التبرع
بالدم
أريد أن أعرف رأي
المسيحية في موضوع التبرع بالدم..
الإجابة:
المبدأ العام هو أن
التبرع بالدم كالتبرع بالأعضاء، مسموح به في المسيحية.. فعلى حد علمي أن الدم طبياً
يعتبر tissue
أي نسيج؛ فهو عضو كغيره من الأعضاء.. بل بالأكثر فالكنيسة تشجع جميع أبنائها على
هذه الخدمة الجليلة وهي التبرع بالدم، لأنها نوع من أنواع المشاركة.. فالذي له يعطي
الذي يحتاج.. إننا نعيش في عالم واحد، وقد خلقنا الله في إختلافات كثيرة لنتعاون
ولنساعد بعضنا بعضاً. إن دمي الذي أعطيه في التبرع ليس في سبيل رجل أو إمرأة.. ولا
في سبيل مسلم أو مسيحي.. إنه من أجل محبتي في الله، أساعد الإنسان.. الذي هو خليقة
الله، بغض النظر عن الجنس أو الدين أو الشكل.
وعامة، فالحالة التي لا
يُصَرَّح فيها بالتبرع هي أن التبرع (بالدم أو بالأعضاء) سيضر بالمتبرع؛ حيث يُمنَع
التبرع بالكلية مثلاً إذا كانت الكلية التس ستتبقى لا تحتمل العمل المقدر لها أن
تقوم به.. وبخصوص الدم يُمنع التبرع في حالات مثل نقص الوزن أو مشاكل ضغط الدم أو
غيره.. لو تبرع شخص وهو على علم بأن حالته لا تسمح، فهذا نوع من حالات الإنتحار
البطيء، وهذا ما لا تقره الكنيسة.. فالإنتحار suicide
جريمة، ويعتبر قتل للنفس. لذا يتم عمل الفحوصات الطبية السريعة قبل التبرع للتأكد
من أن المتبرع لن يتضرر وأن المتلقي لن يناله الضرر كذلك.. يجب ألا نسقط في إغراء
العدد؛ فليس المهم هو كمية الدم التي نحصل عليها في كل حملة، إنه الكيف الذي يعنينا
هنا.
ومن الجدير بالذكر أن
مئات الكنائس القبطية في كل أنحاء الجمهورية المصرية، تقوم بحملات التبرع بالدم مرة
أو مرتان كل عام.
يحدثنا السيد المسيح في
الموعظة على الجبل فيقول: "متى صنعت صدقة، فلا تُعَرِّف شمالك ما تفعل يمينك، لكي
تكون صدقتك في الخفاء، فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية" (إنجيل متى 3:
6). وهكذا قرر لنا السيد المسيح في هذا الأمر مبدأ الخدمة المستترة؛ فهي المخفية عن
أعين الناس، لكنها ظاهرة ومعروفة أمام الله. ومن أعظم هذه الخدمات هي خدمة التبرع
بالدم؛ فأنت تتبرع بدمك ولا تعرف إلى مَنْ يذهب، وأيضاً مَنْ يأخذ الدم لا يعرف من
أين أتى. ولكن الذي يجب أن تعرفه أنك يمكن أن تساهم في إنقاذ حياة إنسان لا تعرفه
بتبرعك هذا. لأجل هذا أدعوكم جميعاً للتبرع بالدم في الحملات التي تنظمها الجهات
المعنية..
وإعلم أنك مديون بحياتك
للمسيح؛ فالمسيح له المجد قد سفك دمه من أجل إنقاذ حياتك من موت الخطية. وكذا
الشهداء والقديسين سفكوا دمائهم حباً في السيد المسيح.. وأنت بعطائك هذا تثبت حبك
للإله الواحد من خلال حبك لخليقته...
وقد قال الكتاب المقدس
في تشجيع العطاء على لسان سليمان الحكيم: "إرمِ خبزك على وجه المياه، فإنك تجده بعد
أيام كثيرة" (جامعة 11: 1). إن مثل هذا العطاء لن ينساه الله.
التبرع
بالدم
إذا طلب مني التبرع
بالدم في مستشفى ولم أفعل، فهل هذا يعتبر خطية؟
الإجابة:
أولا، التبرع بالدم هو
عادة حميدة.. ولها العديد من الفوائد؛ منها ما هو يفيد الصحة الشخصية للمتبرع
نفسه.
ثانياً.. الكتاب المقدس
يقول: "من يعرف أن يعمل حسنا ولا يعمل، فذلك خطية له" (يع17: 4). فمن يوضع أمامه
فرصة لعمل الخير ثم يدير ظهره، فهذا بالتأكيد يحسب عليه وليس له.. فينبغي أن تنتهز
الفرص لعمل الخير في كل وقت وكل شيء وكل يوم.. واليوم الذي يعبر دون أن تمارس فيه
الخير والمحبة للآخرين بغض النظر عن شخصياتهم أو دينهم أو مدى قربهم لك، فهذا اليوم
لا تحسبه من عمرك! لقد كان السيد المسيح يجول يصنع خيراً (أع38: 10).
هناك بضعة أمور قد
تمنعك من التبرع، منها ما هو صحي، مثل المشاكل الصحية أو صغر السن.. إلخ. وفي هذه
الحالة لا خطأ عليك، ولكن كما يقول المثل الشعبي المصري: "المهم النية":) وهناك بعض
الأمور الأخرى التي ينبغي عليك مجابهتها وتشجيع نفسك على التبرع، وأهمها هو الخوف..
سواء عدم الإعتياد على الحقن، أو الخوف من الألم، أو رهبة الموقف أو
غيره.
التبرع يفيد المتبرع
إليه حقاً، ولكنه يفيدك أيضاً: صحياً ونفسياً وروحياً! فيقول الحكيم يشوع بن سيراخ:
"إن لم تدخر في شبابك، فكيف تجد في شيخوختك؟!" (سي5: 25). ويقوم الحكيم الآخر وهو
سليمان الملك بتفسير الأمر قائلاً: "ارم خبزك على وجه المياه؛ فانك تجده بعد أيام
كثيرة" (1: 11). "لأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَالِمٍ حَتَّى يَنْسَى عَمَلَكُمْ
وَتَعَبَ الْمَحَبَّةِ" (عب10: 6). فالله الحبيب يجازي عن هذا في السماء وفي
الأرض.. أتذكر في أحد المرات كنت نازلاً على سلالم بعد أحد العروض في مكتبة
الإسكندرية، وكانت أمامي سيدتان متقدمتان في السن، ينزلان ببطء.. فتوقفت عن إسراعي،
وبدأت أنزل ببطء مثلهم.. فإبتعدت واحدة منهم عن الطريق لتفسح لي المجال لأعبر
قائلة: "عدّي إنت، إحنا حاننزل على مهلنا"، فابتسمت وقلت لها: "لا.. خدوا راحتكوا..
أنا أستنى شوية دلوقتي عشان ألاقي حد يصبر عليّ بعدين".
على أي الأحوال، لا
تندم على ما فات.. هناك الكثير من الفرص القادمة.. والفرص موزعة على الجميع، الفرق
في أن شخصاً ما يستفيد من الفرصة، وآخر يفكر طويلاً حتى تضيع، وثالث يخاف وينسحب
ويفضل الحياد!
وأنا رأيي أن تقوم
بالتجربة، فهي أفضل سبيل لمجابهة الخوف، ووضعه في حجمه الطبيعي.. أنت الآن في شبابك
تقدر، ولكن ينقصك الإرادة.. ربما بعد بضعة سنوات ستكون لديك الإرادة، في وقت تخونك
فيه القدرة.. فجرب الآن، حتى لا تأتي في يوم من الأيام وتقول: "ياريتني كنت حاولت"!
ولا تنسانا من صالح الدعاء، وإخبارنا بتطورات الأمر معك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق