الثمرة الرابعة
طول الأناة
ما أعظم طول أناة الله على البشر جميعاً، سواء كانوا من المؤمنين به، أو من الكافرين بوجوده، لأنه يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يُقبِلون (1تيموثاوس 4:2). في هذا قال النبي يوئيل: "ارجعوا إلى الرب إلهكم لأنه رؤوف رحيم، بطيء الغضب وكثير الرأفة، ويندم على الشر" (يوئيل 13:2). وما أعظم طول أناة المسيح على الخاطئ المنغلق على نفسه، وهو يقف بباب قلبه يقرع، لعله يسمع النداء السماوي فيفتح. ويقول المسيح: "هئنذا واقفٌ على الباب وأقرع. إن سمع أحدٌ صوتي وفتح الباب، أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي" (رؤيا 20:3). وما أعظم أناة الله على المؤمن وهو يسقط ويخطئ، فيقول له: "أُعلّمك وأرشدك الطريق التي تسلكها. أنصحك. عيني عليك" (مزمور 8:32). ويقول الكرام لصاحب الكرم في شأن التينة غير المثمرة: "يا سيد، اترُكها هذه السنة أيضاً، حتى أنقب حولها وأضع زبلاً" (لوقا 8:13).
وعلى المؤمن أن يتمثَّل بالأناة الإلهية، ليكون التلميذ كمعلّمه والعبد كسيّده (متى 25:10) فيحتمل المتاعب والاضطهادات والتجارب في ثبات وفرح ورجاء، ويحتمل ضعفات الغير بوداعة وصبر، ناظراً إلى عيوبه وضعفاته (غلاطية 1:6).
ولو أن ثمرة طول الأناة سادت على الناس لأصبحت أرضنا سماءً، لأن كل من يطيل أناته على غيره يحصل على السلام مع الآخرين ومع نفسه. لنتصوَّر زوجاً يطيل أناته على زوجته لو تأخرت في إعداد الطعام، أو عن موعدٍ هام. ولنتصوَّر أُماً تطيل أناتها على ولدها وهو يعصى ما نصحته به، فيحطم الأثاث، أو يسكب مشروبه على البساط. ولنتصوَّر مدرِّساً يطيل أناته على طالب متعثِّر فيستمر يشرح له درسه حتى يستوعبه. ولنتصوَّر رئيساً يطيل أناته على مرؤوسه رغم أنه كرر عليه التعليمات. ولنتصوَّر مرؤوساً يطيل أناته وهو يستمع إلى أوامر رئيسه التي تتقاطر عليه، بغير ملل ولا تذمُّر.. أليست هذه هي السماء على الأرض؟
لابد أننا نواجه إساءاتٍ كثيرة بغير حق. فلنأتِ إلى الروح القدس، الأستاذ الأعظم في طول الأناة، نسأله أن يمنحنا ما يعوزنا من طول البال. وسنجد في أيوب، إمام الصابرين، خير مثالٍ في ذلك. فقد نزلت به الكوارث واحدةً بعد الأخرى، لغير ذنبٍ جناه، فلم ينكسر أمامها، بل خرَّ على الأرض وسجد، وقال: "عرياناً خرجتُ من بطن أمي، وعرياناً أعود إلى هناك. الرب أعطى والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركاً". في كل هذا لم يخطئ أيوب، ولم ينسب لله جهالة (أيوب 21:1 و22). وقالت له زوجته، وهي ترى شدة أمراضه: "أنت متمسِّك بعدُ بكمالك! العن الله ومُتْ". فأجابها: "تتكلّمين كلاماً كإحدى الجاهلات! أالخير نقبل من عند الله والشر لا نقبل؟" في كل هذا لم يخطئ أيوب بشفتيه (أيوب 9:2 و10). واتَّهمه أصحابه أنه لا بدَّ ارتكب من المعاصي ما يستحق عليه ما أصابه من كوارث، فقال له صديقه أليفاز: "اذكُر من هلك وهو بريء، وأين أُبيد المستقيمون؟" (أيوب 7:4) فأجاب: "لم أجحد كلام القدوس" (أيوب 10:6).
إن الذين يشاركون المسيح آلامه، ويتشبَّهون بموته، يبلغون إلى قيامة الأموات (فيلبي 10:3 و11) و"إن كنا نتألم معه، فلكي نتمجَّد أيضاً معه.. فإن آلام الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستعلَن فينا" (رومية 17:8 و18).
وعندما يعطينا الروح القدس ثمرة طول الأناة، نزيد حكمةً. ويحدّثنا الوحي عن البركات التي وهبها الله لسليمان، فيقول: "أعطى الله سليمان حكمةً وفهماً كثيراً جداً، ورَحْبَة قلبٍ كالرمل الذي على شاطئ البحر. وفاقت حكمة سليمان حكمة جميع بني المشرق وكل حكماء مصر" (1ملوك 29:4 و30). و"رحبة القلب" هي طول الأناة. فلنطلب ثمرة طول الأناة من الروح القدس لنحيا بحكمة مثل حكمة سليمان.
أولاً: ما هي ثمرة طول الأناة؟
هناك أربعة تعاريف لطول الأناة:
1 - ثمرة طول الأناة هي الثبوت والصمود تحت ضغط حمل ثقيل، بدون غضب ولا تفكير في الانتقام:
كلنا نحيا تحت ضغوط. والإنسان الذي أنعم الله عليه بطول الأناة هو الذي يصمد تحت هذه الضغوط بدون أن يتذمر أو يهرب أو يغضب أو يفكر في الانتقام.
تضعنا الأسرة تحت ضغوط، فالزوج يتوقع من زوجته أشياء معينة، وهكذا تفعل هي. ومنذ أن يبدأ الطفل جنيناً ثم يولد ويكبر يشكّل على الأبوين ضغوطاً. وهكذا يفعل العمل اليومي الذي يقوم به الإنسان.. وهناك ما هو أصعب من هذا كله: توقُّع الإنسان من نفسه بما يفوق طاقاته، فهو يريد أن ينجح ويتفوَّق ويتقدم ويرتقي عند الله والناس، ويُشكِّل هذا عليه ضغوطاً لا تنتهي! وكل هذه الضغوط يمكن أن تحطمنا لو أننا لم نتمتع بثمر الروح القدس: طول الأناة.
لقد واجه الرسول بولس بعض هذه الضغوط، لكنه لم يسمح لها أن تضايقه، فقال: "مكتئبين في كل شيء، لكن غير متضايقين (بمعنى أن الاضطهادات زحمته، لكنها لم تمنعه عن القيام بخدمته لله). متحيِّرين، لكن غير يائسين (بمعنى أنه لم يكن يعرف كيف ينجو من المعطلات، ولكنه لم يقطع الأمل في أن الله سيرشده وينجيه ويفتح له أبواب الكرازة). مضطهَدين، لكن غير متروكين (بمعنى أنه مضطهَدٌ من الناس، لكن غير متروك من الله). مطروحين، لكن غير هالكين (بمعنى أنه قد يُطرح للسياط، ولكنه يقوم ليكرز). حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع، لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا (بمعنى أنه يتألم كما تألم المسيح، ولكن المسيح يحيا فيه)" (2كورنثوس 8:4-10).
إن كنت قد اختبرتَ (من أجل المسيح) حمل صليب ثقيل، وقد تسمَّرت يداك ورجلاك فعجزت عن الحركة، فثِق أن المسيح الذي تخدمه سيمنحك بروحه القدوس طول الأناة، فتثبت تحت الحمل "لأنه قد وُهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط، بل أيضاً أن تتألموا لأجله" (فيلبي 29:1). ولا بد أن ينزاح عنك هذا الحمل، لأن النصرة النهائية هي للمسيح، ولكل من يتَّحدون به.
2 - ثمرة طول الأناة هي غفران الأذى لمن ننتظر منه الكثير:
قدرتنا أن نغفر لإنسانٍ لا نعرفه، أو لإنسانٍ نتوقع منه الأذى أسهل بكثير من قدرتنا على الغفران لشخصٍ نحبه ونتوقع منه كثيراً. فليُعطنا الله النعمة أن لا نتوقع كثيراً من أحد حتى لا يخيب أملنا، لأنه لا يوجد إلا واحدٌ وحيد يستحق أن نتوقع منه، لا يخيِّب أمل من ينتظره، هو الصديق الألزق من الأخ، الرب يسوع المسيح. أما البشر فلا يجب أن ننتظر منهم كثيراً. على أن قِلَّة ما نتوقعه من الآخرين لا يجب أن يقلِّل مسؤوليتنا من نحوهم. فليجدوا فيك دوماً أملاً يتحقق، حتى لو لم يحققوا لك آمالك فيهم.
إن ثمرة طول الأناة تعني أن تغفر للقريبين منك كما للبعيدين عنك، فتغفر لمن تحبهم، كما تغفر لمن لا يحبونك. ما أشدَّ حاجتنا لممارسة طول الأناة مع شريك الحياة، ومع الأشقّاء، ومع الأبناء، ومع الأصدقاء، فنحب قريبنا كما نحب نفوسنا، ونحتمل الأذى ممن نتوقع منهم الكثير.
سافر الرسول بولس إلى روما وأقام فيها سنتين، ينتظر حتى تُعرَض قضيته أمام الإمبراطور نيرون. وقضى كل هذا الوقت يخدم ويكرز. وعندما جاء موعد نظر القضية يقول بولس: "في احتجاجي الأول لم يحضر أحد معي. بل الجميع تركوني".. ألم يكن الرسول بولس يستحق أن يقف معه واحدٌ من المؤمنين المتقدمين؟ ألم يربح واحداً للمسيح يتطوَّع ليسانده؟.. ولكنه علَّمنا درساً في غفران الجحود ممن ننتظر منه الكثير، في قوله: "لا يُحسَب عليهم. ولكن الرب وقف معي وقوّاني لكي تُتم بيَّ الكرازة، ويسمع جميع الأمم، فأُنقِذتُ من فم الأسد (الإمبراطور نيرون)" (2تيموثاوس 16:4-18). ولا شك أنه طبَّق قوله: "ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا" (رومية 37:8).
3 - ثمرة طول الأناة هي الاستمرار في العمل الصالح دون يأس:
طويل الأناة هو الذي يستمر يعمل الصلاح بغير كلل أو فشل، صامداً بصبر وبمحبة. هكذا كان المسيح مع تلاميذه. فلو أن المسيح يئس وهو يعلّم تلاميذه لتوقَّف عن تعليمهم، ولَكانت النتيجة أن رسالة الإنجيل المفرحة لم تكن تصلنا. قال لتسعة منهم بعد نزوله من جبل التجلي: "أيها الجيل غير المؤمن، إلى متى أكون معكم؟ حتى متى أحتملكم؟" (مرقس 19:9). وبالرغم من قلة إيمانهم احتملهم وصبر عليهم!
وحذَّر المسيحُ بطرسَ من أن بطرس سينكره ثلاث مرات. وكان بطرس واثقاً في نفسه أكثر من اللازم، ولم يكن يعرف نفسه صحيح المعرفة، فقال للمسيح: "إن شكَّ فيك الجميع فأنا لا أشكّ". ولكنه للأسف أنكر سيده ثلاث مرات (متى 69:26-75). ورغم هذا لم ييأس المسيح من بطرس، فدعاه ذات صباح على شاطئ بحيرة طبرية وأطعم جوعه وقال له: "يا سمعان بن يونا، أتحبني؟" وكرر عليه سؤاله ثلاث مرات ليمحو إنكاره المثلث (يوحنا 15:21-17). إن الله يتأنى علينا، وهو لا يشاء أن يهلك أناسٌ، بل أن يُقبِل الجميع إلى التوبة. فلنحسب أناة ربنا خلاصاً (2بطرس 9:3 و15).
قال الرسول بولس إن المحبة تتأنى وترفق (1كورنثوس 4:13). ولقد تأنَّت محبة الله عليه، وهي لا تزال تتأنى علينا وترفق بنا. وبرهن الرسول هذه الأناة من اختباره، فقال: "أنا الذي كنتُ قبلاً مجدفاً ومضطهِداً ومفترياً. ولكنني رُحمت لأني فعلت بجهل، في عدم إيمان. وتفاضلت نعمة ربنا جداً مع الإيمان والمحبة التي في المسيح يسوع. صادقةٌ هي الكلمة ومستحقةٌ كل قبول: أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلِّص الخطاة الذين أوَّلهم أنا. لكنني لهذا رُحمت ليُظهِر يسوع المسيح فيَّ أنا أولاً كل أناة، مثالاً للعتيدين أن يؤمنوا به للحياة الأبدية" (1تيموثاوس 13:1-16). لقد أطال الله أناته على بولس فخلَّص نفسه، وهو يطيل أناته على الجميع حتى يخلصوا. وما أن يذكر الرسول بولس كل ما فعله الله معه ومع سائر المؤمنين حتى يهتف: "وملك الدهور الذي لا يفنى ولا يُرى، الإله الحكيم وحده، له الكرامة والمجد إلى دهر الدهور. آمين" (1تيموثاوس 17:1).
4 - ثمرة طول الأناة هي عدم توقُّع النتائج بسرعة:
يفضّل البشر كل ما هو سهل وسريع لأنهم لا يريدون أن يتعبوا. ولكن الله في محبته يطيل أناته علينا وينتظر أن نفتح له باب قلوبنا ليدخل ويُشبِع احتياجاتنا الأساسية. كم من محاولةٍ بُذلت لتجديد شاول الطرسوسي: لقد سمع الكثير عن المسيح ومعجزاته، وشاهد رجم استفانوس الشهيد المسيحي الأول وسمع صلاته: "يا رب لا تُقِم لهم هذه الخطية!" (أعمال 60:7). ولابد أنه سمع بقول المسيح على الصليب: "اغفِر لهم يا أبتاه، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون!" (لوقا 34:23). ومع ذلك لم يقرر أن يقبل المسيح مخلِّصاً. لقد كان راضياً بقتل استفانوس، وكان يلقي القبض على المسيحيين. ولكن الرب أطال أناته عليه، حتى أدركه بنعمته في الطريق إلى دمشق، وأشرق عليه بنوره الأشد لمعاناً من نور الشمس، وغيَّر حياته تماماً. وهكذا خلَّصت أناة الرب ورحمته شاول، وخلقت منه بولس الرسول.
ولا بد أن طول أناة الرب عليك تخلّصك، وتجعل منك إنساناً عظيماً في المسيح.
ولا بد أن طول أناتك على الآخرين تخّلصهم بالمسيح وللمسيح، فثمر الروح هو طول الأناة والاستمرار بدون يأس مع الآخرين، تتميماً لنصيحة الرسول بولس لتلميذه: "اكرِز بالكلمة. اعكُف على ذلك في وقتٍ مناسب وغير مناسب. وبِّخ، انتهِر، عِظ بكل أناة وتعليم" (2تيموثاوس 2:4).
لقد تعّلم بولس طول الأناة من أناة الرب عليه، فأطال هو أناته على الخطاة وعلى المؤمنين، وخدم واستمر يخدم، واحتمل الآلام من اليهود، ومن الوثنيين، ومن المسيحيين بالاسم، ومن المسيحيين الضعفاء الذين أنكروا رسوليَّته. وقدَّم الرسول بولس نصيحة لقسوس كنيسة أفسس، قال لهم فيها: "كنتُ معكم كل الزمان أخدم الرب بكل تواضع، ودموع كثيرة، وبتجارب أصابتني بمكايد اليهود. كيف لم أؤخِّر شيئاً من الفوائد إلا وأخبرتكم وعلّمتكم به جهراً وفي كل بيت، شاهداً لليهود واليونانيين بالتوبة إلى الله والإيمان الذي بربنا يسوع المسيح" (أعمال 18:20-21).
ثانياً: كيف نحصل على طول الأناة؟
يولد بعضنا وينشأ في بيوتٍ تمارس طول الأناة أكثر من غيرها. وهذه بركة طبيعية نتيجة الاستعداد الشخصي، والبيئة، والتربية. ويمارس صاحبها فضيلة طول الأناة ما دامت الضغوط في حدود قدرته الذاتية. ولكن عندما تزيد الضغوط ينفجر صاحبها ويفقد أناته.. وهنا لا بد من نعمة فوق عادية تساعد الإنسان على مواجهة الضغوط فوق العادية، تأتيه من فضيلة فوق عادية هي: "ثمر الروح: طول أناة".
وإليك ثلاث نصائح للحصول على طول الأناة كثمرة من ثمر الروح القدس:
1 - تسليم أكثر للروح القدس:
كلما سّلمنا أنفسنا أكثر للروح القدس وخضعنا لتوجيهاته، يعمل فينا، ويجعل نفَسَنا أطول. كلنا يحتاج لملء الروح الفائض ليسيطر على أفكارنا وأقوالنا ومشاعرنا. فلنُسِكِّن نفوسنا أمامه ليزيل الغضب من داخلنا، وليعلّمنا ويغرس فينا فكر المسيح الذي شرحه الرسول بطرس في قوله: "لأنكم لهذا دُعيتُم: فإن المسيح تألَّم لأجلنا، تاركاً لنا مثالاً لتتبعوا خطواته. الذي لم يفعل خطية ولا وُجِد في فمه مكرٌ. الذي إذ شُتم لم يكن يشتم عوضاً، وإذ تألم لم يكن يهدِّد بل كان يسلّم لمن يقضي بعدلٍ" (1بطرس 21:2-23).
كم نحتاج كلنا، من معلّمين ومتعلمين، من قادة وتابعين، إلى طول الأناة، لنحتمل بعضنا بعضاً في المحبة، بدون فقدان أعصاب ولا صياح! كم نحتاج لأسلوب السلوك الإلهي مع البشر في زمن نوح، فقد استغرق بناء الفُلك مئة وعشرين سنة، كان نوح خلالها ينذر الناس بالخطر ويحثُّهم على التوبة، والله يطيل أناته عليهم ليتوبوا (1بطرس 20:3).
2 - مطالبة الله بمواعيده:
وعد الله المؤمنين بالراحة، في قول المسيح: "تعالوا إليَّ يا جميع المتعَبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (متى 28:11). ولقد كان الرسول بولس متعَباً من "شوكة في الجسد" ربما كانت مرضاً في عينيه، فطلب من الله أن يرفعها عنه. ولكن الله لم يفعل، وقال له: "تكفيك نعمتي، لأن قوتي في الضعف تُكمَل" (2كورنثوس 9:12). فانتظر الرسول تحقيق الوعد الإلهي كما وعد الله به.
اعرِض طلبك أمام الله، وانتظِر بصبر وإيمان قوي تحقيق المواعيد الإلهية، بالطريقة التي يراها الله، وفي الوقت المناسب الذي تعيِّنه حكمته. وأثناء انتظارك ستتعلم طول الأناة.
3 - متاعبنا قصيرة الأمد، ونتائجها سارة:
كلما عرفنا أن للألم والتعب نهاية أطلنا أناتنا، واثقين من انقشاع الغيوم ومجيء النهاية السعيدة. قال المرنم: "إذا سرتُ في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي" (مزمور 4:23). لم يقُل إنه توقَّف في وادي ظل الموت، لأنه كان "يسير" ليخرج منه. ولم يقُل إنه جرى في وادي ظل الموت ولا جرى منه، لأنه لم يكن مرتعباً، فقد كان في صُحبة الله المحب القدير، وكان متأكداً أن لكل ليل آخراً "لأن للحظةٍ غضبه. حياةٌ في رضاه. عند المساء يبيت البكاء، وفي الصباح ترنُّم" (مزمور 5:30). "الله أمين الذي لا يدعكم تُجرَّبون فوق ما تستطيعون، بل سيجعل مع التجربة أيضاً المنفذ، لتستطيعوا أن تحتملوا" (1كورنثوس 13:10). "ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبّون الله، الذين هم مدعوّون حسب قصده" (رومية 28:8).
صلاة
يا رب، علّمني طول الأناة وقت الرُّحب، لأكون طويل أناة في وسط الضيق. في يوم المصاعب خفِّف حملي لأقدر أن أحمله، أو زِدْ قوتي لأحمله كله دون أن أنهار تحته. آمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق