الفصل الرابع
ثلاث ساحات للقتال
هناك مواقع إستراتيجية يجب تحصينها تحصينًا شديدًا في الحرب مثل الكباري والطرق والمطارات
ومحطات الإذاعة والتليفزيون. ومن يملك زمام الأماكن الرئيسية سينتصر. وفي حياتنا ثلاث ساحات
إستراتيجية يجب أن نحصنها ضد أي هجمات وهي ذهن والقلب والفم. فهي مواقع مهمة وعلينا أن نحارب حتى
آخر نفس لكي نحميها.
الذهن
لكل فكرة تدخل أذهاننا ثلاثة مصادر محتملة
أو ً لا تأتي الأفكار من داخلنا. فالرب قد خلقنا قادرين على التفكير الفردي. ثانيًا تأتي الأفكار من الله فهي
تتكلم في أذهاننا سواء أطلقنا عليها اسم إعلان أو إرشاد أو أصوات الله أو موهبة كلمة العلم. فهو يتكلم مباشرة
إلى أذهاننا. والمصدر الثالث هو إبليس، فقوى الشر تكلمنا أيضًا وللأسف فالمسيحيون يستمعون إلى العدو
ويتأثرون به ويعانون من العواقب. قد يتساءل البعضكيف يتكلم إبليس إلى أذهاننا فهو ليس كلي الوجود. وما
٧) عندما يتكلم الكتاب عن إبليس أو الشيطان : معنى كلمات الكتاب التي تقول "قاوموا إبليسفيهرب منكم" (يع ٤
فإنه يشير أحيانًا إلى ملكوته الشرير وليس إليه كفرد. فلا يستطيع إبليس أن يتواجد في كل مكان في نفس الوقت.
يغوي الناس ويسرب أفكاره إلى أذهانهم. بل إن ملائكته الساقطين هم الذين ينفذون أوامره (والكتاب المقدس
لا يذكر لنا عددهم)
وعندما يناشدنا الكتاب أن نقاوم إبليس فهو يقول لنا أن نقاوم الأرواح التي تنتمي إلى إبليس بالمعنى الشامل.
ولأجل التبسيط سوف استخدم لفظة إبليس بالمعنى الشامل عندما أقصد أحد أو كل قواته الساقطة.
٩) ولكنها تستطيع أن تقترح : لا تستطيع قوى الشر أن تقرأ ما في عقولنا، فالرب فقط يستطيع ذلك(مز ٧
أشياء علينا. لنذكر عندما جادل بطرسالرب حين قال أنه يجب أن يموت وأن يقوم في اليوم الثالث وكيفكانت
.(٢٣ : إجابة الرب لبطرس "أذهب عني يا شيطان" (متى ١٦
لم يقصد الرب هنا أن بطرس قد أصبح فجأة شيطانًا ولكن من الواضح أن بطرس كان ينطق بالفكر الذي
وضعه إبليس في ذهنه في تلك اللحظة.
تبدأ معظم الحروب الروحية في الذهن وهي تشمل الفكرة الشريرة أو التي تتعارض مع حق الله. وليست
كل الأفكار الشريرة من إبليس ولكنه يستغلها ويضيف إليها.
لاحظت في إحدى المرات وأنا أقود سيارتي أن ذهني كان مشغو ً لا تمامًا بانتقادات وجدال مع القادة الروحيين
الذين كنت معهم. وفجأة أدركت أنني لم أشأ أن أكون ناقدًا أو غير محب نحوهم ولكن امتلأ ذهني بالأفكارالسلبية. وكان علي أن أنتبه إلى حقيقة أن الأفكار كانت من العدو. فالعدو يحب أن يقلل من شأن الناس وأن
يهدم العلاقات فهو يفرح عندما يملأ أذهاننا بالاتهامات نحو شريك الحياة أو القادة أو الأصدقاء أو نحو الله نفسه.
.(١٠ : ٤) والمشتكي على إخوتنا (رؤ ١٢ : فهو أو الكذاب (يو ٨
الخوف من الظلام
الرب هو الخالق وهو خلق كل العالم من لا شيء. ولم يكن لديه أي مواد خام بل إن كل شيء قد ابتدأ في
ذهن الله ونحن الذين خلقنا على صورة الله لنا أيضًا القدرة على الخلق فقد أعطانا الرب خيا ً لا فعا ً لا.
فالرب خالق هذا العالم الذي نعيش فيه. ولكنتا أضفنا إليه أشياء كثيرة مثل السيارات والأنوار والخرسانة
والسيمفونيات وذلك بفضل القدر التي أعطاها لنا الله لنخلق بأذهاننا الأشياء.
وتصبح هذه القدرة هدفًا للعدو فيحاول دائمًا أن يملأ خيالاتنا بالكذب والشر فنقلق ونخاف مما نتخيل حدوثه
رغم أن هذه الأشياء السيئة قليلة الحدوث. ويخاف الكثيرون من الظلام وهو ليس خوفًا حرفيًا من الظلام ولكنه
الخوف الذي يتكون عندما يمتلئ خيالنا بأمور رهيبة وغير حقيقية لأن بصيرتنا مشوشة.
وعندما نسمح لأبليس بالدخول إلى أذهاننا فإنه يغذي الخيالات التي تعيق قدرتنا الخلاقة. ومثال ذلك نقرأ
عن "تيدبندي" الذي قتل ثمانية عشر شخصًا وقد تم إعدامه في فلوريدا سنة ١٩٨٩ . وقبل إعدامه أخبر ذلك
القاتل طبيبه أنه كان متأثر بالقراءات الخليعة والعنيفة التي كان يقرأها.
لم يقصد الله لمخيلاتنا أن نمتلئ بالأمور والغير مقدسة. ولكن الله وهبنا هذه القدرة على التخيل لكي
نستخدمها في الإيمان. والإيمان هو تخيل ما قد قال الله وكأنه قد تم وأكمل.
١) "(الإيمان : وعندما نراه في عقولنا بتلك الكيفية نكون عندئذ قد آمنا. وهذا ما يعنيه الكتاب في (عب ١١
هو الثقة بما يرجى.."
3لأَنَّنَا وَإِنْ كُنَّا نَسْلُكُ فِي الْجَسَدِ، لَسْنَا حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ. 4إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللَّهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ. 5هَادِمِينَ ظُنُوناً وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ،
تشير كلمة حصون في هذه الأعداد إلى حصون مبنية في الذهن وهذه الحصون هي قلاع في الهواء شيدت
داخل عقولنا كنتيجة لتفكيرنا الخاطئ مثل عدم التصديق والتفكير الممتليء بالخوف أو الكآبة والتفكير بطريقة
سلبية.
وهناك حصنان ذهنيان قد شاعا بشدة هذه الأيام سواء بين المؤمنين وهما أفكار الشعور بالنقص أو غير
المؤمنين وهما أفكار الشعور بالنقصأو أفكار إدانة الذات. ولست ذكيًا بما يكفي ولا تبدو جيدًا أنت لست قادر
على فعل شيء أنت لا تساوي شيئًا. هكذا تقودنا تلك الأفكار إلى أن نحقد على الآخرين وأن نصار23
والشيطان دائمًا يتهمنا بأننا لا نرضي الله وبأننا لسنا روحيين بما يكفي وبأننا لا نقرأ الكتاب المقدس. بالقدر
الكافي وبأننا لسنا قريبين من الله. وعندما تحاصرنا تلك الأفكار، نشعر وكأننا لن نتسنم أبد. نسيم رضى الله عن
حياتنا.
ويعيش بعضالمسيحيين في إدانة دائمة كل يوم وهذان الحصنان يجب أن يهدما من خلال الحرب الروحية
وذلك بأن نرفضهما وأن نقبل ما يقوله الرب في كتابه.
حارس للذهن
تدخل الأفكار إلى أذهاننا كما يدخل الطعام إلى أفواهنا فنحن لا نشعر بكل قطعة طعام ولا نتوقف لنفكر في
كل قضمة ولكن لو أكلنا قطعة طعام فاسدة فإننا نلفظها في الحال وبطريقة عفوية. وبنفس الطريقة فإن التعامل
مع الأفكار والخيالات يمكن أن يكون أتوماتيكيًا عفويًا.
تفرض على كل موقع حربي حراسة خاصة. ويقف هؤلاء الجنود بهدوء في مواقعهم إلى أن يسمعوا أي
صوت غريب وعندئذ ينتبهون ويبحثون عن مصدر ذلك الصوت ويستعدون لمواجهة أي معتد..
وعلينا نحن أيضًا أن نضع حارسًا على أذهاننًا لكي نمتحن حقيقة كل فكرة وكل تخيل مستعدين أن نطرح
عنا ما ليس بارًا ولاحقًا وما ليس من الله. وهذه هي الحرب الروحية. أن نكون دائمًا منتبهين لكل فكرة.
7) إن أكبر مخططات إبليس هو أن يلغي فعالية : يقول الكتاب "لأنه كما شعر في نفسه هكذا هو" (أمثال 23
المسيحيين المخلصين. وحتى لو كانوا سوف يذهبون إلى السماء عند انتهاء حياتهم فإنه سوف يعوق حياتهم
هنا على الأرض، سوف يسرق أيامهم وشهورهم عن طريق دفعهم إلى التفكير بطريق خاطئة.
ولسوء الحظ فإن الشيطان – بهذه الطريقة – وقد تمكن من تحديد الآلاف من المؤمنين القادرين على تحقيق
الانتصار.
القلب
ميدان المعركة الإستراتيجية الثاني
.(٢٣ : "فوق كل تحفظ أحفظ قلبك لأن منه مخارج الحياة" (مثال ٤
عندما يتكلم الكتاب عن القلب فهو يشير إلى معانٍ كثيرة. وبالنسبة للحرب الروحية سأتناول معنيين من تلك
المعاني وهما الاتجاهات والعواطف.
يتكلم الكتاب عن حماية الأجزاء المهمة من أجسادنا بأسلحة الله. والقلب والرأس عضوان حساسان وحيويان
جسديًا وروحيًا وقد نفقد ذراعًا و ساقًا في معركة إلا أن أصابه الرأس أو القلب تؤدي إلى الموت المحتم.
وبمفهوم روحي فإن قلوبنا وعقولنا هي أعضاء حساسة جدًا وتحتاج إلى عناية خاصة ومتساوية.
نقف نحن المؤمنين بقوة ضد خطية الفعل ولكننا لا نحافظ على اتجاهات قلوبنا بنفس الحرصوالشدة. فإذا
اكتشفنا أن أحد الوعاظ زان أو سارق أو شاذ جنسيًا فإننا سوف نغضب جدًا وسوف نقاطع اجتماعاته وسنفعل
كل ما في وسعنا لخلعه من منصبه.24
ولكن لو اكتشفنا أن أحد المبشرين مغرور ومتكبر ومتمرد وممتليء بالغضب معظم الوقت فسوف يكون
تعليقنا "لا بأس فمن الجيد أن نجد شخصًا لا يخاف أن يكون طبيعيًا…مثلنا".
26 ا.غْض.ب.وا ":(27-26 : ولكن مقاييس الكتاب ليست متسامحة إلى هذا الحد إذ يقول الكتاب في (أفسس 4
و.لاَ تُخْط.ئُوا. لاَ تَغْر.بِ \لشَّم.س. ع.لَى غَي.ظ.كُم. 27 و.لاَ تُع.طُوا إِب.ل.يس. م.كَانًا".
والغضب بالطبع – ليس الاتجاه الخاطئ والوحيد الذي يمكن أن يوجد فينا ولكن يمكننا أن نرى – من ذلك
العدد والأعداد التي تليه – إن أي اتجاه خاطئ للقلب نتركه يتضخم سوف يعطي الفرصة للعدو للهجوم.
ولنتذكر أن الرسول بولس كان يكتب هذه الرسالة للكنيسة الأكثر نضجًا في العهد الجديد. فلم تكن كنيسة
أفسس تعاني من المشاكل مثل كنائس كورنثوس أو غلاطية بل كانت الكنيسة ممتلئة بمؤمنين ناضجين
ومكرسين وممتلئين من الروح القدس. ومع ذلك شعر بولسبضرورة تحذيرهم من إعطاء إبليس مكان، لم يقل
إنهم فعلوا ذلك بل قال أنهم قد يفعلون. وينطبق هذا الكلام أيضًا علينا ولسوء الحظ فإن أكثر ما نتساهل معه
هو اتجاهات قلوبنا وما ينتج عنها من كلمات أو أفعال.
التعامل مع اتجاهات القلب
إننا نسمح للاتجاهات الخاطئة أن نتأمل في قلوبنا لنصبح فيما بعد أمرًا لا يمكن مراجعته. ولذا فعلينا أن
نتعامل معها فورًا وحالما تظهر حتى نحفظ قلوبنا من تأثيرات العدو. "لا تغرب الشمس على غيظكم إنها لا
تخبرنا ألا نغضبفإذا ظهرت في حياتنا أي جذور للمرارة فعلينا أن نتعامل معها على الفور لأنه من السهل اقتلاع الشجرة
وهي صغيرة أما اقتلاع الشجرة الكبيرة فهو يحتاج إلى جهد شديد لأن الجذور سوف تكون قد امتدت إلى كل
مكان في الأرض وسنحتاج إلى الآلات والحفر في الأرض لاقتلاعها.
وهذا بالضبط ما يجب أن نفعله إذا لاحظنا اتجاه مرارة داخل قلوبنا وعلنيا عندئذ أن نقتلع أي جذر للمرارة
قبل أن يمتد ويتعمق.
لن نعيش في انتصار إذا تسامحنا مع المرارة والتمرد والكبرياء وعدم الإيمان. أسمع الكثير من المسيحيين
يقولون "إني متمرد بعض الشيء فأنا أحب أن أتساءل عن كل شيء. ومع أن هذا الموقف قد يبدو غير ضار
أو حتى مفعمًا بالحياة إذ لم يكن هناك شيطانًا، إلا أنه توجد قوى تود تدميرنا ويمكن لإبليس أن يستخدم تلك
الاتجاهات الزلقة ليقودنا إلى هزيمة روحية.
يأتي إلي الكثيرون لأخذ المشورة. ورغم أنهم مخلصون وفي طريقهم إلى المجد إلا أن إبليس لا يزال يلعب
بهم كل يوم. وهم يعانون من مشاكل في شخصياتهم وعلاقتهم وحياتهم الروحية لأنهم يعطون إبليس مكانًا بسبب
اتجاهات قلوبهم التي يرفضون تغييرها. وللأسف فإن هذه الظاهرة شديدة الانتشار بين المؤمنين.
لقد انتصر المسيح انتصارًا شام ً لا عندما سفك دمه على الصليب لأجلنا ولكننا لن نختبر مثل هذه النصرة
في حياتنا اليومية إذا رفضنا التعامل مع مواقفنا واتجاهات قلوبنا. الله لا يحملنا مسئولية ما لا نعرفه ولكنه حينما
يوضح لنا المواقف الخاطئة علينا وقتها نتعامل معها بسرعة وحتى النهاية.
اختيار الاتضاع كأسلوب حياة
"فتواضعوا تحت يد القوية لكي يرفعكم في حينه. ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتني بكم. اصحوا واسهروا
لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الأيمان عالمين أن نفس هذه
.(٩-٦ : الآلام تجرى على إخواتكم الذين في العالم". ( ١بط ٥
إن التعامل مع المشاعر السلبية يقف على نفس الدرجة من الأهمية من التعامل مع المواقف الخاطئة. إن
المشاعر ليست خطأ والله نفسه لديه مشاعر وهي عنصر مهم من عناصر الحياة وبدونها تمسي حياتنا رمادية
باهتة. ولكن الشيطان يستمتع بأن يلهمنا بمشاعر سلبية فهوة يستطيع أن يؤثر على عواطف الناس بدرجة
كبيرة.
٩) عن الطريقة التي ينبغي بها أن نتعامل مع مشاعرنا واتجاهات قلوبنا وأول -٦ : ونقرأ في ( ١بط ٥
نصيحة هي أن نتواضع.
ما معنى هذه الكلمة؟ معناها أن نختار أن يعرفنا الناس كما نحن تمامًا لأكثر ولا أقل وكم من المرات علينا
أن نتواضع؟ كم من المرات نحتاج إلى الاستحمام كلما كانت هناك حاجة إلى ذلك.
وإذ كنا نريد أن نعيش حياة كاملة فعلينا أن نتواضع كلما احتاج الأمر إلى ذلك.
يتعرض موضع الكمال المسيحي لجدال كبير في كنائسنا اليوم فالبعضيقول "لا يوجد شخصكامل" ولكن
المسيح كان شخصًا كام ً لا وهو يعيش في قلب وذهن كل مؤمن. فالكمال كما يتكلم عنه الكتاب ليس الكمال في
السلوك فر يمكن لأحد أن يعيش دون أن يخطئ أحيانًا لكن الكتاب يتكلم عن الكمال في الدافع والالتزام. الكمال وإنما تخبرنا أننا – ينبغي أن نتعامل مع ذلك الغضب.
لا يمكننا أن ندعي إن اتجاهات قلوبنا الخاطئة تختفي بمجرد أن نخلص. إذ إن الكتاب يذكرنا مرارًا
بمسئوليتنا المباشرة عن إدارة حياتنا وعن اتخاذ القرارات وتصحيح اتجاهات قلوبنا الخاطئة.
ونحن نقوم بتأدية نشاطاتنا اليومية المعتادة. مثل غسل الأسنان أو الذهاب للعمل أو ارتداء الملابس. دون
تردد سواء كنا مكتئبين أو قلقين أو لا يمكننا قط أن نلقي بمسئولية أداء هذه النشاطات على الله.
وفيما يتعلق باتجاهات قلوبنا الخاطئة فعلينا أن نتصرف بنفس المسئولية والتلقائية فمثلهما لا يمكنني تأجيل
استحمامي من شهر لآخر بدعوى إني متضايق. كذلك لا يمكنني تأجيل توبتي أو تواضعي لنفس الأسباب.
: فخلع الإنسان العتيق ولبس الإنسان الجديد يعني أن نقوم بمسئوليتنا اليومية نحو اتجاهات قلوبنا( أف 4
24 ) ولا يمكننا أن نهمل هذه المسئوليات بدعوى أننا حديثو الولادة الجديدة أو لأننا متعبون أو لأننا لا -22
.(8 : نفهم (أف 4، كو 3
ومن الأمور المهمة جدًا أن نعيش حياة ثابتة ومسئولة حتى لا تسيطر قوات الظلمة على اتجاهات قلوبنا.
فإذا تمسكنا بكبريائنا وتمردنا فلن يوجد أي ضمان حتى من الله نفسه – لحمايتنا من قوات الظلمة. وبتسامحنا
35 ،34 ). ونحن لا نتكلم هنا عن حقيقة : من المرارة في قلوبنا لشهور وسنين فإننا نعطي إبليس مكانًا (مت 18
تبريرنا بالإيمان ووقوفنا بنعمة الله. ولكن نتكلم عن إغلاق أي باب.
14،154 ) إذ : ويمكننا أن نتعرف على الأشخاصالذين سمحوا لأصل المرارة يفرخ في حياتهم. (عب 12
سوف نجدهم دائمي الغضب والنقد وكل من يلمسهم يصبح دنسًا.
٢٥
فإذا ظهرت في حياتنا أي جذور للمرارة فعلينا أن نتعامل معها على الفور لأنه من السهل اقتلاع الشجرة
وهي صغيرة أما اقتلاع الشجرة الكبيرة فهو يحتاج إلى جهد شديد لأن الجذور سوف تكون قد امتدت إلى كل
مكان في الأرض وسنحتاج إلى الآلات والحفر في الأرض لاقتلاعها.
وهذا بالضبط ما يجب أن نفعله إذا لاحظنا اتجاه مرارة داخل قلوبنا وعلنيا عندئذ أن نقتلع أي جذر للمرارة
قبل أن يمتد ويتعمق.
