصل ينتفخ ويتكبر.
أما الطموح الروحى، فيفرح بالرب في إتضاع.
إن عمل الإثنان في المجال الدينى. فصاحب الطموح الخاطئ يحب أن يصل إلى مواهب الروح التي ينال بها مجدا من الناس. أما صاحب الطموح الروحى، فيسعى إلى نوال ثمار الروح (غل 5: 22، 23) التي يتمتع فيها بمحبة الله وبالفضائل الخفية.. إنه يجاهد في الروحيات لا ليفتخر بما وصل إليه، بل لأنه لذة روحية في الالتصاق بالرب. وكلما يزداد إتضاعا، عارفا أن طريق الكمال لا يزال بعيدا. وينظر إلى المثل العليا في حياة القديسين، فيرى أنه لم يفعل شيئا! ومهما وصل طموحه يتذكر قول الرب:

(متى فعلتم كل ما أمرتم به، فقولوا إننا عبيد بطالون) (لو 17: 10)

لذلك فإن قديسين كثيرين وصلوا إلى مستويات عالية جدا، ومع ذلك كانوا يبكون على خطاياهم. لأنهم كانوا في طموحهم الروحى، كانوا في طموحهم الروحى، كانوا يرون درجات أعلى وأعلى، لم يصلوا إليها بعد..

إن المقاييس تتغير بين الروحيين وأهل العالم في طموحهم.

· الذى عنده طموح عالمى يحب مثلا أن يزداد في الغنى، وتكثر أمواله وأرصدته يوما بعد يوما حتى أنه يصاب بالتجلى.. أما الإنسان الروحى، فإن طموحه هو في توزيع ماله على الفقراء، حتى يكون له كنز في السماء..

 · الإنسان الذي عنده طموح عالمى، يجب أن يكون الأول باستمرار، بل الوحيد ويحب المتكئات الأولى. أما الإنسان الروحى فإن طموحه في أن يكتسب فضيلة الإتضاع، وأن يأخذ المتكأ الأخير ويضع أمامه قول الرسول (مقدمين بعضكم بعضا في الكرامة) (رو 12: 10) وهكذا يجتهد أن يكون آخر الكل وخادما للكل (مر 9: 35)

وهكذا يتحول إلى إنسان خدوم، يحب الخدمة وينمو فيها. ويحبه كل الناس لخدمته لهم.
الطموح العالمى ينافس الناس ليحل محلهم.
أما الطموح الروحى فيساعدهم على الوصول.

إنه لا يزاحم الناس في طريق الحياة، بل بمحبته يفسح الطريق لهم ليسيروا. إنه من كل قلبه يريد أن يصل إلى الله. ولكنه في طموحه يحب أن يسبق غيره، أو أن يعطل غيره ليصل قبله.

لما يشوع بن نون رأى اثنين يتنبآن، أراد أن يردعهما، حيث أن النبوة هى لمعلمه موسى النبى. فوبخه موسى بقوله (هل تغار لى أنت يا ليت كل الشعب كانوا أنبياء، إذا جعل الرب روحه عليهم) (عد 11: 26 – 29)

الذى عنده طموح روحى يهدف أن يصل إلى قمة الروحيات، من أجل محبته لله، ولكنه لا يفكر أبدأ أن يسبق غيره، أو ينافس غيره، أو يتفوق عليه في الروحيات..

الطموح الذي يريد التفوق على الغير، هذا قد انتصرت عليه الذات.
إن طريق الله يتسع لجميعنا، وقمم الروحيات معروضة على الكل. والنعمة مستعدة أن تساعد كل أحد على الوصول. فلماذا التنافس والتزاحم إذن في طريق الطموح، بينما فيه متسع للجميع؟! أتريد في طموحك أن تنتصر على غيرك في الروحيات؟! لماذا؟! وهل في هذا الإنتصار، تجد روح المحبة التي تسعى إليها في طموحك؟!

أما طموح الإنسان الذي لا يحب فقط أن يكون الأول، وإنما الوحيد.. فهو بلا شك طموح شرير.

لأنه في طموحه، لا يريد لغيره الخير. وهذا شر. إنه طموح قد انحرف، وتحول إلى محبة الذات أو تحول إلى الأنانية.

الطموح الروحى يسعى إلى الأرتفاع فوق مستويات معينة، وليس فوق أشخاص معينين.
فمن الجائز أن ترتفع فوق أشخاص معينين، ويبقى مستواك منخفضا. كما أن رغبة الأرتفاع فوق الغير، قد تعصف بك إلى نطاق الحسد والغيرة، مما يتعارض مع روح المحبة الحقيقية. وتظل ترقب هذا الذي ينافسك، وقد تفرح بفشله لأن هذا يعطيك فرصة التفوق عليه. وهكذا تفقد نقاوة قلبك..

إسع إلى الامتياز، وليس إلى الأنتصار على الغير. وإن صرت الأول، فهذا حسن جدا. وإن لم تصر. فلا تحسد من صار الأول، بل افرح بتفوقه..

الإنسان الروحى طموحه في أن ينتصر على نفسه، لا على الآخرين.

وليكن هدفك من السعى إلى الكمال هو إرضاء الله وليس المجد الباطل..

إنها وصية إلهية أن تصير كاملا (مت 5: 48) فإن صرت هكذا، تفرح بإرضاء الله الذي نفذت وصيته. ويكون فرحا بغير افتخار، وبغير مقارنة بالآخرين.
الإنسان الروحى في الطموح، ينمو باستمرار.
فالنمو صفة عملية للطموح. ولكنه في نفس الوقت يفرح حينما يرى غيره ينمو أيضا..

الطموح الروحى ينمو في الروحيات: في الصلاة، في التأمل، في معرفة الله، في محبته، في خدمته، في محبة الآخرين.. وكلها ليست مجالا للتنافس.

إذا صلى، يحب أن ينمو في الصلاة: من جهة الوقت الذي يقضيه مع الله، ومن جهة ما في الصلاة من حرارة ومن عمق وتأمل، ومن حب وإيمان.

وهكذا مع باقى الفضائل. باستمرار يمتد إلى قدام.
أما غير الطموح، فقد يتوقف عند وضع معين، ويتجمد.
وهذا التوقف قد يؤدى إلى الفتور.
وفى الحياة العملية ينبغى أن يكون الإنسان طموحا.

يهدف إلى النجاح في كل ما تمتد إيه يده، كما قيل عن يوسف الصديق إنه كان رجلا ناجحا. وكان الرب معه. وكل ما كان يصنع، كان الرب ينجحه بيده (تك 39: 2، 3)

وهناك ولعل البعض يسأل: هل يتناقص الطموح مع القناعة؟! كلا.

فالقناعة تكون في الماديات، والطموح في الروحيات.

ويتمشى الإثنان معا. يقويان بعضهما البعض.

يسأل البعض كيف يكون طموحى نحو الكمال، بينما الكمال لله وحده. فأقول له المطلوب منك هو الكمال النسبى، وليس الكمال المطلق.. وإن لم تصل إلى الكمال، فعلى الأقل أن ينمو. ويجدك الله سائرا في الطريق، متقدما كل يوم.

كن كالشجرة التي كل يوم تنمو. فالصديق كالنخلة يعلو.

ولا تجعل طموحك في أمانتك في عملك، يعطل طموحك في روحياتك.

3) مفهوم الراحة والتعب

3) مفهوم الراحة والتعب


1- أنواع من الراحة
2- راحة الجسد
3- التعب بين النفس والروح
4- التعب الداخلي
5- راحة الضمير
6- في الخدمة

1- أنواع من الراحة
موضوع الراحة ورد في أول الكتاب المقدس، في قصة الخليقة، حيث قيل (وبارك الله اليوم السابع وقدسه، لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقا) (تك 2: 12)
إنها الراحة الخاصة بإتمام العمل أو إكمال العمل.
إن كل شخص يكمل عمله، يشعر براحة..
والرب الإله استراح في اليوم السابع من عمله خالقا.
واستراح في يوم الأحد يوم القيامة، لإتمامه عمله في الخلاص، وفى تخليص الناس من الخطية والموت.

وتوجد راحة أخرى ينتظرها العالم، وهى الراحة الأبدية.

هذه التي سوف لا يكون بعدها تعب ولا مرض ولا شقاء إلى الأبد.. وكل الأسباب التي كانت تدعو إلى التعب تزول أيضا.

وهناك راحة أخرى تسبقها، وهى راحة الإنسان بعد الموت.

حيث يستريح الإنسان من تعب هذا العالم. ويستريح من شغب الجسد وثقله. ومن الجو الشرير الموجود في البيئة والمجتمع. وكما يقول الكتاب.. (لكى يستريحوا من أتعابهم، وأعمالهم تتبعهم) (رؤ 14: 13) لذلك عندما يموت إنسان، نقول إنه تنيح، أى استراح.

هناك أنواع أخرى من الراحة، أثناء حياتنا على الأرض.

فالتعب بلا شك له أنواع، والراحة لها أنواع:

فالتعب بلا شك له أنواع، والراحة لها أنواع:

فهناك راحة للجسد، وراحة للفكر، وراحة للنفس، وراحة للقلب وللشعور. وأيضا هناك راحة الضمير. وتوجد راحة نفسية، وراحة روحية. ونود أن نتكلم عن كل هذه بالتفصيل. ولنبدأ براحة الجسد.

2- راحة الجسد
إن الله نفسه أراد للجسد أن يستريح.
هو الذي خلق الجسد، ويعرف أن طبيعته تحتاج إلى راحة. لذلك منحه اليوم السابع من الأسبوع لكى يستريح فيه. عملا من الأعمال لا يعمل فيه. وقال عن راحة السبت (السبت إنما جعل لأجل الإنسان، وليس الإنسان لأجل السبت)

(مر 2: 27) وكذلك مواسم الرب وأعياده، قال عنها (عملا ما تعملوا) (لا 23: 3، 7).. إذن لابد أن نعطى الجسد ما يحتاج إليه من راحة.

راحة الجسد ليست خطية، إنما هى وصية إلهية.
بحيث يتصرف الإنسان بعقل. لا يرهق الجسد بحيث يتعب فوق الطاقة. ولا يريحه أزيد مما يحتاج بحيث يصل إلى الكسل أو الخمول.

أتذكر أن أحد أساتذة الطب في لندن قال لى (أنا لا أستطيع أن أمنعك عن الHard Work فطبيعة مسئوليتك تستدعى ذلك. ولكنى أمنعك عن الOver Work ويقصد بهذا أن العمل الذي يعمله الإنسان بعد أن يصل إلى الإرهاق فيجب حينئذ أن يقف ولا يستمر. وإن استمر بعد الإرهاق أو الإعياء، يكون هذا Over Work. كما قال لى أيضا البروفسور: إن العمل الذي تعمله بفرح ورضى، لا يؤذى قلبك. أما العمل الذي تعمله وأنت متضايق ومتبرم، فهو الذي يتعب صحتك. فالعمل بلذة لا يرهق..

إذن هناك علاقة بين راحة النفس وراحة الجسد.
لو كانت النفس مستريحة، تستطيع أن تحمل الجسد. ولو تعبت النفس، لا يحتمل الجسد أقل مجهود. وفى راحة الجسد، يقول بعض العلماء، لا تترك الجسد يعمل مدة طويلة بلا راحة، إنما وسط العمل الطويل أعطه فترات راحة ولو دقائق. وهذه يسمونها بالإنجليزية Break أى تكسر حدة العمل الطويل، بشئ من الراحة.

الجسد أيضا يتعبه المرض، ويجعله في حالة عدم احتمال.
وكثيرا ما يكون المريض في حاجة إلى راحة كاملة. يتعبه الكلام إذا هو تحدث ويتعبه الإصغاء إلى كلام كثير. ويتعبه الصوت، والحركة. ويتعبه التفكير، والإلحاح من غيره.. لذلك فإن غالبية المستشفيات تمنع زيارة المرضى إلا في مواعيد محدودة. فلا تظنوا أنكم تريحون المريض بزيارته أو كثرة الحديث معه!!

وراحة الجسد غير الكسل.
الكسل معناه أن الإنسان لديه قدرة على العمل، ولا يرغب في ذلك. والكسل له نتائج كثيرة سيئة، سواء في عدم قيام الشخص بمسئولياته. أو من الناحية الصحية قد يصل إلى الوخم أو البلادة. ويفقد الجسد نشاطه الطبيعى الذي يلزمه. كما يؤدى به هذا إلى السمنة والترهل.

والمعروف أن الجو الحار المشبع بالرطوبة يساعد على الكسل، بينما الجو البارد يساعد على النشاط والحركة. والحركة تولد فيه حرارة.

ولذلك فإن الذين يحالون إلى المعاش، ويقضون بقية حياتهم في المقهى أو البيت أو النادى، يصيبهم الخمول. بينما الذين يستمرون في العمل والنشاط، تقوى صحتهم..

وبالمثل السيدات اللائى يعملن ويتحركن، غير اللائى يجلسن في البيت بلا عمل ويترهلن.

ونحن لا نقصد براحة الجسد، راحة مطلقة.
فالجسد قد يكون في عمق النوم، ومع ذلك يكون قلبه يعمل في انتظام، كذلك جهازه التفسى، وكذلك المخ، وباقى أجهزة الجسد المتعددة. كلها تعمل أثناء نومه، وأثناء راحته. وتعمل بكل ٍانتظام، ولكن في هدوء، وبغير إرهاق. فتعب القلب هو في إرهاقه، وليس في توقفه عن العمل وكذلك المخ.

لذلك ليست الراحة معناها عدم العمل إطلاقا. ربما معناها أحيانا تغيير نوع العمل. وكما يسمون الراحة بالفرنسية Recreation (أى خلق آخر) فينتقل العقل من صنع فكر إلى صنع آخر.

لأنه مما يرهق العقل التركيز على فكر واحد.
فإن تعب الإنسان من هذا التركيز، ينتقل إلى فكر آخر. والعقل دائم التفكير. ولكنه قد يتعب من التفكير العميق إذا استمر في موضوع واحد مدة طويلة. فيحتاج أن يترك هذا الموضوع إلى حين ثم يعود إليه بعد أن يجدد نشاطه.

وأحيانا ترتبط الراحة مع التعب (بتعقل).
فالإنسان ليستكمل صحته، قد يحتاج إلى تداريب رياضية، يحرك فيها جسده. والعض قد يلجأ إلى المشى أو الجرى. وقد يتعب ويحتمل التعب لفائدته الصحية. ونقول التعب وليس الإرهاق. وهذا ما يحدث أيضا في تمرينات العلاج الطبيعى.

3- التعب بين النفس والروح
هناك مريض إن قيل له إن حالته خطيرة، قد تتعب نفسه، ولكنه يستعد لأبديته فتستريح روحه. بينما لو خدعوه وصورا له الأمر بسيطا لراحة نفسه وشغلوه بمسليات عالمية، لا يهتم بروحه وأبديته، ويهلك!

مثال آخر هو مجاملة إنسان خاطئ بأنه على حق في تصرفه، تريح بهذا نفسه وتهلك روحه، فلا يلوم نفسه ولا يتوب. وبنفس الوضع النفاق في معاملة الرؤساء وأيضا تدليل الأطفال. وهنا نضع قاعدة روحية هامة:

إن لم تستطع تبكيت الخطية، فلا تبررها..

فإنك بتبريرك تصرفات المخطئين، تشترك معهم في المسئولية.

إيزابل ساعدت آخاب في ظلم نابوت اليزرعيلى وأخذ حقله. فأراحت زوجها نفسيا، ولكنها اتعبته روحيا، واشتركت معه في العقوبة (1مل 21).

إن من يكذب ليخرج من مأزق، يريح نفسه ويتعب روحه.

وبالمثل من يلجأ إلى خدعة توصله إلى غرضه..

كذلك من لا يحاسب نفسه ويلومها على خطاياها بل ويعاقبها أيضا، هذا يريح نفسه، ولكنه يهلك روحه.. وأسوأ من هذا الذي يحاول أن يبرر نفسه ليستريح.. إنها راحة زائفة خاطئة!!

ومن الأخطاء في الراحة أيضا: أن شخصا يبنى راحته على تعب الآخرين.

وتكون، هذه الراحة لونا من الأنانية ومحبة الذات، وعدم محبة الآخرين. إنه يريح نفسه، ويتعب روحه بالأخطاء.

4- التعب الداخلي
هناك أشخاص لا يوجد سبب خارجى يتعبهم،
وإنما تعبهم من الداخل.
مما في قلوبهم من الاضطراب،
والقلق،
والشك،
والخوف،
والتشاؤم.
فكل شئ من الخارج يتعبهم بدون سبب..
هؤلاء يتعبون أنفسهم،
دون أن يتعبهم أحد.

5- راحة الضمير
قد يقبل الإنسان تعب جسده من أجل راحة ضميره، أو راحة روحه.
كالشهداء مثلا والمعترفين، الذين تحملوا عذابات كثيرة احتملها الجسد، من أجل راحة ضمائرهم بالثبات في الإيمان.

مثال آخر ما احتمله القديس يوحنا المعمدان من سجن. وأخيرا قطع رأسه، لكى يشهد للحق، ويقول للملك المخطئ (لا يحل لك أن تأخذ امرأة أخيك) مر 6: 18) ومثال آخر ما احتمله القديس أثناسيوس الرسولى من نفى وتشريد ومن أجل الدفاع عن الإيمان ضد الأريوسيين. كذلك ما أحتمله يوسف الصديق من سجن في سبيل راحة ضميره العفيف، وقوله (كيف أفعل هذا الشر العظيم، واخطئ إلى الله) (تك 38: 9).

كذلك ما يحمله الرعاة من تعب في الجسد.
لكى يريحوا الشعب من جهة، ولكى تستريح ضمائرهم من جهة أدائهم لواجبهم الرعوى.

وينطبق على هذا أيضا كل من يسلك في أسلوب البذل والعطاء والأمانة في العمل.. يتعب جسديا، لكى يستريح ضميره، وتستريح روحه في أداء الواجب. إنه لا يبحث عن راحته الشخصية، إنما عن راحة غيره.

أيضا طالب العلم الذي يتعب، فيريح ضميره من جهة مستقبله. ويكون مبتهجا بتعبه، لأنه أراح نفسه. وبنفس الوضع كل الذين يجاهدون، في تعب وكد، من أجل هدف كبير يسعون إليه. وكما قال الشاعر:

إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجساد

حتى في الجهاد الروحى أيضا:

لابد أن يتعب الإنسان، ويجاهد الجهاد الحسن، ليريح ضميره الروحى، ولكى تستريح روحه في الله – وقد قال الرسول موبخا (لم تقاوموا بعد حتى الدم، مجاهدين ضد الخطية) (عب 12: 4).

وهناك من يتعب جسده، وفى نفس الوقت يتعب روحه.

فلا هو أدرك سماء، ولا أرضا. كالذى يتعب أعصابه بالغضب، ويتعب صحته بالتدخين وبالخطايا الشبابية..

وبينما الإنسان الروحى يتعب من أجل البر، يتعب الخاطئ تعبا باطلا.. ومن هذا التعب الباطل، تعب الشياطين في إغراء البشر.

6- في الخدمة
الخادم يتعب، فيريح ضميره، ويريح غيره.
وكما قال الرسول (كل واحد سينال أجرته بحسب تعبه) (1كو 3: 8).
وهكذا تعب القديس بولس في الخدمة،
لبناء الملكوت وخلاص أرواح الناس..
والخادم الذي لا يتعب جسديا لأجل الخدمة،
لن يستريح روحيا،
ولا تستريح الخدمة.

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...