المؤمن والارتداد الروحى ؟ ( هل ممكن ان يرتد المؤمن )؟

المؤمن والارتداد الروحي




أولاً:- تعريف المؤمن.
ثانياً:- مفهوم الارتداد.


     هل يمكن أن يرتد المؤمن ويهلك ؟ سؤال حيَّر الكثيرين إذ انقسموا بصدده إلى شيع ومذاهب. وحتى لا نحيد عن جادة الصواب في الإجابة على هذا السؤال علينا أن نناقش قضيتين أساسيتين هما :-

          تعريف المؤمن.
          مفهوم الارتداد.

أولاً: تعريف المؤمن


     قد يظن البعض أن كل المسيحيين مؤمنون. فهذا خطأ شائع، والواقع أن المسيحيين ينقسمون إلى ثلاثة أنواع:
     مسيحيون إسميون.
    ومسيحيون متدينون.
    ومسيحيون مؤمنون.

( 1 ) المسيحيون الإسميون :
     نستطيع أن نسميهم المسيحيين بالوراثة: وهم أولئك الذين ولدوا من أبوين مسيحيين وأطلق عليهم أسماء مسيحية، وأحياناً يتهربون منها فيختارون أسماء مشتركة تبعد عنهم شبهة المسيحية!! وكل ما يربطهم بالمسيحية وجود كلمة (مسيحي) في خانة الديانة بشهادة الميلاد أو البطاقة الشخصية ... أما حياتهم وسلوكهم فلا تمت للمسيحية بصلة. فهم لا يعرفون باب الكنيسة اللهم إلا في المناسبات عندما يحضرون إكليلاً أو جنازة أو ليالي الأعياد.
وهم لا يقرءون الكتاب، ولا يرفعون الصلوات ... أفنقول عن هؤلاء أنهم مؤمنون ؟! كلا. بل هم مسيحيون إسميون بالوراثة. مثل هؤلاء قيل عنهم "لك اسم أنك حي وأنت ميت" (رؤ3: 1). والنوع الثاني من المسيحيين هم:

(2) المسيحيون المتدينون:
     ويمكن أن نسميهم المسيحيين المظهريين وهؤلاء يكتفون بممارسة شكلية العبادة دون فاعلية الإيمان في حياتهم. وهم يمتازون عن الفئة السابقة بأنهم يواظبون على الذهاب إلي الكنيسة، ويصلون ويصومون ويتصدقون ويسمعون الكلمة ولكنهم لا يفهمونها. وقد شبه السيد المسيح هذه الفئة في مثل الزارع بالطريق إذ قال: "كل من يسمع كلمة الملكوت ولا يفهم فيأتي الشرير ويخطف ما قد زرع في قلبه. هذا هو المزروع علي الطريق.(مت13: 19).

     وفي إنجيل معلمنا مرقس البشير نقرأ ذلك في أسلوب آخر فيقول: "وهؤلاء هم الذين علي الطريق. حيث تزرع الكلمة وحينما يسمعون يأتي الشيطان للوقت وينزع الكلمة المزروعة في قلوبهم." (مر4: 15).

     ومعلمنا لوقا البشير يصيغها في أسلوب آخر فيقول: "الذين على الطريق هم الذين يسمعون ثم يأتي إبليس وينزع الكلمة من قلوبهم لئلا يؤمنوا فيخلصوا." (لو12:8).

     وبمقارنة هذه الأقوال التي ذكرها البشيرون الثلاثة نستخلص صفات هؤلاء المسيحيين الاسميين المظهريين، فنجد أنهم:-
يسمعون الكلمة
ولا يفهمونها
ينزعها إبليس منهم
فلا يؤمنون
ولا يخلصون 
فهل نستطيع أن نطلق عليهم أنهم مؤمنون؟ والسيد نفسه يقول "لئلا يؤمنوا فيخلصوا" (لو12:8).

     وبالرغم من أنهم غير مؤمنين نراهم يتبعون المسيح ويسمعون الكلمة، لهذا فيمكن تسميتهم مسيحيين متدينين وليسوا مؤمنين.

    وبكل حسرة أقول أن هناك نسبة كبيرة من شعبنا يتبعون هذا النوع إذ نجد الكنائس مزدحمة بالناس في أيام الآحاد والأعياد والمناسبات، ولكنهم مظهريون، وليس للإيمان نصيب في قلوبهم، يسمعون كلمة الوعظ ولكنهم لا يحاولون فهمها أو تطبيقها في حياتهم، بل يخرجون من الكنيسة تماماً كما دخلوا. مكتفين بتخدير ضمائرهم أنهم حضروا الكنيسة!! وانطبق عليهم قول الرسول"لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها" (2تى5:3).

     هذا عن المسيحيين الاسميين والمسيحيين المتدينين، بقى أن نتكلم عن الفئة الثالثة من المسيحيين وهم:


(3) المسيحيون المؤمنون:
     وهؤلاء أيضا ينقسمون إلى فئات ثلاث فنرى من بينهم:- 
المؤمن العقلي.
والمؤمن العاطفي.
والمؤمن  القلبي الروحاني.

( أ ) المؤمن العقلي:
     وهو المشار إليه في مثل الزارع بالأرض المحجرة، التي تشير إلى تربة القلب الحجرية، فالسيد يقول: "المزروع على الأماكن المحجرة هو الذي يسمع الكلمة وحالا يقبلها بفرح، ولكن ليس له أصل في ذاته بل هو إلى حين. فإذا حدث ضيق أو اضطهاد من أجل الكلمة فحالا يعثر(مت20:13،21).

     ومعلمنا لوقا البشير يصيغها في أسلوب آخر فيقول: "الذين على الصخر هم الذين متى سمعوا يقبلون الكلمة بفرح. وهؤلاء ليس لهم أصل فيؤمنون إلى حين، وفي وقت التجربة يرتدون." (لو13:8). وبمقارنة أقوال البشيرين نستطيع أن نستخلص صفات هذا النوع من المؤمنين:-
يسمعون الكلمة
يقبلونها بفرح
يؤمنون إلى حين
يرتدون

     ولعلك تلاحظ يا أخي أنهم يؤمنون إلى حين ثم يرتدون ارتداداً دائما لأن قلوبهم حجرية لم تتأثر بالكلمة وإنما كان قبولهم للكلمة قبولا عقلياً، وإذ صادفتهم التجارب ينسون ما سمعوه ويرتدون إلى حالتهم الأولى.

    هؤلاء نستطيع أن نسميهم مؤمنين لأن المسيح قال عنهم "يؤمنون إلى حينلأنه في هذا الحين الذي كانوا فيه مؤمنين لا نستطيع أن نميز إن كان إيمانهم دائما أم هو إلى حين! إذ هو مصحوب بالفرح. ولكن الله الذي يفحص القلوب يعرف انهم أمام التجربة سيرتدون.

     كم من أناس عندما نكلمهم عن المسيح يقبلون الكلام بفرح ويؤمنون فعلا بذلك، ولكننا نحزن كثيراً عندما نراهم قد ارتدوا إلى ما كانوا عليه أولاً، انهم المؤمنون العقليون الذين ما زالت قلوبهم متحجرة، فما لم يسلموا حياتهم للرب لينزع قلوبهم الحجرية ويعطيهم قلب لحم (حز19:11) لا يمكن أن يخلصوا.

( ب ) المؤمن العاطفي :
     وهو المشبه في مثل الزارع بالأرض المليئة بالأشواك. فقد قال السيد المسيح "هؤلاء هم الذين زرعوا بين الشوك. هؤلاء هم الذين يسمعون الكلمة وهموم هذا العالم وغرور الغنى وشهوات سائر الأشياء تدخل وتخنق الكلمة فتصير بلا ثمر" (مر19:4).

     ولوقا البشير يقول عنهم "يسمعون ثم يذهبون فيختنقون من هموم الحياة وغناها ولذاتها ولا ينضجون ثمراً" (لو14:8).

     من هذا نستطيع أيضا أن نستخلص صفات هذا المؤمن العاطفي.
يسمع الكلمة.
يخنق الكلمة بالهموم والغرور.
والشهوات واللذات.
فلا يثمر.

     هذا النوع من المؤمنين هم عاطفيون فعندما يسمعون الكلمة يتأثرون بها ويؤمنون ثم عندما يذهبون (لو14:8) أي يبتعدون عن المجال الروحي تتغير عواطفهم فيتأثرون بالهموم والغنى ويسمحون للشهوات والملذات أن تدخل في حياتهم (مر19:4) وعندئذ تموت الكلمة ولا يأتون بثمر (لو14:8) والكتاب المقدس يقول "كل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تقطع وتلقى في النار" (مت10:3) ورب المجد نفسه قال "كل غصن في لا يأتي بثمر ينزعه." (يو2:15).
ولماذا ندرج هذا النوع إذن ضمن المؤمنين؟!

     إننا ندرجه ضمن المؤمنين لأنهم يؤمنون إلى حين (لو13:8) وفي هذا الحين يتراءون لنا كأنهم مؤمنون تماما إذ يسمعون الكلمة ويقبلونها  فكثيرا ما يصادفنا في خدمتنا هذا النوع المتقلب العواطف  فعندما يقبلون الكلمة نفرح بهم ونحسبهم في عداد المؤمنين، أما الله كاشف السرائر الذي كل شئ مكشوف وعريان أمامه يعلم نهايتهم أنهم سوف يختنقون (لو14:8) ولا يرجى لهذا النوع خلاصاً إن لم يركزوا عواطفهم في المسيح يسوع.

( ج ) المؤمن القلبي الروحاني : 
     هذا المؤمن الروحاني الذي قبل الرب في حياته فادياً ومخلصاً وملكاً. وقد شبهه السيد في مثل الزارع بالأرض الجيدة فبحسب رواية معلمنا متى البشير نقرأ عنه : "المزروع  على الأرض الجيدة فهو الذي يسمع الكلمة ويفهم، وهو الذي يأتي بثمر، فيصنع بعض مائة وآخر ستين وآخر ثلاثون" (مت23:13).

     وبحسب رواية مرقس الرسول نقرأ "هؤلاء هم الذين زرعوا على الأرض الجيدة، الذين يسمعون الكلمة ويقبلونها ويثمرون واحد ثلاثون وآخر ستين وآخر مائة (مر20:4).

     وفي إنجيل معلمنا لوقا نقرأ "الذي في الأرض الجيدة هم الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح ويثمرون بالصبر." (لو15:8).
     فمن أقوال البشيرين الثلاثة نرى صفات المؤمن القلبي الروحاني:
          *  يسمع الكلمة (مت23:13)
          *  يقبلها         (مر20:4)
          *  يفهمها        (مت23:13)
          *  يحفظها في قلبه (لو15:8)
          * يثمر بالصبر (لو15:8)
لماذا نسمى هذا النوع بالمؤمن القلبي؟

     نسميه كذلك لأن السيد نفسه يقول عنهم أنهم "يحفظون الكلمة في قلب جيد صالح (لو15:8).

     ولأن بولس الرسول يحدد مركز الإيمان الحقيقي وهو القلب عندما قال "لأن القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص"(رو10:10).
    ولأن الأيمان إذا دخل إلى القلب غيره كلية إذ يقول الرب "أعطيكم قلباً جديداً وأجعل روحا جديدة في داخلكم وانزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم" (حز26:36). 

     وقال أيضا "أعطيهم قلبا ليعرفوني أني أنا الرب فيكونون لي شعباً وأنا أكون لهم إلهاً لأنهم يرجعون إلى بكل قلوبهم"(أر7:24).

     ولهذا فإن داود النبى عندما طلب من الرب قال "قلبا نقياً اخلق في يا الله وروحاً مستقيماً جدد في داخلي" (مز10:51).

     فالمؤمن القلبي هو ذاك الذي قبل المسيح في الداخل فاصبح ابناً لله "كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه" (يو12:1).

     والمؤمن القلبي هو ذاك الذي صار "المسيح حياته(كو4:3) وصار له "فكر المسيح(1كو16:2). وأخذ طبيعة المسيح"لأننا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه"(أف30:5) وحسب له بر وقداسة المسيح "ومنه أنتم بالمسيح يسوع الذي صار لنا من الله حكمة وبر وقداسة وفداء" (1كو30:1). وكما قال بولس الرسول أيضا "جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه" (2كو21:).

    ويعلق على ذلك القديس يوحنا ذهبي الفم قائلاً: [تأمل عظمـة الأشياء التي وهبها الـرب لك.  فأنه أمـر عظيم حقا أن يموت خاطئ من أجل آخر. ولكن أي لغـة تستطيع أن تعبر عن عظمة موت البار من أجل الأثمة، ليس ذلك فقط بل أن يحسب أيضا لعنة، وأكثر من هذا هباتـه الغنية المجانية التي ما كنا نتوقعها إذ يقول: إن البار جعل خاطئا لكي يجعل الخاطئ باراً. ولم يقل ذلك فحسـب بل ما هو أعظم بكثير  فلم يقل جعل خاطئا بـل  جعل خطية ولم يقل الذي لم يخطئ بل الذي لم يعـرف خطية لكي نصير نحن، لم يقل أبراراً بل قال نصير براً وبر الله لأن هذا هو بر الله إذ قد تبررنا ليس بالأعمال بل بالنعمة وبذلك فإن خطايانا كلها قد محيت.]

      هذا النوع من المؤمنين هم الذين قال عنهم بولس الرسول "الذين يحبون الله الذين هم مدعون حسب قصده لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه ... والذين سبق فعينهم فهؤلاء دعاهم أيضا. والذين دعاهم فهؤلاء بررهم أيضا. والذين بررهم فهؤلاء  مجدهم أيضا" (رو28:8ـ30).
     وقال عنهم بطرس الرسول "المختارين بمقتضى علم الله الآب السابق في تقديس الروح للطاعة ورش دم يسوع المسيح"(1بط1:1،2).
     أخي تستطيع إذن الآن أن تفحص نفسك لترى إن كنت مجرد مسيحي اسمي ولم تدخل بعد في دائرة الأيمان؟ أو إن كنت مؤمنا عقليا تؤمن بوجود الله والأقانيم والطقوس والعقائد وتكرم الرب بشفتيك أما قلبك فمبتعد عنه بعيدا وباطلاً تعبده (مر6:7)؟ أم إن كنت مؤمنا عاطفياً متقلباً؟!  أم مؤمنا قلبياً حقيقياً صارت لك الطبيعة الجديدة والامتيازات الجليلة التي لأبناء الله؟!!

     والآن بعدما عرفنا أنواع المسيحيين وفئات المؤمنين دعنا نناقش  مفهوم الارتداد .



ثانيا: مفهوم الارتداد


   الارتداد هو ترك الرب والرجوع إلى الخطية. وقد وضح هذا المفهوم أشعياء النبي بقوله "تركوا الرب، استهانوا بقدوس إسرائيل، ارتدوا إلى الوراء" (اش4:1).

          ولكي نفهم الأمر جليا، يجب أن نعرف أن هناك نوعيين من الارتداد:
          1- ارتداد إلى حين.               
           2- وارتداد دائم.
( 1 ) الارتداد إلى حين: 
     فالمؤمن القلبي الذي قبل الرب في حياته مخلصاً وفادياً وملكاً قد ينتابه ضعف فيسقط في الخطية وقد يرتد. ولكن هذه الحالة لا تدوم طويلاً إذ سرعان ما يبكته روح الرب، فيستجيب لهذا التبكيت ويندم تائبا ويرجع إلى حضن أبيه ثانية. ولتوضيح هذا النوع من الارتداد نتكلم عن: جوهره، ونهايته.

( أ ) جوهره: هذا النوع من الارتداد هو حالة سقوط ناتجة عن الضعف البشرى الذي يلازم المؤمن الروحاني، كما قال القديس أوغسطينوس:
    [إن المعمودية تغسل كل الخطايا  ولكنها لا تـنزع الضعف البشرى الذي يظل المتجدد يقاومه في جهاد حسن، هذا الضعف الذي نقاومه بين سقطة وقيـام حتى المـوت، سينتهي بتجديد آخر (في مجيء الرب الثاني).]


فهذا النوع من الارتداد ليس ناجما عن قساوة قلب وعناد، ولا عن استباحة واستهانة وإنما هو نتيجة الضعف البشرى الذي يلازم المؤمن الروحي.

(ب) نهايته: إن هذا النوع من الارتداد يستجيب فيه المؤمن لتبكيتات الروح القدس فيتوب ويعترف بخطاياه ولذلك فهو غالبا ما يؤدي إلى العودة والتوبة لا إلى الهلاك. إذ هو ارتداد إلى حين ينتهي برجوع المؤمن إلى نفسه فيستيقظ بعد غفلة ويقوم ويرجع إلى أبيه. والكتاب المقدس يوضح ذلك في مواضع عدة:-
+ يقول سليمان الحكيم  "الصديق يسقط سبع مرات ويقوم(أم16:24).
+ وداود النبى يزيد على ذلك قوله "إذا سقط لا ينطرح (لا يهلك) لأن الرب مسند يده" (مز24:37).

     لهذا يقول ميخا النبى  "لا تشمتي بي يا عدوتي إذا سقطت أقوم، إذا جلست في الظلمة فالرب نور لي"  (مى8:7).
+ وارميا النبى يقول عن مثل هؤلاء "هل يسقطون ولا يقومون؟  أو يرتد أحد ولا يرجع ؟(أر4:8).

     من هذا نرى أن المؤمنين الروحانيين الذين يسقطون عن ضعف إن تابوا لا يهلكون بل على العكس من ذلك فقد قال الرب عنهم: "أنا أشفى ارتدادهم أحبهم فضلاً" (هو4:14).

     لهذا فهم يهتفون مع بولس الرسول قائلين "أما نحن فلسنا من الارتداد للهلاك بل من الإيمان لاقتناء النفس" (عب39:10).
     وعن هؤلاء قال القديس يوحنا ذهبي الفم:


[المؤمن الذي من هذا النوع إذا أخطأ تحت ظروف معينـة سرعان ما يرجع إلى نفسه حتى وإن عاش فترة متلذذا  بحياة الشر، فالله الذي يعرف كل شئ لا يتغاضى عنه وإنما يسرع وينقذه فداود النبي الذي ارتكب جريمتي زنا وقتل، إذ قد فعل ذلك لظروف معينة، وليس نتيجـة لممارسـة الشـر كشيء مألوف واعتيادي في حياته سرعان ما قام واغتسل من هذه الخطية.


     وجميل أن يميز يوحنا ذهبي الفم بين من يمارسون الشر في حياتهم كشيء مألوف اعتيادي وبين المؤمنين الروحانيين الذين صارت الخطية بالنسبة لهم شيئاً غريبا ممقوتاً لأن قلوبهم قد تغيرت وأصبح لها طبيعة المسيح التي تبغض الإثم. فإن هم سقطوا في الخطية كان ذلك نتيجة ضعف أعقبه حزن وتبكيت ثم توبة وقيام.

     ويضع العلامة أوريجانوس تشبيهاً جميلاً لهذه الحالة فيقول:
     [لكي نظهر طبيعـة السقوط والارتـداد  نذكـر تشبيـها مناسبا للتوضيح: هب أن شخصا تعلم فنا  أو علما كالهندسة أو الطب حتى أتقنه ... فهل من المعقول أنه إذا نام يستيقـظ جاهلاً؟!. فمن الطبيعي أنه إذا واظب المهندس أو الطبيـب عـلى دراسة فنه وممارسته عمليا يحتفظ بمعلوماته، ولكنه إذا أهمـل ذلك فسوف يفقدها بالتدريج حتى يأتي عليه وقت تنمـحي من ذاكرته تماماً. على أنه من الممكن معالجة الأمر في بدايته، فمـن يرتـد مستسلما لعوامل الكسل والإهمال التي تبدو بسيطة في أولها، إن هو قام ورجع إلى نفسه بسرعة، واصلـح الخسائر التي مازالت حديثة إلى ذلك الوقت ، نجا من خطر الارتداد. هكذا الحال مع أولئك المؤمنين الذين كرسوا ذواتهم لله.]

      وما أجمل ما قاله القديس أوغسطينوس أيضا في هذا الصدد:
      [إننا مدينـون بالخطايا  ربما تقولون: وأنتـم أيضـاً أيها الأساقفة مدينون بالخطايا؟ أجيب نعم نحن أيضا.  "فإن قلنا أنه ليس لنا خطية نضل أنفسـنا وليس الحق فينا" (1يو8:1).
إننا قد اعتمـدنا ومع  ذلك فنحـن مدينـون، ليـس لأن المعمودية لم تغفر شيئا ما، بل لأننا نصنع ما يحتاج  إلى مغفرته يوميا، فالذين اعتمدوا وانتقلوا في الحال من هذا العالم، خرجوا بدون خطية ... وأما الذين اعتمدوا وبقوا في هذه الحياة فإن لهم نجاسات بسبب ضعفهم الجسدي والتي رغم كونها لا  تسبب غرقا للسفينة (أي هلاكا) إلا إنها تحتاج إلى مضخة لتنـزحها، لئلا يتسرب إليها قليلاً قليلا حتى يؤدى إلى غرقها.]
(الحب المقدس جزء 1 ص 325).

     وقد ضرب السيد المسيح مثلاً توضيحيا لحالة الارتداد إلى حين وهو مثل الابن الضال، الذي ترك بيت أبيه وذهب إلى كورة الخنازير وقضى فيها زمان ارتداده، وأخيرا رجع إلى نفسه وعاد ثانية في توبة صادقة ليجد أباه في انتظاره مشتاقا ليعيد إليه رتبته الأولى. (11:15ـ24). 

     كان هذا عن النوع الأول من الارتداد:
فهو ارتداد إلى حين                (أر4:8)
ليست نهايته الهلاك               (مز24:37)
إذ يعقبه توبة وندامة المرتد       (مز51)

     دعنا إذاً نرى النوع الثاني من الارتداد وهو :-

(2) ارتداد دائم: 
     هذا النوع من الارتداد يشير إليه الرب في تساؤل حزين على لسان أرميا النبى إذ يقول "لماذا ارتد هذا الشعب ارتداداً دائما... أبوا أن يرجعوا ... ليس أحد يتوب عن شره." (أر5:8،6).
     ولإيضاح هذا النوع من الارتداد علينا أن نفهم أيضا: جوهره ، ونهايته:

( أ )  جوهره: إن الارتداد الدائم هو حالة رفض الإيمان بالمسيح واحتقاره، وهو أيضا ازدراء بروح النعمة وسقوط منها.
     يوضح ذلك بولس الرسول في قوله قد تبطلتم عن المسيح ... سقطتم من النعمة." (غل4:5).

     ويقول أيضا "كم عقابا أشر تظنون أنه يحسب مستحقا من داس ابن الله وحسب دم العهد الجديد الذي قدس به دنسا وازدرى بروح النعمة(عب29:10).
     ويهوذا الرسول يقول "يحولون نعمة إلهنا إلى الدعارة، وينكرون السيد الوحيد الله وربنا يسوع المسيح(يهوذا 4).

     لهذا يحذرنا بولس الرسول من خطر هاتين الحالتين فعن الحالة الأولى وهو رفض الإيمان يقول: "انظروا أيها الاخوة أن لا يكون في أحدكم قلب شرير بعدم إيمان في الارتداد عن الله الحي." (عب12:3).
     وعن الحالة الثانية وهى السقوط من النعمة يقول: "ملاحظين لئلا يخيب أحد من نعمة الله." (عب15:12).

( ب ) نهايته: نهاية الارتداد الدائم معروفة وهى الهلاك.
     وقد وضح بولس الرسول ذلك بكل جلاء إذ قال عن قوم مرتدين. "كثيرين يسيرون ممن كنت أذكرهم لكم مراراً، والآن أذكرهم أيضا باكيا وهم أعداء صليب المسيح الذين نهايتهم الهلاك." (فى18:3،19).

     وبطرس الرسول يقول: "لأنه إذا كانوا بعدما هربوا من نجاسات العالم بمعرفة الرب والمخلص يسوع المسيح يرتبكون أيضا فيها فينغلبون، فقد صارت لهم الأواخر أشر من الأوائل. لأنه كان خيراً لهم لو لم يعرفوا طريق البر من أنهم بعدما عرفوا يرتدونعن الوصية المقدسة المسلمة لهم قد أصابهم ما في المثل الصادق كلب عاد إلى قيئه وخنزيرة مغتسلة إلى مراغة (أي طين) الحمأة (أي    الوحل)." (2بط20:2ـ22).

     فالارتداد الدائم إلى حياة الدنس واحتقار ابن الله والازدراء بروح النعمة، إن لم يعقبها توبة أو رجوع كما يقول أرميا النبي "أبوا أن يرجعوا  ليس أحد يتوب عن شره.(أر5:8،6). لابد أن يعقبها هلاك أبدى (نهايتهم الهلاك). (فى19:3)، لأن السيد المسيح قال "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو13: 3).

     والآن بعد هذا الإيضاح لفئات المؤمنين، وأنواع الارتداد نستطيع أن نجيب على السؤال الجوهري وهو:
هل يمكن أن يرتد المؤمن ويهلك؟ 
فنقول أن هناك فئـتين من المؤمنين المرتديين ولكن نهايتهم ليست واحدة:-

( 1 ) مؤمنون قد يرتدون ولكنهم يتوبون:
     وهم الذين يرتدون إلى حين، فإذ يسقطون عن ضعف يبكون تائبين. أولئك هم المشبهون بالأرض الجيدة أصحاب القلوب المتجددة، والثمار المتكاثرة. السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح.

( 2 ) مؤمنون يرتدون ويهلكون:
     وهم الذين يؤمنون إلى حين (لو15:8). ويرتدون ارتدادا دائما (أر5:8،6).
وإذ يحتقرون المسيح ويسقطون من النعمة لا يتوبون ولا يرجعون. أولئك هم المشبهون بالأرض المحجرة والمليئة بالأشواك.

     أخي يامن قبلت الرب في حياتك تمسك ببداءة الثقة الثابتة إلى  النهاية، كما يقول معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين (عب14:3). وإن كنت قد أقبلت إلى المسيح حقا فهو لا يخرجك خارجا.(يو37:6).

ملحوظة:
     حيث أن الإنسان لا يعرف يقينا نوعية إيمانه إلا إذا وصل النهاية، لهذا ينبغي أن يحذر لئلا يسقط، كما قال الكتاب "من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط" (1كو10: 12)
     ولهذا قال الكتاب "الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص" (مت10: 22)

التوافق بين النعمة والجهاد ( ابونا زكريا بطرس )

التوافق بين
النعمة والجهاد


    الواقع أن النعمة والجهاد نسيج واحد، فالنعمة هي السدة والجهاد هو اللحمة في نسيج الحياة الروحية.

 النعمة والجهاد ليسا عدوين ولكنهما توأم يعملان في توافق تام لخلاص النفس.  ولتوضيح ذلك نضع أمامك الأمثلة التالية من الكتاب المقدس:

أولاً: الانتصار علي عماليق:
   لكي ينتصر شعب الله في حرب عماليق المذكورة في (سفر الخروج 17: 8 – 13)  كان لابد من التوافق بين دور موسى النبي في الصلاة الذي يمثل عمل النعمة، ودور يشوع في الحرب الذي يمثل الجهاد.

1- دور موسى النبي:
    الوقوف علي رأس التلة رافعاً يديه للصلاة وممسكاً بعصا الله التي هي مواعيد الرب.  حتى يعطي الرب الغلبة.



 2- دور يشوع:
   الدخول في الحرب ومواجهة العدو بالسلاح وهذا يمثل جهاد الإنسان في مواجهة الشيطان والخطية.
   والعجيب أننا نقرأ في الكتاب أنه "وكان إذا رفع موسى يده أن إسرائيل يغلب وإذا خفض يده أن عماليق يغلب" (خر 17: 1). لابد إذن من اتحاد النعمة والجهاد للانتصار.

ثانياً: الانتصار علي جليات:
   واضح أيضاً من قصة داود النبي وانتصاره علي جليات، التحام عمل النعمة مع الجهاد:

1-   النعمة :
   تتضح النعمة من قول داود النبي "أنت تأتي إلي بسيف وبرمح وبترس وأنا آتي إليك باسم رب الجنود .... هذا اليوم يحبسك الرب في يدي فأقتلك .... وتعلم هذه الجماعة كلها أنه ليس بسيف وبرمح يخلص الرب لأن الحرب للرب وهو يدفعكم ليدنا"
(1صم45:17-47).

   واضح جداً عمل الله في كلام داود النبي أنه يحبس جليات ويدفع الفلسطينيين لأيدي شعب الله.
2-   الجهــاد :
 يتضح دور جهاد الإنسان في هذه الواقعة إذ يقول الكتاب " ومد داود يده إلي الكنف (الكيس) وأخذ منه حجراً ورماه بالمقلاع وضرب الفلسطيني في جبهته" (1 صم 17: 49).

   فأخذ الحجر ورميه بالمقلاع وضربه للفلسطيني كلها أعمال قام بها داود تشير إلي جهاد الإنسان في الانتصار علي الشيطان.

ثالثاً: إقامة لعازر:  
في معجزة إقامة لعازر (يوحنا 11) نرى أيضاً توافق عمل النعمة مع الجهاد:
1- الجهاد: "ارفعوا الحجر"  يشير إلي الجهاد لأنه عمل بشري.
 2- النعمة: "هلم خارجاً" هذا هو عمل الله أي نعمة الله.     فلابد إذن من التحام عمل النعمة مع عمل الإنسان في جهاد حتى يكمل العمل الروحي في خلاص الإنسان وانتصاره علي الشيطان وعلي الموت.


بعض أقوال الآباء
عن التحام عمل النعمة والجهاد
1- القديس مقاريوس الكبير:
"يحرث الفلاح الأرض ثم ينتظر الندى والأمطار من فوق فإذا لم يأتي الماء من فوق يصير الكرم بلا ثمرة ويصبح الكرام بلا مكسب من فلاحته"  ويكمل ويقول "هكذا أيضاً في الروحيات يجب أن يعمل ويجاهد كل إنسان بإرادة وعزيمة لأن الله يطالب كل إنسان بكده واجتهاده وعمل يديه ولكن إذا لم تدركه نعمة الله من فوق ويشرف عليه سحاب جوده  وتحننه يبقى بلا ثمرة من جهاده".
2- القديس مار اسحق السرياني:
"بقدر ما يشقى الإنسان ويجاهد ويغصب نفسه من أجل الله هكذا معونة إلهية تأتي إليه وتحيط به وتسهل عليه جهاده وتصلح الطريق قدامه".
   وهناك أقوال كثيرة للآباء القديسين ولكن لضيق المجال نكتفي بهذا القدر وكل من يريد  اكثر فليقرأ في أقوال الآباء وبستان الرهبان وسير القديسين فيجد الكثير والكثير جداً.

الجهاد الروحى

الجهاد  الروحي



   في حديثنا عن الجهاد سوف نتكلم عن:  مفهومه، حتميته، مجالاته، وأسلوبه.

أولاً: مفهوم الجهاد:  
   الجهاد الروحي هو بذل الجهد والعمل من جانب الإنسان تجاوباً مع عمل النعمة لأجل خلاص النفس.
   
ثانياً: حتمية  الجهاد:

    يوضح لنا الكتاب المقدس بآيات عديدة ضرورة الجهاد وحتميته في الحياة الروحية نذكر منها: 
1- (1 تي 6: 12) يقول معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "جاهد جهاد الإيمان الحسن وأمسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت".

2- (2 تي 4: 7) يتكلم الرسول عن جهاده الشخصي فيقول "قد جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعي حفظت الأيمان أخيراً قد وضع لي إكليل البر...".
3- (عب 12: 1و 2) يحض الرسول المؤمنين علي الجهاد بقوله "... ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا ناظرين إلي رئيس الإيمان ومكمله يسوع..."

4-  (عب 12" 4) ثم يستحثهم الرسول بالجهاد حتى الموت" لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية"

5- (1 كو9: 25) يوضح الرسول حتمية الجهاد بضبط النفس فيقول "كل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء".

6- (2تي 2: 5)  يوضح الرسول حتمية الجهاد القانوني بقوله "إن كان أحد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا"

   من هذه الآيات وغيرها الكثير يتضح أهمية الجهاد الروحي في حياة المؤمن.

ثالثاُ: مجالات الجهاد:
للجهاد الروحي ميادين متعددة فعلى المؤمن أن يجاهد:

1- ضد الخطية:
   يوضح هذا المجال معلمنا بولس الرسول بقوله "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية" (عب4:12).

2- ضد الشيطان:
   يقول معلمنا بطرس الرسول "اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو، فقاوموه راسخين في الإيمان" (1بط 5: 8و 9).

3- ضبط النفس:

    يتضح ذلك من قول معلمنا بولس الرسول "كل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء" (1كو 9: 25).

4- قمع الجسد: 
  يقول معلمنا بولس الرسول عن جهاده الشخصي "أقمع جسدي وأستعبده حتى بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضاً" (رو 15: 30).

5- الصلاة: 
    ينبغي أن يجاهد المؤمن في مجال الصلاة كقول الرسول "فأطلب إليكم أيها الأخوة بربنا يسوع المسيح ومحبة الروح أن تجاهدوا معي في الصلوات..." (رو 15: 3).

6- النمو الروحي: 
   يوضح ذلك معلمنا بولس الرسول بقوله "ليس إني قد نلت أو صرت كاملاً ولكني أسعى لعلي أدرك الذي لأجله أدركني أيضاً المسيح يسوع". يكمل قائلاً: أيها الأخوة أنا لست أحسب نفسي أني قد أدركت.  ولكني أفعل شيئاً واحداً.  إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتد إلي ما هو قدام، أسعى نحو الغرض لأجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع" (في 3: 12 ، 14).

من هذه الآيات وغيرها يتضح أمامنا أننا لابد وأن نجاهد في كل هذه الميادين بكل مثابرة.

رابعاً: أسلوب الجهاد:
ينبغي أن يراعي المؤمن أن يكون جهاده:

1- جهاد الإيمان: 
بمعنى أن لا يكون من منطلق الشك أو اليأس بل بثقة أكيدة في محبة الله ومعونته لذلك يقول معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "جاهد جهاد الإيمان الحسن وأمسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت" (1تي12:6).

2- جهاد  قانوني: 
   أي أن يكون في دائرة النعمة ليس خارجها، لذلك يقول الرسول "إن كان أحد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا" (2 تي 2: 5).

3- في مثابرة: 
   أي باستمرارية حتى النهاية لذلك وبخ معلمنا بولس الرسول العبرانيين لعدم مثابرتهم بقوله "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية"  (عب 12: 4).

4- في  صبر: 
    إذ يعرف الرسول صعوبة الجهاد فيوضح ضرورة الصبر بقوله "ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا..." (عب 12: 1و 2).

    وبهذا نكون قد استوضحنا أيضا الجهاد الروحي من حيث مفهومه، حتميته، ومجالاته، وأسلوبه.  بقي أن نستعرض التوافق بين النعمة والجهاد.


النعمة ( الاب زكريا بطرس )

  النعمـة

  سوف نوضح مفهوم النعمة، مفاعيلها، كيفية الحصول عليها، ثم توصيات بخصوصها:

أولاً: مفهوم النعمة:
   النعمة هي عطية مجانية من الله للإنسان، وهذا ما قصد معلمنا بولس الرسول إيضاحه بقوله "لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله"  (أفسس 2: 8).  وهذا عين ما أفصح عنه سليمان الحكيم بقوله "يعطي نعمة للمتواضعين" (أم 3: 34 ). إذن فالنعمة عطية مجانية من الله تُعطى للمتواضعين.

ثانياً: مفاعيل النعمة::
تقوم النعمة بأعمال عديدة في حياة الإنسان نذكر منها:

(1)      الرحمة والمعونة:  يقول معلمنا بولس الرسول "فلنتقدم بثقة إلي عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عوناً في حينه" (عب 4: 16).
فبالنعمة نحصل على رحمة ربنا ومعونته الإلهية.
(2) الخلاص: وهذا ما وضحه معلمنا بولس الرسول بقوله "لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله" (أف 2: 8).
فالنعمة هي عمل الله الذي به يخلصنا من خطايانا.
(3) التبرير: قال معلمنا بولس الرسول "متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح" (رو 3: 24). فالنعمة بررتنا بدم المسيح الذي سال على الصليب.
(4) الثبات: هذا ما ذكره معلمنا بولس الرسول أيضاً بقوله "...حسن أن يثبت القلب بالنعمة" (عب 13: 9).

(5) القوة:  يتضح ذلك من قول معلمنا بولس الرسول "فتقو أنت يا أبني بالنعمة التي في المسيح يسوع" (2تي1:2). والنعمة نقوي ضعفنا وتسندنا في جهادنا.

ثالثاُ: الحصول علي النعمة:
كيف نحصل على نعمة ربنا؟
توجد عدة وسائل للحصول علي النعمة منها:
(1)  أسرار الكنيسة:  التي تعتبر قنوات نعمة من خلالها يحصل المؤمن علي نعم الله المتعددة. فبالمعمودية ننال الحياة الجديدة، وبالميرون ننال الروح القدس، وبالاعتراف ننال غفران الخطايا، وبالتناول نثبت في الرب...
(2) الإتضاع:  يقول معلمنا بطرس الرسول "لأن الله يقاوم المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (1بط5:5). فالمتكبر لا يحصل على نعمة الله.

(3) الإيمان:  الواقع أن الإيمان هو اليد التي تمتد لتحصل علي النعمة كما وضح معلمنا بولس الرسول بقوله" لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله" (أف 2: 8).

رابعاً: توصيات بخصوص النعمة:
هناك عدة توصيات بخصوص النعمة نذكر منها:

(1) النمو في النعمة:  يقول معلمنا بطرس الرسول" ولكن أنموا في النعمة وفي معرفة ربنا يسوع المسيح" (2بط 3: 13). وهذا ما أكده معلمنا بولس الرسول بقوله "... ليتكم تزدادون في هذه النعمة أيضاً" (2كو7:8).

(2) عدم الازدراء بروح النعمة:  أي عدم تحقير النعمة، يقول معلمنا بولس الرسول "فكم عقاباً أشر تظنون أنه يحسب مستحقاً من داس ابن الله .... وأزدري بروح النعمة" (عب 10: 29).

(3) الحذر من السقوط من النعمة:   يوبخ معلمنا بولس الرسول أهل غلاطية لارتدادهم عن النعمة بقوله "قد تبطلتم عن المسيح .... سقطتم من النعمة..."
( غل5: 4). كان هذا عن النعمة من زوايا متعددة، وسوف نلقي الأضواء علي الجهاد.

لا تحكموا حسب الظاهر

لا تحكموا حسب الظاهر 

Image result for ‫صور ولادة متعسرة‬‎

فى صباح يوم أحد فى بلدة صغيرة تعسرت سيده فى الولاده فارسل الى أحد الاطباء ليسعفها ولما كان يعرف انها فقيرةلا تستطيع ان تدفع ما يطلبه اعتذر بحجة  أنه لا يريد ان يتأخر عن الكنيسة , فأرسلت الى طبيب أخر استجاب استغاثتها ولم يتقاضى اجر وبالطبع تغيب عن حضور الكنيسه 
وكم هو مؤلم أن تعر ف تعليق شعب الكنيسة الكتيسة على ما جرى 
قالوا عن الطبيب الأول أنه وضع العبادة قبل المكسب المادى 
وقالوا عن الطبيب الأخر ترك الصلاة ليجرى وراء المكسب المادى 
وهو حكم بشرى متسرع أساء لنفس محبة اعطت بدون مقابل 
ومدحت نفسا لا تستحق المدح 
(لا تحكموا حسب الظاهر بل احكموا حكما عادلا ( يو 7 : 24 )

قصص هادفه عن السعاده ( ادينى بلونه)

أدينى بالونتى لو سمحت

Image result for ‫صور بلالين كتير‬‎ *

مجموعه من 50 فرد كان بيحضروا مناظرة (seminar)وفجأة وقف المتحدث عن الكلام وقرر انه يعمل نشاط للمجموعة كلها ادى كل واحد من المجموعة بالونة وطلب من كل واحد فيهم انه يكتب اسمه على البالونة اللى معاه .. بعدها جمع كل البلالين وحطها ف اوضة تانية وبعدين سمح لهم انهم يدخلوا الاوضة التانية اللى فيها البلالين اللى عليها اساميهم.. وطلب منهم ان ف خلال 5ق كل واحد يلاقى البالونة اللى كاتب عليها اسمه وبكل حماس بدأ كل فرد ف المجموعة يدور ع بالونته..
وكانوا في فوضى وعمالين يزقوا بعض ف هرجله كبيرة عشان يلاقوا البالونة اللى عليها اساميهم وبعد 5ق محدش قدر يلاقى البالونة اللى عليها اسمه دلوقتى اتطلب من كل فرد انه ياخد بالونة عشوائية قدامه ويديه للشخص اللى اسمه مكتوب عليها.. وف خلال دقايق كان كل واحد منهم معاه بالونته اللى عليها اسمه
المتحدث قالهم:: * هو ده بالظبط اللى بيحصل ف واقع الحياة.. كل واحد بيدور ع سعادته ف حماس مش عارف هى فين.. لكن السعادة الحقيقية تكمن ف اسعاد الاخرين.. حاول تسعد الناس وقتها بس ده هيعود عليك بالسعادة اللى بتتمنها
وهو ده الغرض من حياة البشر *

قصة ثلاث شجرات

قصة ثلاث شجرات

Image result for ‫صور 3 شجرات‬‎


على ربوة عالية، نمت ثلاث شجرات من ثلاث بذور غُرست بجانب بعض. وقفت الشجرات تحت أشعة الشمس ذات يوم يحلمن ماذا يُردن أن يصرن عندما يكبرن؟
نظرت الأولى نحو السماء وفكرت في النجوم التي تلمع ليلًا وقالت: "أتمنى أن أحمل كنوزًا.. أُريد أن أمتلئ بالذهب، واللؤلؤ والجواهر الثمينة. أريد أن أكون أجمل صندوق للكنوز في العالم".
تأملت الثانية جدول المياه الذي ينحدر من على الربوة حتى يصب في المحيط وقالت: "أريد الإبحار فوق المياه، وأنا أحمل الملوك وجنودهم. أتمنى أن أصبح أقوى وأمتن سفينة تجوب المحيطات".
ر

أما الثالثة فلم تفكر كثيرًا بل قالت: "وأنا لا أريد أن أترك هذا المكان الجميل، وهذه الربوة العالية، بل أريد أن أكبر وأكبر حتى أصير أكبر شجرة في العالم... وعندما يأتي الناس ليروني يدهشون لحجمي فيرفعون أعينهم نحو السماء ويقولون: الله.. ما أجمل وأكبر هذه الشجرة.. ما أعظم صنائع الله؟! وهكذا أُذكرهم بقدرة الله وعظمته دائمًا".
توالت الأيام والفصول والأعوام... سقطت الأمطار وسطعت الشمس وكبرت الأشجار الثلاث... وذات يوم جاء ثلاث حطابين للغابة، نظر الأول للشجرة الأولى وقال: "هذه الشجرة جميلة وستفي بغرضي". وبضربات من فأسه سقطت الشجرة الأولى وقالت في نفسها:
"الآن سأصبح أجمل صندوق، وسأحمل أغلى وأثمن الكنوز في العالم".
لفتت الشجرة الثانية نظر الحطاب الثاني فقال: "تلك الشجرة هي بالضبط ما أطلب"، وأنزل فأسه بضربات متوالية فسقطت وهى فرحة تقول: "الآن سأصبح أقوى سفينة تجوب المحيطات".
أما الثالث، فلم ينظر قط حوله بل قال: "أنا أريد أي شجرة فأي واحدة ستؤدى الغرض" وهكذا سقطت الشجرة التي كانت تريد أن تشير إلى السماء وتُحدث بعظم الله.
تهللت الشجرة الأولى عندما أخذها الأول لنجار، ولكنها صُدمت إذ رأت أنها أصبحت صندوقًا يوضع فيه أكل البهائم. لم تتحقق أمنيتها بحمل أغلى المجوهرات وأثمنها، بل حملت التبن والبرسيم لتأكل منها البهائم والخراف الجائعة.
ابتسمت الشجرة الثانية عندما وجدت نفسها داخل ميناء صغير، ولكنها أيضًا صُدمت إذ لم يصنعوا منها سفينة قوية، بل مجرد مركبة صيد بسيطة تصبح فقط للإبحار في البحيرات الصغيرة، لقد كانت أصغر وأضعف من أن يصنعوا منها سفينة كبيرة.
أما الشجرة الثالثة فأخذها الحطاب وصنع منها أعوادًا كثيرة ثم ألقى بها في مخزن ما...بكت الشجرة وهى تفكر إن كل ما كانت تتمناه أن تصبح شجرة كبيرة تمجد الله وتُحدث بعظمته.
مرت أيام وليالي وقاربت الشجرات الثلاث على نسيان أحلامهن... ولكن ذات ليلة أضاءت السماء بنجمة براقة... شعرت الشجرة الأولى بيد تمسك بها وتقول: "هذه تصلح لوضع طفل بها إذا ملأناها بالتبن" وفجأة تهللت إذ أدركت الشجرة الأولى أنها فعلًا تحمل داخلها أعظم وأثمن هدية للبشرية كلها.
وذات مساء تعب السيد وتلاميذه فركبوا المركب المصنوعة من الشجرة الثانية ليعبروا إلى الضفة المقابلة... وفجأة عندما كان السيد مستريحًا نائما على وسادة، هبت ريح عاصفة كادت تُغرق السفينة، فصرخ التلاميذ نحو معلمهم قائلين: "أما يهمك إننا نغرق". فقام وانتهر الريح فصار هدوء عظيم قالت الشجرة في قلبها، لقد اشتهيت حمل الملوك، وأنا الآن أحمل ملك الملوك خالق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها. كم أنا فرحة إذ أخذت فوق ما كنت أشتهى وأتمنى ولو بعد حين حتى إنني كدت أنسى حلمي.
صباح يوم الجمعة 14 نيسان شعرت الشجرة الأخيرة بيد تأخذها وتمر بها وسط جمع صارخ وهائج. وإذا بيد تسمر عليها... أدركت إنه الخالق... اقشعرت... شعرت بأنها قاسية...هذه القسوة فوق الاحتمال، لقد استخدموها كصليب لهذا الفادي الحنون المحب. تألمت الشجرة وكادت تبكى... وهى ترى السماء تظلم والأرض تتشقق تمنت لو استطاعت بأن تنزل هذا المصلوب عنها... ولكنه أسلم الروح ومات.
ولكن... في فجر يوم الأحد قام المسيح بزلزلة عظيمة قفزت الشجرة من الفرحة... لقد أعطتها القيامة القوة... لم تعد علامة للضعف بل علامة للنصرة والقوة والغلبة والمحبة...تحققت أمنية الشجرة على أعلى المستويات، لقد أصبحت تشير إلى عظمة الله وقدرته التي لا تُحد... وكل من يراها يُمجد الله بل وينال الخلاص. فكما رفع موسى الحية في البرية وكان يبرأ مل من لدغته الحية، هكذا ابن الإنسان رُفع على الصليب ليُحرر أولاده من عبودية العدو. نالت الشجرة أمنيتها ولو بطريقة أخرى... أليس هذا أفضل من أن تظل شجرة كبيرة على ربوة عالية؟!
St-Takla.org                     Divider
هل طلبت من الرب طلبًا ولم يتحقق؟ هل تمنيت أمنية ولكنك تشعر بأن الظروف لن تحلم أبدًا بتحقيقها؟
ثق يا حبيبي أن الله يستجيب بطريقة أروع وأكمل مما نتخيله أو نتمناه وحتمًا سيأتي ولو في الهزيع الأخير ليحقق طلبات كل المؤمنين. نعم يا حبيبي أن الله لم ولن ينساك. ولكنه لا ريب آت في الوقت الذي يختاره هو... في ملء الزمان... كن مستعدًا ومنتظرًا قدومه إليك.
"يا صانعي أنت عالم بما يناسبني، وهل يسعني أن أفكر بأن خالقي الذي عرف كيف يكونني قد نسى كيف يعاملني

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...