التوافق بين النعمة والجهاد ( ابونا زكريا بطرس )

التوافق بين
النعمة والجهاد


    الواقع أن النعمة والجهاد نسيج واحد، فالنعمة هي السدة والجهاد هو اللحمة في نسيج الحياة الروحية.

 النعمة والجهاد ليسا عدوين ولكنهما توأم يعملان في توافق تام لخلاص النفس.  ولتوضيح ذلك نضع أمامك الأمثلة التالية من الكتاب المقدس:

أولاً: الانتصار علي عماليق:
   لكي ينتصر شعب الله في حرب عماليق المذكورة في (سفر الخروج 17: 8 – 13)  كان لابد من التوافق بين دور موسى النبي في الصلاة الذي يمثل عمل النعمة، ودور يشوع في الحرب الذي يمثل الجهاد.

1- دور موسى النبي:
    الوقوف علي رأس التلة رافعاً يديه للصلاة وممسكاً بعصا الله التي هي مواعيد الرب.  حتى يعطي الرب الغلبة.



 2- دور يشوع:
   الدخول في الحرب ومواجهة العدو بالسلاح وهذا يمثل جهاد الإنسان في مواجهة الشيطان والخطية.
   والعجيب أننا نقرأ في الكتاب أنه "وكان إذا رفع موسى يده أن إسرائيل يغلب وإذا خفض يده أن عماليق يغلب" (خر 17: 1). لابد إذن من اتحاد النعمة والجهاد للانتصار.

ثانياً: الانتصار علي جليات:
   واضح أيضاً من قصة داود النبي وانتصاره علي جليات، التحام عمل النعمة مع الجهاد:

1-   النعمة :
   تتضح النعمة من قول داود النبي "أنت تأتي إلي بسيف وبرمح وبترس وأنا آتي إليك باسم رب الجنود .... هذا اليوم يحبسك الرب في يدي فأقتلك .... وتعلم هذه الجماعة كلها أنه ليس بسيف وبرمح يخلص الرب لأن الحرب للرب وهو يدفعكم ليدنا"
(1صم45:17-47).

   واضح جداً عمل الله في كلام داود النبي أنه يحبس جليات ويدفع الفلسطينيين لأيدي شعب الله.
2-   الجهــاد :
 يتضح دور جهاد الإنسان في هذه الواقعة إذ يقول الكتاب " ومد داود يده إلي الكنف (الكيس) وأخذ منه حجراً ورماه بالمقلاع وضرب الفلسطيني في جبهته" (1 صم 17: 49).

   فأخذ الحجر ورميه بالمقلاع وضربه للفلسطيني كلها أعمال قام بها داود تشير إلي جهاد الإنسان في الانتصار علي الشيطان.

ثالثاً: إقامة لعازر:  
في معجزة إقامة لعازر (يوحنا 11) نرى أيضاً توافق عمل النعمة مع الجهاد:
1- الجهاد: "ارفعوا الحجر"  يشير إلي الجهاد لأنه عمل بشري.
 2- النعمة: "هلم خارجاً" هذا هو عمل الله أي نعمة الله.     فلابد إذن من التحام عمل النعمة مع عمل الإنسان في جهاد حتى يكمل العمل الروحي في خلاص الإنسان وانتصاره علي الشيطان وعلي الموت.


بعض أقوال الآباء
عن التحام عمل النعمة والجهاد
1- القديس مقاريوس الكبير:
"يحرث الفلاح الأرض ثم ينتظر الندى والأمطار من فوق فإذا لم يأتي الماء من فوق يصير الكرم بلا ثمرة ويصبح الكرام بلا مكسب من فلاحته"  ويكمل ويقول "هكذا أيضاً في الروحيات يجب أن يعمل ويجاهد كل إنسان بإرادة وعزيمة لأن الله يطالب كل إنسان بكده واجتهاده وعمل يديه ولكن إذا لم تدركه نعمة الله من فوق ويشرف عليه سحاب جوده  وتحننه يبقى بلا ثمرة من جهاده".
2- القديس مار اسحق السرياني:
"بقدر ما يشقى الإنسان ويجاهد ويغصب نفسه من أجل الله هكذا معونة إلهية تأتي إليه وتحيط به وتسهل عليه جهاده وتصلح الطريق قدامه".
   وهناك أقوال كثيرة للآباء القديسين ولكن لضيق المجال نكتفي بهذا القدر وكل من يريد  اكثر فليقرأ في أقوال الآباء وبستان الرهبان وسير القديسين فيجد الكثير والكثير جداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...