لن نعيش في انتصار إذا تسامحنا مع المرارة والتمرد والكبرياء وعدم الإيمان. أسمع الكثير من المسيحيين
يقولون "إني متمرد بعض الشيء فأنا أحب أن أتساءل عن كل شيء. ومع أن هذا الموقف قد يبدو غير ضار
أو حتى مفعمًا بالحياة إذ لم يكن هناك شيطانًا، إلا أنه توجد قوى تود تدميرنا ويمكن لإبليس أن يستخدم تلك
الاتجاهات الزلقة ليقودنا إلى هزيمة روحية.
يأتي إلي الكثيرون لأخذ المشورة. ورغم أنهم مخلصون وفي طريقهم إلى المجد إلا أن إبليس لا يزال يلعب
بهم كل يوم. وهم يعانون من مشاكل في شخصياتهم وعلاقتهم وحياتهم الروحية لأنهم يعطون إبليس مكانًا بسبب
اتجاهات قلوبهم التي يرفضون تغييرها. وللأسف فإن هذه الظاهرة شديدة الانتشار بين المؤمنين.
لقد انتصر المسيح انتصارًا شام ً لا عندما سفك دمه على الصليب لأجلنا ولكننا لن نختبر مثل هذه النصرة
في حياتنا اليومية إذا رفضنا التعامل مع مواقفنا واتجاهات قلوبنا. الله لا يحملنا مسئولية ما لا نعرفه ولكنه حينما
يوضح لنا المواقف الخاطئة علينا وقتها نتعامل معها بسرعة وحتى النهاية.
اختيار الاتضاع كأسلوب حياة
"فتواضعوا تحت يد القوية لكي يرفعكم في حينه. ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتني بكم. اصحوا واسهروا
لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الأيمان عالمين أن نفس هذه
.(٩-٦ : الآلام تجرى على إخواتكم الذين في العالم". ( ١بط ٥
إن التعامل مع المشاعر السلبية يقف على نفس الدرجة من الأهمية من التعامل مع المواقف الخاطئة. إن
المشاعر ليست خطأ والله نفسه لديه مشاعر وهي عنصر مهم من عناصر الحياة وبدونها تمسي حياتنا رمادية
باهتة. ولكن الشيطان يستمتع بأن يلهمنا بمشاعر سلبية فهوة يستطيع أن يؤثر على عواطف الناس بدرجة
كبيرة.
٩) عن الطريقة التي ينبغي بها أن نتعامل مع مشاعرنا واتجاهات قلوبنا وأول -٦ : ونقرأ في ( ١بط ٥
نصيحة هي أن نتواضع.
ما معنى هذه الكلمة؟ معناها أن نختار أن يعرفنا الناس كما نحن تمامًا لأكثر ولا أقل وكم من المرات علينا
أن نتواضع؟ كم من المرات نحتاج إلى الاستحمام كلما كانت هناك حاجة إلى ذلك.
وإذ كنا نريد أن نعيش حياة كاملة فعلينا أن نتواضع كلما احتاج الأمر إلى ذلك.
يتعرض موضع الكمال المسيحي لجدال كبير في كنائسنا اليوم فالبعضيقول "لا يوجد شخصكامل" ولكن
المسيح كان شخصًا كام ً لا وهو يعيش في قلب وذهن كل مؤمن. فالكمال كما يتكلم عنه الكتاب ليس الكمال في
السلوك فر يمكن لأحد أن يعيش دون أن يخطئ أحيانًا لكن الكتاب يتكلم عن الكمال في الدافع والالتزام. الكمال
٢٦
الكتابي هو الالتزام بالحق. فإذا انتهكنا هذا الحق فعلينا أن نلزم أنفسنا بتصحيح الخطأ فورًا وذلك بأن نتضع
أمام الله والآخرين ونتوب.
الكمال الكتابي لا يعني أننا لن نغضب أو نستاء من شيء ولكنه يعني أنه حالما نتعرف على هذه الأمور
في حياتنا فإننا نتعامل معها فورًا وذلك بأن نتضع. وهكذا يصبح التواضع أسلوب حياة ويصبح من السهل أن
نقول "أنا آسف. لقد كنت متكبرًا هل سامحتني من فضلك؟" إن وعد الله لنا هو أنه إذا أتضعنا فسوف يرفعنا.
١٢ ). وبالتالي فإننا لو لم نتضع عندما : ووعده أيضًا أنه إذا رفعنا أنفسنا فإنه هو سوف يضعنا (مت ٢٣
يقتضي الأمر ذلك نكون وقتها قد رفعنا أنفسنا ولذلك فمن الأسهل لنا أن نختار حياة الاتضاع وذلك لأن الاتضاع
الحقيقي يعقبه الارتفاع لأن للرب يحفظ وعوده. لا يجب قط أن نخشى التواضع .
إبطال مفعول الثلاث ركائز الأساسية
ينصحنا الكتاب .في تعاملنا مع المشاعر و الاتجاهات ألا نقلق و أن نلقي كل همومنا عليه فالقلق علامة
على الخوف وعدم الأيمان ولا يمكننا أن نضع ثقتنا في الله وأن نقلق في نفس الوقت.
القلق هو الشك في رغبة الله وقدرته على الاعتناء بنا.
ووسط مئات النصائح التي يقدمها لنا الكتاب المقدس فإن الاتضاع وعدم القلق يظهران كمحورين أساسين
للحرب الروحية.
الكثيرون منا ينبهرون من مملكة إبليس العريضة والمعقدة. فالخرافات والسحر والشعوذة والديانات الشرقية
والفلسفات والإباحية والمخدرات والقتل وكل شر آخر كلها تتناغم معًا بقيادة قوات الظلمة. ويمكن لمملكة
الظلمة المرعبة – هذه – أن تؤثر على العالم كله ويمكنها أن نغمر وتجتاح أيضًا المؤمنين الذين لا ينبهرون
أكثر بشخص الله وبمملكته العظيمة.
وهناك ثلاث ركائز أساسية تحمل مملكة إبليس وتمثل الأساس لكل ما يفعله وإذا منعنا هذه الأمور من دخول
حياتنا فإننا نكون قد جردنا إبليس من سلاحه وقللنا من تحركاته في حياتنا. وتلك الركائز هي الكبرياء والخوف
وعدم الإيمان. فكل ما يفعله إبليس وكل مملكته وكل طبيعته تنبثق من الكبرياء والخوف وعدم الإيمان.
ويجب ألا نتسامح قط – كمؤمنين – مع هذه الأمور في حياتنا، بل أن نواجه الكبرياء بالاتضاع، والخوف
وعدم الإيمان بإلقاء همومنا على الرب.
جادون ولكن مبتسمون
٨) أن نصحو ونسهر والجدية في الحرب الروحية تعني أن نكون : يتوسل إلينا الرسول بطرس في ( ١بط ٥
دائمًا منتبهين وعلى حذر شديد وأن لا نسمح لأنفسنا قط أن نقع تحت تأثير أي شيء يمكن أن يعطل انتباهنا
لما يدور حولنا.
لو تواجهنا في الخطوط الأمامية للقتال حيث تتطاير القذائف والطلقات في كل مكان من حولنا فإنه يمكننا
أن نحتمي بالخنادق والسوائر. وعلى الرغم من تطاير الرصاص فوق رؤوسنا فإنه يمكننا أن نشعر ببعض٢٧
الطمأنينة خلف أكياسالرمال وذلك طالما نحن نعرف أين نحن. ولكن لو نسينا – ولو للحظات مكاننا فسوف
نرفع رؤوسنا ن الخندق ونقتل.
وطالما بقينا جادين ومدركين تمامًا للتهديدات المحتملة فإنه يمكننا أن نستمتع بالحياة بكاملها دون أن يخالجنا
أدني شك في أن الروح القدس سوف يحفظنا من الخطر.
ويمكن للمؤمن أن يستمتع بحياته أكثر من أي شخص آخر فالحياة قد وهبت لنا لكي نستمتع بها.
ولكن علينا أن نتذكر وسط أوقات تسلياتنا ومناقشاتنا ولقاءاتنا الاجتماعية ووسط كل موقف، أننا على
الخطوط الأمامية لمعركة حقيقية وإنه يتحتم علينا أن نفتح عيوننا وأن نكون متيقظين لكي نميز أعمال العدو.
ثم يطلب من الرسول بطرس أن نتضع وألا نقلق وأن نصحو ونسهر لأن خصمنا كأسد زائر يجول ملتمسًا
من يبتلعه هو.
إننا كثيرًا ما ننسى من هو عدونا الحقيقي. إن عدونا الحقيقي هو الشيطان وهو عدو لكل فرد منا ونحن نميل
للاعتقاد أن قوى الظلمة هي قوي شريرة غامضة نتسلل إلى حياة كل واحد فينا دون أن تهاجمنا بطريقة
شخصية. ولكن هجوم إبليس الناجح على المؤمنين هو هجوم موجة إليهم كأفراد وليس إلى الكنيسة ككل.
لا تخشى زئير العدو
يجول هنا الأسد المزمجر ملتمسًا أن يبتلع أولاد الله. ولكنه لا يستطيع ذلك بسبب قوة الله الحافظة وهو يعلم
أنه لا يستطيع أن يبتلع المؤمنين، إلا أنه يخيفهم بزئير وبذلك يضعف فاعلية المؤمن.
إن زئير الأسد وقوة فكه وحدة مخالبه مخيفة جدًا. ومن السهل أن نستجيب عاطفيًا عندما نواجه بذلك الزئير
الرهيب وبالموت المتوقع. فإذا كان رد فعلنا هو الابتعاد عن طاعة الله. فسوف نفسح المجال للشيطان ليهزمنا.
يزأر فنغضب؛ يزأر فنشتهي؛ يزأر فنكئب؛ يزأر فتمرد. هل نقتاد بزئير الأسد أم الله.
كثيرًا ما نغير مكان عملنا لأننا نحتاج لمال أكثر؛ ونتزوج لأننا نشعر بالوحدة، ونترك منزلنا لنعيش في منزل
أكبر؛ ونترك كنائسنا لأننا نغضب أو نمل أو نشك إمكانية إصلاحها. أين صوت الله في كل هذه القرارت؟ إذا
أخذنا قرارتنا فقط تحت تأثير مشاعرنا فليس الله قائدنا، بل زئير الأسد هو الذي يقودنا ونتحرك بسبب غضبنا
وخوفنا وتبرئنا من مكان الحماية إلى مكان يتمكن فيه إبليس من ابتلاعنا. لو نظرنا حولنا فسنرى لمقاعد
الشاغرة والمواقع المهجورة من قبل هؤلاء الذين سمحوا لزئير الأسد أن يقود حياتهم.
الشيطان يتعلم سريعًا ويميزضعفاتنا ومن طبيعته أن يعرينا ويهاجمنا ونحن في أضعف نقاط حياتنا. وسيظل
يعمل الشيء الواحد الذي يأتي بنتيجة وذلك طوال حياتنا. وسيقول لنا إن علينا أن نستجيب كلما زأر وسيخبرنا
أن هذا وضعنا ولن نستطيع أن نفعل شيئًا حيال ذلك.
ولكن لنعلم أنها كلها أكاذيب وإنه لا توجد قيود نستعصى على قدرة المسيح على تحريرنا.
يريد الله أن يكون قائدنا لأنه يحبنا ويعرف ما هو لصالحنا وقد منحنا المشاعر ويريدنا أن نعيش ملء
المشاعر. يمكننا أن نضحك وتفرح ونغني ويمكننا أيضًا أن نبكي ونحزن ونتألم فالمفروض أن تتوازن حياتنا
عاطفيًا.
٢٨
ولكن لنحذر أن نتخذ القرارات الخطيرة في حياتنا بناء على هذه العواطف. فالله هو قائدنا وليست عواطفنا
أو زئير الأسد.
هناك فلسفة ذات اتجاه إنساني تقول "لو شعرت أن هذا الشيء جيد فأفعله". إن هذا القول أناني ضد الله وضد
المسيحية. فالمشاعر لا ينبغي أن تؤثر على اختياراتنا ولكن ما سنختاره سيؤثر تأثيرًا هائلأ على مشاعرنا.
علينا أن نطبع الحق مهما كانت مشاعرنا وإذا أطعنا الله فسوف تأتي المشاعر الجيدة لاحقًا.
يريدنا الله أن نقف بأقدام راسخة وأن نقول بكل تصميم "أن أتحرك مهما كانت مشاعري أو رغباتي فلن
أبالي لمشاعر الكآبه والمذلة أو الألم وخيبة الأمل. فلن أبرح هذا المكان إلا عندما يقوديني الله بوضوح لنتحرك".
يجب أن يعرف الرب وأن نعرف نحن أنه مهما حدث فلن نستجيب إلا له حتى وإن كنا في عمق اليأس أو
إن خذلنا من الآخرين أو عندما تنادينا عواطفنا أن تجري وتدرك مكاننا. ففي وسط كل هذه ستقف ثابتين
وستنتظر الرب فهو لن يخذلنا.
يجب أن نقول "لا" لأنفسنا ونعم" لله هذا هو النضوج الروحي ولن يتركنا إبليس إلا إذا رأى فينا مثل هذا
العزم.
الفم
المنطقة الخطيرة الثالثة
رغم إنه من المفروضأن نكون مشجعين للإخوة وأن نكون معلنين للحق ولكن كثيرًا ما نسمح لأفواهنا أن
تكون أداة تدمير بين يدي العدو والكثيرون ممن التقيت بهم في جلسات طلب المشورة جازوا في آلام نفسية
مبرحة بسبب تعليقات قيلت لهم أو عنهم. وهم يحملون جروحًا حقيقية وكأنها جراح جسدية وكل ذلك بسبب
الكلمات التي قيلت لهم.
والكلمات أداة مذهلة تهب الحياة أو الموت. فكلمات الفم مقترنة بموقف القلب تشكل قوة روحية. والعظة
أو الرسالة الممسوحة بالروح القدس تعطي الفرصة لنفتح العقول والقلوب لسماع الحق.
ومن خلال الكلمات الممسوحة بالروح تأتي قوة تغيير القلب والحياة.
ويمكن أن تصبح كلماتنا أداة الروح القدس للحق والبر والحياة أو أن تصبح أداة الشيطان للخديعة والاتهام
والموت. والكلمات مثلها مثل الموسيقى هي وسط ناقل للمعاني، وهذا الوسط ليس أخلاقيًا بمعنى أنه في حد
ذاته ليس صالحًا أو شريرًا .
يعرف الكثيرون من المسيحيين أن الكلمات لها قوة فنحن نعلم أننا لو اجتمعنا للصلاة من أجل شخص مريض
يعيش على بعد آلاف الأميال فإننا نستطيع أن نؤثر على جسد هذا الشخص. إننا نؤمن بقوة الصلاة ولو لم تكن
لكلماتنا قوة ولو كان الله سيفعل ما سيفعله بغضالنظر عن كلماتنا لكان علينا أن نكف عن الصلاة. ولكن لكلماتنا
قوة بالله وذلك صلينا بحسب مشيئته وفي اتفاق مع مواعيده.
من أين أتت تلك العبارة؟٢٩
إذا كنا نستطيع أن نطلق قوة فوق طبيعية لمساعدة شخصمريضعلى بعد آلاف الأميال، فأي قوة أنه ليس
ثمة ضرر من يمكننا أن نطلقها إذا اجتمعنا معًا ننتقد ونتشاكى؟ وعندما تفيض كلماتنا من قلب أناني أو ناقد
فإننا نظن أنه جراء ذلك. ولكن علينا أن ندرك أن كلماتنا لها قوة وتأثير وأن أفواهنا إما أن تكون ينبوعًا للحياة
٢١ ) وكان داود يصلي قائ ً لا "اجعل يا رب حارسًا : أو للموت والحياة في يد اللسان وأحباؤه يأكلون ثمره (أم ١٨
٣) فلتكن صلاة داود هي صلاتنا. : لفمي. أحفظ يا رب شفتي (مز ١٤١
وتتضح أهمية حفظ أفواهنا في قصة أيوب. ولا يعني ذلك أننا ينبغي أن نلتزم الصمت أو أن نخنق مشاعر
الألم أو الغضب في داخلنا لأن أيوب نفسه لم يفعل ذلك. ولكن الكتاب يعلن أن أيوب لم يخطئ إلى الله ولم ينسب
١٠ ) ويعتبر هذا تصريحًا مذه ً لا لأن أيوب لم يقف صامتًا بل صرخ إلى الله قائ ً لا :٢٢،٢ : إليه جهالة (أيوب ١
"إني لا أفهم – أنت بار فلماذا إذن أصابني كل هذا؟ ألن يؤثر ما نفعله بي في صورتك في أعين الناس؟ ولكنه
رغم كل صراحته إلا أنه لم يتجاوز الخط الأحمر وكانت أمانته ثابتة من نحو الله. ولأجل هذا لم يتمكن الشيطان
من أن يجد طريقة إلى حياة أيوب لأنه لم يخطئ بشفتيه.
هل يستطيع الرب إن يقول عنا نفس الشيء؟ هل يستطيع أن يقول إننا لم نخطئ بشفتينا عندما تشتد بنا
الأمور؟ أو حين نضطرب أو نتألم؟ هل نبقى أمناء لشخص الله؟ وهل نحفظ شفتنيا؟
محاولة إخفاء التطورات القبيحة
توجد طرق كثيرة تخطئ بها أفواهنا ويستمتع الشيطان جدًا بإلهامنا كلماتنا. وغالبًا ما يحدث هذا عندما
نجتمع مع الأصدقاء فيبدأ أحدهم بتعليق – يبدو بريئًا – عن شخص غير موجود ثم تتحول التعليقات إلى
ملاحظات ثم إلى اهتمامات وتتطور هذه الاهتمامات إلى نقد ويتحول النقد إلى اتهام.
ونحن نحاول أن نخفي ذلك التطور المشين في كلامنا بأن نغلف كلامنا القاسي بعبارات الحب مثل "يجب
أن نصلي من أجل هذا الشخصلأنه ….". "إنني أشارككم هذا لكي تعرفوا ما تصلون لأجله" "أنا لا أدين ولكن
١٠ ) "من الفم الواحد تخرج بركة ولعنه" إننا نستطيع أن نطلق : …" أنه قائد رائع ولكن …." يقول يعقوب في ( ٣
من أفواهنا بركات فائقة للطبيعة ويمكننا أن نساعد العدو في هجماته على الناس.
يمكن لأفواهنا أن تهدم ما يحاول الله أن يبنيه بيننا. ففي كل مجموعة سوف نجد شخصًا له موهبة خاصة
في عدم التصديق فهوة يرى الأخطاء والموانع في كل مشروع أو اهتمام. ويمكن أن يؤثر على كل المجموعة
مطلقًا للكلمات السلبية إلى أن يصدق الجميع أن الأمر لن يفلح كما فعل الجواسيس العشرة الذين أرسلهم موسى
ليتجسسوا أرض الميعاد إذ يقول الكتاب "أشاعوا مذمة في الأرض" (عدد ١٣ ) وهذا ما جعل الله يغضب لأن
تلك الكلمات السلبية أعاقت ما أراد الله أن يصنعه.
هناك قوة في أفواهنا وما نتفوه به تملك قوة روحية سواء كانت سلبية أم إيجابية فالكلمات نستطيع أن تلوثنا
وأن تلوث الآخرين أيضًا. لذا فلنحفظ أفواهنا.
ونحتاج إلى ضبط النفس بأن نبقى شفاهنا مغلقة عندما تحترق قلوبنا شوقًا لكي نتفوه بما لا ينبغي أن نقوله.
.(١٨ : "أما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر ذلك ينجس الإنسان" (متى ١٥
إذا أقمنا حراسة دائمة على أذهاننا وقلوبنا وأفواهنا سوف نمنع الشيطان من دخول حياتنا وستختبر النصرة
الحقيقية وستكون مستعدين لله٣٠
ثلاث ساحات للقتال
هناك مواقع إستراتيجية يجب تحصينها تحصينًا شديدًا في الحرب مثل الكباري والطرق والمطارات
ومحطات الإذاعة والتليفزيون. ومن يملك زمام الأماكن الرئيسية سينتصر. وفي حياتنا ثلاث ساحات
إستراتيجية يجب أن نحصنها ضد أي هجمات وهي ذهن والقلب والفم. فهي مواقع مهمة وعلينا أن نحارب حتى
آخر نفس لكي نحميها.
الذهن
لكل فكرة تدخل أذهاننا ثلاثة مصادر محتملة
أو ً لا تأتي الأفكار من داخلنا. فالرب قد خلقنا قادرين على التفكير الفردي. ثانيًا تأتي الأفكار من الله فهي
تتكلم في أذهاننا سواء أطلقنا عليها اسم إعلان أو إرشاد أو أصوات الله أو موهبة كلمة العلم. فهو يتكلم مباشرة
إلى أذهاننا. والمصدر الثالث هو إبليس، فقوى الشر تكلمنا أيضًا وللأسف فالمسيحيون يستمعون إلى العدو
ويتأثرون به ويعانون من العواقب. قد يتساءل البعضكيف يتكلم إبليس إلى أذهاننا فهو ليس كلي الوجود. وما
٧) عندما يتكلم الكتاب عن إبليس أو الشيطان : معنى كلمات الكتاب التي تقول "قاوموا إبليسفيهرب منكم" (يع ٤
فإنه يشير أحيانًا إلى ملكوته الشرير وليس إليه كفرد. فلا يستطيع إبليس أن يتواجد في كل مكان في نفس الوقت.
يغوي الناس ويسرب أفكاره إلى أذهانهم. بل إن ملائكته الساقطين هم الذين ينفذون أوامره (والكتاب المقدس
لا يذكر لنا عددهم)
وعندما يناشدنا الكتاب أن نقاوم إبليس فهو يقول لنا أن نقاوم الأرواح التي تنتمي إلى إبليس بالمعنى الشامل.
ولأجل التبسيط سوف استخدم لفظة إبليس بالمعنى الشامل عندما أقصد أحد أو كل قواته الساقطة.
٩) ولكنها تستطيع أن تقترح : لا تستطيع قوى الشر أن تقرأ ما في عقولنا، فالرب فقط يستطيع ذلك(مز ٧
أشياء علينا. لنذكر عندما جادل بطرسالرب حين قال أنه يجب أن يموت وأن يقوم في اليوم الثالث وكيفكانت
.(٢٣ : إجابة الرب لبطرس "أذهب عني يا شيطان" (متى ١٦
لم يقصد الرب هنا أن بطرس قد أصبح فجأة شيطانًا ولكن من الواضح أن بطرس كان ينطق بالفكر الذي
وضعه إبليس في ذهنه في تلك اللحظة.
تبدأ معظم الحروب الروحية في الذهن وهي تشمل الفكرة الشريرة أو التي تتعارض مع حق الله. وليست
كل الأفكار الشريرة من إبليس ولكنه يستغلها ويضيف إليها.
لاحظت في إحدى المرات وأنا أقود سيارتي أن ذهني كان مشغو ً لا تمامًا بانتقادات وجدال مع القادة الروحيين
الذين كنت معهم. وفجأة أدركت أنني لم أشأ أن أكون ناقدًا أو غير محب نحوهم ولكن امتلأ ذهني بالأفكارالسلبية. وكان علي أن أنتبه إلى حقيقة أن الأفكار كانت من العدو. فالعدو يحب أن يقلل من شأن الناس وأن
يهدم العلاقات فهو يفرح عندما يملأ أذهاننا بالاتهامات نحو شريك الحياة أو القادة أو الأصدقاء أو نحو الله نفسه.
.(١٠ : ٤) والمشتكي على إخوتنا (رؤ ١٢ : فهو أو الكذاب (يو ٨
الخوف من الظلام
الرب هو الخالق وهو خلق كل العالم من لا شيء. ولم يكن لديه أي مواد خام بل إن كل شيء قد ابتدأ في
ذهن الله ونحن الذين خلقنا على صورة الله لنا أيضًا القدرة على الخلق فقد أعطانا الرب خيا ً لا فعا ً لا.
فالرب خالق هذا العالم الذي نعيش فيه. ولكنتا أضفنا إليه أشياء كثيرة مثل السيارات والأنوار والخرسانة
والسيمفونيات وذلك بفضل القدر التي أعطاها لنا الله لنخلق بأذهاننا الأشياء.
وتصبح هذه القدرة هدفًا للعدو فيحاول دائمًا أن يملأ خيالاتنا بالكذب والشر فنقلق ونخاف مما نتخيل حدوثه
رغم أن هذه الأشياء السيئة قليلة الحدوث. ويخاف الكثيرون من الظلام وهو ليس خوفًا حرفيًا من الظلام ولكنه
الخوف الذي يتكون عندما يمتلئ خيالنا بأمور رهيبة وغير حقيقية لأن بصيرتنا مشوشة.
وعندما نسمح لأبليس بالدخول إلى أذهاننا فإنه يغذي الخيالات التي تعيق قدرتنا الخلاقة. ومثال ذلك نقرأ
عن "تيدبندي" الذي قتل ثمانية عشر شخصًا وقد تم إعدامه في فلوريدا سنة ١٩٨٩ . وقبل إعدامه أخبر ذلك
القاتل طبيبه أنه كان متأثر بالقراءات الخليعة والعنيفة التي كان يقرأها.
لم يقصد الله لمخيلاتنا أن نمتلئ بالأمور والغير مقدسة. ولكن الله وهبنا هذه القدرة على التخيل لكي
نستخدمها في الإيمان. والإيمان هو تخيل ما قد قال الله وكأنه قد تم وأكمل.
١) "(الإيمان : وعندما نراه في عقولنا بتلك الكيفية نكون عندئذ قد آمنا. وهذا ما يعنيه الكتاب في (عب ١١
هو الثقة بما يرجى.."
3لأَنَّنَا وَإِنْ كُنَّا نَسْلُكُ فِي الْجَسَدِ، لَسْنَا حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ. 4إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللَّهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ. 5هَادِمِينَ ظُنُوناً وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ،
تشير كلمة حصون في هذه الأعداد إلى حصون مبنية في الذهن وهذه الحصون هي قلاع في الهواء شيدت
داخل عقولنا كنتيجة لتفكيرنا الخاطئ مثل عدم التصديق والتفكير الممتليء بالخوف أو الكآبة والتفكير بطريقة
سلبية.
وهناك حصنان ذهنيان قد شاعا بشدة هذه الأيام سواء بين المؤمنين وهما أفكار الشعور بالنقص أو غير
المؤمنين وهما أفكار الشعور بالنقصأو أفكار إدانة الذات. ولست ذكيًا بما يكفي ولا تبدو جيدًا أنت لست قادر
على فعل شيء أنت لا تساوي شيئًا. هكذا تقودنا تلك الأفكار إلى أن نحقد على الآخرين وأن نصار23
والشيطان دائمًا يتهمنا بأننا لا نرضي الله وبأننا لسنا روحيين بما يكفي وبأننا لا نقرأ الكتاب المقدس. بالقدر
الكافي وبأننا لسنا قريبين من الله. وعندما تحاصرنا تلك الأفكار، نشعر وكأننا لن نتسنم أبد. نسيم رضى الله عن
حياتنا.
ويعيش بعضالمسيحيين في إدانة دائمة كل يوم وهذان الحصنان يجب أن يهدما من خلال الحرب الروحية
وذلك بأن نرفضهما وأن نقبل ما يقوله الرب في كتابه.
حارس للذهن
تدخل الأفكار إلى أذهاننا كما يدخل الطعام إلى أفواهنا فنحن لا نشعر بكل قطعة طعام ولا نتوقف لنفكر في
كل قضمة ولكن لو أكلنا قطعة طعام فاسدة فإننا نلفظها في الحال وبطريقة عفوية. وبنفس الطريقة فإن التعامل
مع الأفكار والخيالات يمكن أن يكون أتوماتيكيًا عفويًا.
تفرض على كل موقع حربي حراسة خاصة. ويقف هؤلاء الجنود بهدوء في مواقعهم إلى أن يسمعوا أي
صوت غريب وعندئذ ينتبهون ويبحثون عن مصدر ذلك الصوت ويستعدون لمواجهة أي معتد..
وعلينا نحن أيضًا أن نضع حارسًا على أذهاننًا لكي نمتحن حقيقة كل فكرة وكل تخيل مستعدين أن نطرح
عنا ما ليس بارًا ولاحقًا وما ليس من الله. وهذه هي الحرب الروحية. أن نكون دائمًا منتبهين لكل فكرة.
7) إن أكبر مخططات إبليس هو أن يلغي فعالية : يقول الكتاب "لأنه كما شعر في نفسه هكذا هو" (أمثال 23
المسيحيين المخلصين. وحتى لو كانوا سوف يذهبون إلى السماء عند انتهاء حياتهم فإنه سوف يعوق حياتهم
هنا على الأرض، سوف يسرق أيامهم وشهورهم عن طريق دفعهم إلى التفكير بطريق خاطئة.
ولسوء الحظ فإن الشيطان – بهذه الطريقة – وقد تمكن من تحديد الآلاف من المؤمنين القادرين على تحقيق
الانتصار.
القلب
ميدان المعركة الإستراتيجية الثاني
.(٢٣ : "فوق كل تحفظ أحفظ قلبك لأن منه مخارج الحياة" (مثال ٤
عندما يتكلم الكتاب عن القلب فهو يشير إلى معانٍ كثيرة. وبالنسبة للحرب الروحية سأتناول معنيين من تلك
المعاني وهما الاتجاهات والعواطف.
يتكلم الكتاب عن حماية الأجزاء المهمة من أجسادنا بأسلحة الله. والقلب والرأس عضوان حساسان وحيويان
جسديًا وروحيًا وقد نفقد ذراعًا و ساقًا في معركة إلا أن أصابه الرأس أو القلب تؤدي إلى الموت المحتم.
وبمفهوم روحي فإن قلوبنا وعقولنا هي أعضاء حساسة جدًا وتحتاج إلى عناية خاصة ومتساوية.
نقف نحن المؤمنين بقوة ضد خطية الفعل ولكننا لا نحافظ على اتجاهات قلوبنا بنفس الحرصوالشدة. فإذا
اكتشفنا أن أحد الوعاظ زان أو سارق أو شاذ جنسيًا فإننا سوف نغضب جدًا وسوف نقاطع اجتماعاته وسنفعل
كل ما في وسعنا لخلعه من منصبه.24
ولكن لو اكتشفنا أن أحد المبشرين مغرور ومتكبر ومتمرد وممتليء بالغضب معظم الوقت فسوف يكون
تعليقنا "لا بأس فمن الجيد أن نجد شخصًا لا يخاف أن يكون طبيعيًا…مثلنا".
26 ا.غْض.ب.وا ":(27-26 : ولكن مقاييس الكتاب ليست متسامحة إلى هذا الحد إذ يقول الكتاب في (أفسس 4
و.لاَ تُخْط.ئُوا. لاَ تَغْر.بِ \لشَّم.س. ع.لَى غَي.ظ.كُم. 27 و.لاَ تُع.طُوا إِب.ل.يس. م.كَانًا".
والغضب بالطبع – ليس الاتجاه الخاطئ والوحيد الذي يمكن أن يوجد فينا ولكن يمكننا أن نرى – من ذلك
العدد والأعداد التي تليه – إن أي اتجاه خاطئ للقلب نتركه يتضخم سوف يعطي الفرصة للعدو للهجوم.
ولنتذكر أن الرسول بولس كان يكتب هذه الرسالة للكنيسة الأكثر نضجًا في العهد الجديد. فلم تكن كنيسة
أفسس تعاني من المشاكل مثل كنائس كورنثوس أو غلاطية بل كانت الكنيسة ممتلئة بمؤمنين ناضجين
ومكرسين وممتلئين من الروح القدس. ومع ذلك شعر بولسبضرورة تحذيرهم من إعطاء إبليس مكان، لم يقل
إنهم فعلوا ذلك بل قال أنهم قد يفعلون. وينطبق هذا الكلام أيضًا علينا ولسوء الحظ فإن أكثر ما نتساهل معه
هو اتجاهات قلوبنا وما ينتج عنها من كلمات أو أفعال.
التعامل مع اتجاهات القلب
إننا نسمح للاتجاهات الخاطئة أن نتأمل في قلوبنا لنصبح فيما بعد أمرًا لا يمكن مراجعته. ولذا فعلينا أن
نتعامل معها فورًا وحالما تظهر حتى نحفظ قلوبنا من تأثيرات العدو. "لا تغرب الشمس على غيظكم إنها لا
تخبرنا ألا نغضبفإذا ظهرت في حياتنا أي جذور للمرارة فعلينا أن نتعامل معها على الفور لأنه من السهل اقتلاع الشجرة
وهي صغيرة أما اقتلاع الشجرة الكبيرة فهو يحتاج إلى جهد شديد لأن الجذور سوف تكون قد امتدت إلى كل
مكان في الأرض وسنحتاج إلى الآلات والحفر في الأرض لاقتلاعها.
وهذا بالضبط ما يجب أن نفعله إذا لاحظنا اتجاه مرارة داخل قلوبنا وعلنيا عندئذ أن نقتلع أي جذر للمرارة
قبل أن يمتد ويتعمق.
لن نعيش في انتصار إذا تسامحنا مع المرارة والتمرد والكبرياء وعدم الإيمان. أسمع الكثير من المسيحيين
يقولون "إني متمرد بعض الشيء فأنا أحب أن أتساءل عن كل شيء. ومع أن هذا الموقف قد يبدو غير ضار
أو حتى مفعمًا بالحياة إذ لم يكن هناك شيطانًا، إلا أنه توجد قوى تود تدميرنا ويمكن لإبليس أن يستخدم تلك
الاتجاهات الزلقة ليقودنا إلى هزيمة روحية.
يأتي إلي الكثيرون لأخذ المشورة. ورغم أنهم مخلصون وفي طريقهم إلى المجد إلا أن إبليس لا يزال يلعب
بهم كل يوم. وهم يعانون من مشاكل في شخصياتهم وعلاقتهم وحياتهم الروحية لأنهم يعطون إبليس مكانًا بسبب
اتجاهات قلوبهم التي يرفضون تغييرها. وللأسف فإن هذه الظاهرة شديدة الانتشار بين المؤمنين.
لقد انتصر المسيح انتصارًا شام ً لا عندما سفك دمه على الصليب لأجلنا ولكننا لن نختبر مثل هذه النصرة
في حياتنا اليومية إذا رفضنا التعامل مع مواقفنا واتجاهات قلوبنا. الله لا يحملنا مسئولية ما لا نعرفه ولكنه حينما
يوضح لنا المواقف الخاطئة علينا وقتها نتعامل معها بسرعة وحتى النهاية.
اختيار الاتضاع كأسلوب حياة
"فتواضعوا تحت يد القوية لكي يرفعكم في حينه. ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتني بكم. اصحوا واسهروا
لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الأيمان عالمين أن نفس هذه
.(٩-٦ : الآلام تجرى على إخواتكم الذين في العالم". ( ١بط ٥
إن التعامل مع المشاعر السلبية يقف على نفس الدرجة من الأهمية من التعامل مع المواقف الخاطئة. إن
المشاعر ليست خطأ والله نفسه لديه مشاعر وهي عنصر مهم من عناصر الحياة وبدونها تمسي حياتنا رمادية
باهتة. ولكن الشيطان يستمتع بأن يلهمنا بمشاعر سلبية فهوة يستطيع أن يؤثر على عواطف الناس بدرجة
كبيرة.
٩) عن الطريقة التي ينبغي بها أن نتعامل مع مشاعرنا واتجاهات قلوبنا وأول -٦ : ونقرأ في ( ١بط ٥
نصيحة هي أن نتواضع.
ما معنى هذه الكلمة؟ معناها أن نختار أن يعرفنا الناس كما نحن تمامًا لأكثر ولا أقل وكم من المرات علينا
أن نتواضع؟ كم من المرات نحتاج إلى الاستحمام كلما كانت هناك حاجة إلى ذلك.
وإذ كنا نريد أن نعيش حياة كاملة فعلينا أن نتواضع كلما احتاج الأمر إلى ذلك.
يتعرض موضع الكمال المسيحي لجدال كبير في كنائسنا اليوم فالبعضيقول "لا يوجد شخصكامل" ولكن
المسيح كان شخصًا كام ً لا وهو يعيش في قلب وذهن كل مؤمن. فالكمال كما يتكلم عنه الكتاب ليس الكمال في
السلوك فر يمكن لأحد أن يعيش دون أن يخطئ أحيانًا لكن الكتاب يتكلم عن الكمال في الدافع والالتزام. الكمال وإنما تخبرنا أننا – ينبغي أن نتعامل مع ذلك الغضب.
لا يمكننا أن ندعي إن اتجاهات قلوبنا الخاطئة تختفي بمجرد أن نخلص. إذ إن الكتاب يذكرنا مرارًا
بمسئوليتنا المباشرة عن إدارة حياتنا وعن اتخاذ القرارات وتصحيح اتجاهات قلوبنا الخاطئة.
ونحن نقوم بتأدية نشاطاتنا اليومية المعتادة. مثل غسل الأسنان أو الذهاب للعمل أو ارتداء الملابس. دون
تردد سواء كنا مكتئبين أو قلقين أو لا يمكننا قط أن نلقي بمسئولية أداء هذه النشاطات على الله.
وفيما يتعلق باتجاهات قلوبنا الخاطئة فعلينا أن نتصرف بنفس المسئولية والتلقائية فمثلهما لا يمكنني تأجيل
استحمامي من شهر لآخر بدعوى إني متضايق. كذلك لا يمكنني تأجيل توبتي أو تواضعي لنفس الأسباب.
: فخلع الإنسان العتيق ولبس الإنسان الجديد يعني أن نقوم بمسئوليتنا اليومية نحو اتجاهات قلوبنا( أف 4
24 ) ولا يمكننا أن نهمل هذه المسئوليات بدعوى أننا حديثو الولادة الجديدة أو لأننا متعبون أو لأننا لا -22
.(8 : نفهم (أف 4، كو 3
ومن الأمور المهمة جدًا أن نعيش حياة ثابتة ومسئولة حتى لا تسيطر قوات الظلمة على اتجاهات قلوبنا.
فإذا تمسكنا بكبريائنا وتمردنا فلن يوجد أي ضمان حتى من الله نفسه – لحمايتنا من قوات الظلمة. وبتسامحنا
35 ،34 ). ونحن لا نتكلم هنا عن حقيقة : من المرارة في قلوبنا لشهور وسنين فإننا نعطي إبليس مكانًا (مت 18
تبريرنا بالإيمان ووقوفنا بنعمة الله. ولكن نتكلم عن إغلاق أي باب.
14،154 ) إذ : ويمكننا أن نتعرف على الأشخاصالذين سمحوا لأصل المرارة يفرخ في حياتهم. (عب 12
سوف نجدهم دائمي الغضب والنقد وكل من يلمسهم يصبح دنسًا.
٢٥
فإذا ظهرت في حياتنا أي جذور للمرارة فعلينا أن نتعامل معها على الفور لأنه من السهل اقتلاع الشجرة
وهي صغيرة أما اقتلاع الشجرة الكبيرة فهو يحتاج إلى جهد شديد لأن الجذور سوف تكون قد امتدت إلى كل
مكان في الأرض وسنحتاج إلى الآلات والحفر في الأرض لاقتلاعها.
وهذا بالضبط ما يجب أن نفعله إذا لاحظنا اتجاه مرارة داخل قلوبنا وعلنيا عندئذ أن نقتلع أي جذر للمرارة
قبل أن يمتد ويتعمق.
لن نعيش في انتصار إذا تسامحنا مع المرارة والتمرد والكبرياء وعدم الإيمان. أسمع الكثير من المسيحيين
يقولون "إني متمرد بعض الشيء فأنا أحب أن أتساءل عن كل شيء. ومع أن هذا الموقف قد يبدو غير ضار
أو حتى مفعمًا بالحياة إذ لم يكن هناك شيطانًا، إلا أنه توجد قوى تود تدميرنا ويمكن لإبليس أن يستخدم تلك
الاتجاهات الزلقة ليقودنا إلى هزيمة روحية.
يأتي إلي الكثيرون لأخذ المشورة. ورغم أنهم مخلصون وفي طريقهم إلى المجد إلا أن إبليس لا يزال يلعب
بهم كل يوم. وهم يعانون من مشاكل في شخصياتهم وعلاقتهم وحياتهم الروحية لأنهم يعطون إبليس مكانًا بسبب
اتجاهات قلوبهم التي يرفضون تغييرها. وللأسف فإن هذه الظاهرة شديدة الانتشار بين المؤمنين.
لقد انتصر المسيح انتصارًا شام ً لا عندما سفك دمه على الصليب لأجلنا ولكننا لن نختبر مثل هذه النصرة
في حياتنا اليومية إذا رفضنا التعامل مع مواقفنا واتجاهات قلوبنا. الله لا يحملنا مسئولية ما لا نعرفه ولكنه حينما
يوضح لنا المواقف الخاطئة علينا وقتها نتعامل معها بسرعة وحتى النهاية.
اختيار الاتضاع كأسلوب حياة
"فتواضعوا تحت يد القوية لكي يرفعكم في حينه. ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتني بكم. اصحوا واسهروا
لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الأيمان عالمين أن نفس هذه
.(٩-٦ : الآلام تجرى على إخواتكم الذين في العالم". ( ١بط ٥
إن التعامل مع المشاعر السلبية يقف على نفس الدرجة من الأهمية من التعامل مع المواقف الخاطئة. إن
المشاعر ليست خطأ والله نفسه لديه مشاعر وهي عنصر مهم من عناصر الحياة وبدونها تمسي حياتنا رمادية
باهتة. ولكن الشيطان يستمتع بأن يلهمنا بمشاعر سلبية فهوة يستطيع أن يؤثر على عواطف الناس بدرجة
كبيرة.
٩) عن الطريقة التي ينبغي بها أن نتعامل مع مشاعرنا واتجاهات قلوبنا وأول -٦ : ونقرأ في ( ١بط ٥
نصيحة هي أن نتواضع.
ما معنى هذه الكلمة؟ معناها أن نختار أن يعرفنا الناس كما نحن تمامًا لأكثر ولا أقل وكم من المرات علينا
أن نتواضع؟ كم من المرات نحتاج إلى الاستحمام كلما كانت هناك حاجة إلى ذلك.
وإذ كنا نريد أن نعيش حياة كاملة فعلينا أن نتواضع كلما احتاج الأمر إلى ذلك.
يتعرض موضع الكمال المسيحي لجدال كبير في كنائسنا اليوم فالبعضيقول "لا يوجد شخصكامل" ولكن
المسيح كان شخصًا كام ً لا وهو يعيش في قلب وذهن كل مؤمن. فالكمال كما يتكلم عنه الكتاب ليس الكمال في
السلوك فر يمكن لأحد أن يعيش دون أن يخطئ أحيانًا لكن الكتاب يتكلم عن الكمال في الدافع والالتزام. الكمال
٢٦
الكتابي هو الالتزام بالحق. فإذا انتهكنا هذا الحق فعلينا أن نلزم أنفسنا بتصحيح الخطأ فورًا وذلك بأن نتضع
أمام الله والآخرين ونتوب.
الكمال الكتابي لا يعني أننا لن نغضب أو نستاء من شيء ولكنه يعني أنه حالما نتعرف على هذه الأمور
في حياتنا فإننا نتعامل معها فورًا وذلك بأن نتضع. وهكذا يصبح التواضع أسلوب حياة ويصبح من السهل أن
نقول "أنا آسف. لقد كنت متكبرًا هل سامحتني من فضلك؟" إن وعد الله لنا هو أنه إذا أتضعنا فسوف يرفعنا.
١٢ ). وبالتالي فإننا لو لم نتضع عندما : ووعده أيضًا أنه إذا رفعنا أنفسنا فإنه هو سوف يضعنا (مت ٢٣
يقتضي الأمر ذلك نكون وقتها قد رفعنا أنفسنا ولذلك فمن الأسهل لنا أن نختار حياة الاتضاع وذلك لأن الاتضاع
الحقيقي يعقبه الارتفاع لأن للرب يحفظ وعوده. لا يجب قط أن نخشى التواضع .
إبطال مفعول الثلاث ركائز الأساسية
ينصحنا الكتاب .في تعاملنا مع المشاعر و الاتجاهات ألا نقلق و أن نلقي كل همومنا عليه فالقلق علامة
على الخوف وعدم الأيمان ولا يمكننا أن نضع ثقتنا في الله وأن نقلق في نفس الوقت.
القلق هو الشك في رغبة الله وقدرته على الاعتناء بنا.
ووسط مئات النصائح التي يقدمها لنا الكتاب المقدس فإن الاتضاع وعدم القلق يظهران كمحورين أساسين
للحرب الروحية.
الكثيرون منا ينبهرون من مملكة إبليس العريضة والمعقدة. فالخرافات والسحر والشعوذة والديانات الشرقية
والفلسفات والإباحية والمخدرات والقتل وكل شر آخر كلها تتناغم معًا بقيادة قوات الظلمة. ويمكن لمملكة
الظلمة المرعبة – هذه – أن تؤثر على العالم كله ويمكنها أن نغمر وتجتاح أيضًا المؤمنين الذين لا ينبهرون
أكثر بشخص الله وبمملكته العظيمة.
وهناك ثلاث ركائز أساسية تحمل مملكة إبليس وتمثل الأساس لكل ما يفعله وإذا منعنا هذه الأمور من دخول
حياتنا فإننا نكون قد جردنا إبليس من سلاحه وقللنا من تحركاته في حياتنا. وتلك الركائز هي الكبرياء والخوف
وعدم الإيمان. فكل ما يفعله إبليس وكل مملكته وكل طبيعته تنبثق من الكبرياء والخوف وعدم الإيمان.
ويجب ألا نتسامح قط – كمؤمنين – مع هذه الأمور في حياتنا، بل أن نواجه الكبرياء بالاتضاع، والخوف
وعدم الإيمان بإلقاء همومنا على الرب.
جادون ولكن مبتسمون
٨) أن نصحو ونسهر والجدية في الحرب الروحية تعني أن نكون : يتوسل إلينا الرسول بطرس في ( ١بط ٥
دائمًا منتبهين وعلى حذر شديد وأن لا نسمح لأنفسنا قط أن نقع تحت تأثير أي شيء يمكن أن يعطل انتباهنا
لما يدور حولنا.
لو تواجهنا في الخطوط الأمامية للقتال حيث تتطاير القذائف والطلقات في كل مكان من حولنا فإنه يمكننا
أن نحتمي بالخنادق والسوائر. وعلى الرغم من تطاير الرصاص فوق رؤوسنا فإنه يمكننا أن نشعر ببعض٢٧
الطمأنينة خلف أكياسالرمال وذلك طالما نحن نعرف أين نحن. ولكن لو نسينا – ولو للحظات مكاننا فسوف
نرفع رؤوسنا ن الخندق ونقتل.
وطالما بقينا جادين ومدركين تمامًا للتهديدات المحتملة فإنه يمكننا أن نستمتع بالحياة بكاملها دون أن يخالجنا
أدني شك في أن الروح القدس سوف يحفظنا من الخطر.
ويمكن للمؤمن أن يستمتع بحياته أكثر من أي شخص آخر فالحياة قد وهبت لنا لكي نستمتع بها.
ولكن علينا أن نتذكر وسط أوقات تسلياتنا ومناقشاتنا ولقاءاتنا الاجتماعية ووسط كل موقف، أننا على
الخطوط الأمامية لمعركة حقيقية وإنه يتحتم علينا أن نفتح عيوننا وأن نكون متيقظين لكي نميز أعمال العدو.
ثم يطلب من الرسول بطرس أن نتضع وألا نقلق وأن نصحو ونسهر لأن خصمنا كأسد زائر يجول ملتمسًا
من يبتلعه هو.
إننا كثيرًا ما ننسى من هو عدونا الحقيقي. إن عدونا الحقيقي هو الشيطان وهو عدو لكل فرد منا ونحن نميل
للاعتقاد أن قوى الظلمة هي قوي شريرة غامضة نتسلل إلى حياة كل واحد فينا دون أن تهاجمنا بطريقة
شخصية. ولكن هجوم إبليس الناجح على المؤمنين هو هجوم موجة إليهم كأفراد وليس إلى الكنيسة ككل.
لا تخشى زئير العدو
يجول هنا الأسد المزمجر ملتمسًا أن يبتلع أولاد الله. ولكنه لا يستطيع ذلك بسبب قوة الله الحافظة وهو يعلم
أنه لا يستطيع أن يبتلع المؤمنين، إلا أنه يخيفهم بزئير وبذلك يضعف فاعلية المؤمن.
إن زئير الأسد وقوة فكه وحدة مخالبه مخيفة جدًا. ومن السهل أن نستجيب عاطفيًا عندما نواجه بذلك الزئير
الرهيب وبالموت المتوقع. فإذا كان رد فعلنا هو الابتعاد عن طاعة الله. فسوف نفسح المجال للشيطان ليهزمنا.
يزأر فنغضب؛ يزأر فنشتهي؛ يزأر فنكئب؛ يزأر فتمرد. هل نقتاد بزئير الأسد أم الله.
كثيرًا ما نغير مكان عملنا لأننا نحتاج لمال أكثر؛ ونتزوج لأننا نشعر بالوحدة، ونترك منزلنا لنعيش في منزل
أكبر؛ ونترك كنائسنا لأننا نغضب أو نمل أو نشك إمكانية إصلاحها. أين صوت الله في كل هذه القرارت؟ إذا
أخذنا قرارتنا فقط تحت تأثير مشاعرنا فليس الله قائدنا، بل زئير الأسد هو الذي يقودنا ونتحرك بسبب غضبنا
وخوفنا وتبرئنا من مكان الحماية إلى مكان يتمكن فيه إبليس من ابتلاعنا. لو نظرنا حولنا فسنرى لمقاعد
الشاغرة والمواقع المهجورة من قبل هؤلاء الذين سمحوا لزئير الأسد أن يقود حياتهم.
الشيطان يتعلم سريعًا ويميزضعفاتنا ومن طبيعته أن يعرينا ويهاجمنا ونحن في أضعف نقاط حياتنا. وسيظل
يعمل الشيء الواحد الذي يأتي بنتيجة وذلك طوال حياتنا. وسيقول لنا إن علينا أن نستجيب كلما زأر وسيخبرنا
أن هذا وضعنا ولن نستطيع أن نفعل شيئًا حيال ذلك.
ولكن لنعلم أنها كلها أكاذيب وإنه لا توجد قيود نستعصى على قدرة المسيح على تحريرنا.
يريد الله أن يكون قائدنا لأنه يحبنا ويعرف ما هو لصالحنا وقد منحنا المشاعر ويريدنا أن نعيش ملء
المشاعر. يمكننا أن نضحك وتفرح ونغني ويمكننا أيضًا أن نبكي ونحزن ونتألم فالمفروض أن تتوازن حياتنا
عاطفيًا.
٢٨
ولكن لنحذر أن نتخذ القرارات الخطيرة في حياتنا بناء على هذه العواطف. فالله هو قائدنا وليست عواطفنا
أو زئير الأسد.
هناك فلسفة ذات اتجاه إنساني تقول "لو شعرت أن هذا الشيء جيد فأفعله". إن هذا القول أناني ضد الله وضد
المسيحية. فالمشاعر لا ينبغي أن تؤثر على اختياراتنا ولكن ما سنختاره سيؤثر تأثيرًا هائلأ على مشاعرنا.
علينا أن نطبع الحق مهما كانت مشاعرنا وإذا أطعنا الله فسوف تأتي المشاعر الجيدة لاحقًا.
يريدنا الله أن نقف بأقدام راسخة وأن نقول بكل تصميم "أن أتحرك مهما كانت مشاعري أو رغباتي فلن
أبالي لمشاعر الكآبه والمذلة أو الألم وخيبة الأمل. فلن أبرح هذا المكان إلا عندما يقوديني الله بوضوح لنتحرك".
يجب أن يعرف الرب وأن نعرف نحن أنه مهما حدث فلن نستجيب إلا له حتى وإن كنا في عمق اليأس أو
إن خذلنا من الآخرين أو عندما تنادينا عواطفنا أن تجري وتدرك مكاننا. ففي وسط كل هذه ستقف ثابتين
وستنتظر الرب فهو لن يخذلنا.
يجب أن نقول "لا" لأنفسنا ونعم" لله هذا هو النضوج الروحي ولن يتركنا إبليس إلا إذا رأى فينا مثل هذا
العزم.
الفم
المنطقة الخطيرة الثالثة
رغم إنه من المفروضأن نكون مشجعين للإخوة وأن نكون معلنين للحق ولكن كثيرًا ما نسمح لأفواهنا أن
تكون أداة تدمير بين يدي العدو والكثيرون ممن التقيت بهم في جلسات طلب المشورة جازوا في آلام نفسية
مبرحة بسبب تعليقات قيلت لهم أو عنهم. وهم يحملون جروحًا حقيقية وكأنها جراح جسدية وكل ذلك بسبب
الكلمات التي قيلت لهم.
والكلمات أداة مذهلة تهب الحياة أو الموت. فكلمات الفم مقترنة بموقف القلب تشكل قوة روحية. والعظة
أو الرسالة الممسوحة بالروح القدس تعطي الفرصة لنفتح العقول والقلوب لسماع الحق.
ومن خلال الكلمات الممسوحة بالروح تأتي قوة تغيير القلب والحياة.
ويمكن أن تصبح كلماتنا أداة الروح القدس للحق والبر والحياة أو أن تصبح أداة الشيطان للخديعة والاتهام
والموت. والكلمات مثلها مثل الموسيقى هي وسط ناقل للمعاني، وهذا الوسط ليس أخلاقيًا بمعنى أنه في حد
ذاته ليس صالحًا أو شريرًا .
يعرف الكثيرون من المسيحيين أن الكلمات لها قوة فنحن نعلم أننا لو اجتمعنا للصلاة من أجل شخص مريض
يعيش على بعد آلاف الأميال فإننا نستطيع أن نؤثر على جسد هذا الشخص. إننا نؤمن بقوة الصلاة ولو لم تكن
لكلماتنا قوة ولو كان الله سيفعل ما سيفعله بغضالنظر عن كلماتنا لكان علينا أن نكف عن الصلاة. ولكن لكلماتنا
قوة بالله وذلك صلينا بحسب مشيئته وفي اتفاق مع مواعيده.
من أين أتت تلك العبارة؟٢٩
إذا كنا نستطيع أن نطلق قوة فوق طبيعية لمساعدة شخصمريضعلى بعد آلاف الأميال، فأي قوة أنه ليس
ثمة ضرر من يمكننا أن نطلقها إذا اجتمعنا معًا ننتقد ونتشاكى؟ وعندما تفيض كلماتنا من قلب أناني أو ناقد
فإننا نظن أنه جراء ذلك. ولكن علينا أن ندرك أن كلماتنا لها قوة وتأثير وأن أفواهنا إما أن تكون ينبوعًا للحياة
٢١ ) وكان داود يصلي قائ ً لا "اجعل يا رب حارسًا : أو للموت والحياة في يد اللسان وأحباؤه يأكلون ثمره (أم ١٨
٣) فلتكن صلاة داود هي صلاتنا. : لفمي. أحفظ يا رب شفتي (مز ١٤١
وتتضح أهمية حفظ أفواهنا في قصة أيوب. ولا يعني ذلك أننا ينبغي أن نلتزم الصمت أو أن نخنق مشاعر
الألم أو الغضب في داخلنا لأن أيوب نفسه لم يفعل ذلك. ولكن الكتاب يعلن أن أيوب لم يخطئ إلى الله ولم ينسب
١٠ ) ويعتبر هذا تصريحًا مذه ً لا لأن أيوب لم يقف صامتًا بل صرخ إلى الله قائ ً لا :٢٢،٢ : إليه جهالة (أيوب ١
"إني لا أفهم – أنت بار فلماذا إذن أصابني كل هذا؟ ألن يؤثر ما نفعله بي في صورتك في أعين الناس؟ ولكنه
رغم كل صراحته إلا أنه لم يتجاوز الخط الأحمر وكانت أمانته ثابتة من نحو الله. ولأجل هذا لم يتمكن الشيطان
من أن يجد طريقة إلى حياة أيوب لأنه لم يخطئ بشفتيه.
هل يستطيع الرب إن يقول عنا نفس الشيء؟ هل يستطيع أن يقول إننا لم نخطئ بشفتينا عندما تشتد بنا
الأمور؟ أو حين نضطرب أو نتألم؟ هل نبقى أمناء لشخص الله؟ وهل نحفظ شفتنيا؟
محاولة إخفاء التطورات القبيحة
توجد طرق كثيرة تخطئ بها أفواهنا ويستمتع الشيطان جدًا بإلهامنا كلماتنا. وغالبًا ما يحدث هذا عندما
نجتمع مع الأصدقاء فيبدأ أحدهم بتعليق – يبدو بريئًا – عن شخص غير موجود ثم تتحول التعليقات إلى
ملاحظات ثم إلى اهتمامات وتتطور هذه الاهتمامات إلى نقد ويتحول النقد إلى اتهام.
ونحن نحاول أن نخفي ذلك التطور المشين في كلامنا بأن نغلف كلامنا القاسي بعبارات الحب مثل "يجب
أن نصلي من أجل هذا الشخصلأنه ….". "إنني أشارككم هذا لكي تعرفوا ما تصلون لأجله" "أنا لا أدين ولكن
١٠ ) "من الفم الواحد تخرج بركة ولعنه" إننا نستطيع أن نطلق : …" أنه قائد رائع ولكن …." يقول يعقوب في ( ٣
من أفواهنا بركات فائقة للطبيعة ويمكننا أن نساعد العدو في هجماته على الناس.
يمكن لأفواهنا أن تهدم ما يحاول الله أن يبنيه بيننا. ففي كل مجموعة سوف نجد شخصًا له موهبة خاصة
في عدم التصديق فهوة يرى الأخطاء والموانع في كل مشروع أو اهتمام. ويمكن أن يؤثر على كل المجموعة
مطلقًا للكلمات السلبية إلى أن يصدق الجميع أن الأمر لن يفلح كما فعل الجواسيس العشرة الذين أرسلهم موسى
ليتجسسوا أرض الميعاد إذ يقول الكتاب "أشاعوا مذمة في الأرض" (عدد ١٣ ) وهذا ما جعل الله يغضب لأن
تلك الكلمات السلبية أعاقت ما أراد الله أن يصنعه.
هناك قوة في أفواهنا وما نتفوه به تملك قوة روحية سواء كانت سلبية أم إيجابية فالكلمات نستطيع أن تلوثنا
وأن تلوث الآخرين أيضًا. لذا فلنحفظ أفواهنا.
ونحتاج إلى ضبط النفس بأن نبقى شفاهنا مغلقة عندما تحترق قلوبنا شوقًا لكي نتفوه بما لا ينبغي أن نقوله.
.(١٨ : "أما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر ذلك ينجس الإنسان" (متى ١٥
إذا أقمنا حراسة دائمة على أذهاننا وقلوبنا وأفواهنا سوف نمنع الشيطان من دخول حياتنا وستختبر النصرة
الحقيقية وستكون مستعدين لله٣٠
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق