الحرب لبروحيه دين شيرمان الفصل الاول

الفصل الأول
صراع بين الحياة والموت

في عام 1970 كنت مستلقيًا على الأرضفي منزلنا في بورت مورسبي في غينيا الجديدة. وكنت قد بدأت
الصوم والصلاة لمدة 7أيام محاو ً لا الوصول إلى بعض الإجابات.
مضى على وجودنا في هذا المكان ثلاثة أشهر وبالرغم مما كان يقوم به فريقنا "شباب له رسالة" من شهادة
وعقد اجتماعات في الأسواق إلا أن الثمار كانت قليلة. وكنت قد لاحظت شيئًا آخر – شيئًا أزعجني حقيقة –
وهو أنه رغم امتلاء الكنائس بالألوف الذين نفترض أنهم قد ولدوا ثانية إلا أنهم ما زالوا مقيدين بالخطية.
وكثيرون ممن نفترض أنهم "مسيحيون" كانوا لا يزالون يمارسون السحر، وحتى عندما وعظنا ضد هذه
الممارسات لم يكن ثمة تغيير بل على العكس أزدادت قساوة القلوب. عندئذ أدركت أن ثمة تغيير بل على العكس
أذدادت قساوة القلوب. عندئذ أدركت أن ثمة خطأ. فقررت البدء في الصوم والصلاة طالبًا الإجابة من الله.
وفي يوم من الأيام فيما كنت أصلى مستلقيًا على الأرض تكلم الله إلى ذهني وكانت إجابته  على غير
المتوقع شيئًا جديدًا جدًا بالنسبة لي. إلا أن الصوت كان واضحًا كما عهدت سماعه من قبل يقول: التسبيح هو
مفتاح لكسر قوى الظلمة المسيطرة على هذه المدينة منذ البداية. هذه القوى لم يقاومها أحد من قبل".
وتوقفت في ذهول، فلم أكن قد سمعت من قبل عن تحكم قوى روحية في مكان ما. ولم يتحدث أحد من الذين
أعرفهم في ذلك الوقت عن قوى الظلمة المسيطرة على المدن ولم أكن قد سمعت أن تعليمًا عن الحرب الروحية
باستثناء معرفتي لبعض الناس الذين تخصصوا في إخراج الشياطين. ثم أدركت شيئًا آخر بينما كنت مستلقيًا
هناك متفكرًا فيما قاله الله لي.
كانت الكنيسة في غينيا الجديدة راسخة ونامية إلى درجة ما، فقد قضى المرسلون سنينًا ليبذلون كنيسة
المسيح كانوا أصحاب عقيدة صحيحة وكانوا يؤمنون بالإنجيل ولكن الله قال إن القوات الروحية المسيطرة على
هذه المدينة لم يسبق أن قوبلت بأي تحد أو مقاومة. وهذا معناه أن الكنيسة استطاعت أن تحقق نجاحًا ملحوظًا
بدون تصارع قوات الظلمة فكم بالحري لو صارعتها. وامتلأ عقلي يتصور نتائج مثل هذا التحديمضت عدة أيام وإذ بعربة تتوقف أمام منزلنا واندفع خارجها رجل أمريكي هزيل يتصبب عرقًا وهتف وهو
يشد على أيدينا بحماس
"مبارك الرب يا اخوتي لقد كنت أبحث عن مؤمنين في كل مكان في المدينة عندما كنت أصف ما أبحث
عنه كانوا يشيرون إلى هذا البيت – مجدًا للرب".
وأدركت – بينما كنت أنظر إلى زملائي نظرة طويلة ذات مغزى – أن شعب هذه المدينة يعتقدون أننا من
نفس نوع هذا الكارز المتحمس الصاخب. رحبنا به لكي نبدأ سلسلة من الاجتماعات في منزلنا.
فوعظنا للقليلين الذين تسلقوا التل وكان يلوح بدف صغير في فترات الترنيم وكان يصرخ في الصلاة بأعلى
صوته متوس ً لا إلى الله أن يخلصالناس، وأن يشفيهم ويملأهم بالروح القدس وبالرغم من تصرفاته الغريبة إلا
أن شيئًا ما في داخلنا أخبرنا أنه على ما يرام.
وما حدث في اجتماع الليلة التالية كان الحد الحاسم فقد وقف الواعظ أما مجموعتنا الصغيرة وعيناه مغلقتان
تمامًا معلنًا بصوته النبوي" نعم يقول الله أن التسبيح هو المفتاح لكسر قوى الظلمة المسيطرة على المدينة،
امتلأت بالإثارة إنه نفس ما قاله لي الرب بينما كنت أصلي صائمًا.
بعد بضعة أسابيع جاءنا مرسل هولندي وأعطانا كلمة مباشرة من الله لنا "التسبيح هو مفتاح لكسر قوى
الظلمة، ثم جاءنا ثالث من نيوزيلندا ورابع من أستراليا وقالوا نفس الشيء جميعًا، أربعة رجال من أربع دول
مختلفة زارونا خلال أسابيع قليلة واستخدموا نفس التعبير الذي تكلم به الرب إلى وأنا منبطح على الأرضفي
ذلك اليوم.
لا يلزمك بالضرورة أن تكون عالمًا من علماء الصواريخ لتفهم ما قاله الرب لذا بدأنا نمارس ما فهمناه على
الفور لنصبح مسبحين بكل ما تعنيه الكلمة. كنا أحيانًا نعبد الرب طوال الصباح في بيت الإرسالية الصغير كنا
نتمشى في الغرفة ونحن نرنم بأعلى أصواتنا، نهتفبالتسبيحات ونجثو على ركبنا أو نضع جباهنا على الأرض
مسبحين الله. وبدأنا نرى التغيرات وآثار اختراق خطوط العدو إذ بدأ الناس يخلصون ويتحررون من قيودهم
ويمتلئون بالروح القدس.
وعندما خرجنا للتبشير، رأينا التغيير واضحًا فبد ً لا من القلوب المتحجرة غير التائبة والمختبئة خلف قناع
مسيحي رأينا أفرادًا يقفون ويبكون علانية متخليين عن سحرهم وشعوذتهم وتحول تيار المتجددين الهزيل إلى
تيار قوى جارف وامتلأت اجتماعاتنا حتى وصلنا إلى خمسة آلاف شخص.
كنا نعمد مؤمنين جدد كل أسبوع في المحيط واستمر هذا الأمر لمدة 3 سنوات.
نهضالمفلوجون ومشوا وأبصر الع.ميان، وفي خلال ستة شهور تم افتتاح تسع اجتماعات لمؤمنين ممتلئين
بالروح. لقد أصبحنا نعتلي قمة موجة مزبدة، ولكن سرعان ما اكتشفنا حقيقة الحرب الروحية وقوتها إذ أن
هجوم الشيطان كان قويًا ومباغتًا.
كان فريقنا يضم شابًا نيوزيلنديًا في أوائل العشرينات اسمه "ديفيد دالاس" وكان قد قاد مجموعة من الشباب
– في أوجه هذه الحركة الروحية – ليكرزوا في قرية متاخمة لنا. وقد قوبل هؤلاء بمقاومة شديدة من الطبيب
الساحر الخاص بتلك القرية وعندما رفضوا أن يغادروا المكان لعنهم ذلك الطبيب.
وبعد ستة أسابيع. عاد الفريق إلى المدنية ولم نفكر في تلك اللعنة التي لعنا بها ذلك الساحر فكثيرًا ما لعنا
نحن ومجهوداتنا إلا إنه لم يكن لذلك اللعنة أي أثر علينا. إلا أن "ديفيد" أبلغنا أنه قد عانى من حمى متقطعة
عندما كان في القرية وقد زالت الحمى الآن تاركة خلفها إحساسًا بالضعف . وعندما اقترحت عليه أن يستشير
طبيبًا رفض متعل ً لا أنه يشعر الآن أنه أفضل وأن كل ما يحتاجه هو أن يستريح.
وبعد يومين من الراحة في الفراش لم يزد "ديفيد" إلا ضعفًا كما أن الحمى قد عاودته ثانية، وعندما زرت
"ديفيد" بعد ثلاثة أيام من عودته من القرية وجدته ملقى على الفراش يهذي وقد ارتفعت درجة حرارته بشدة
فأدخلناه على الفور المستشفى إلا أننا لم نكن مستعدين لذلك النبأ المدمر عندما أخبرونا أن "ديفيد" في مرحلة
متقدمة من حمى الملاريا الدماغية. كيف يكون هذا؟ ليس من المفترضأن يوجد أي نوع من الملاريا في هذه
المنطقة. ولكن الأطباء كانوا متيقنين من تشخيصهم وقد أضافوا أنه من أسوء أنواع الملاريا القاتلة وأن فرصة
"ديفيد" في البقاء تبدو معدومة. وحتى ن عاش فإن التلف الذي سوف يصيب دماغه سوف يتركه في حالة إعاقة
عقلية دائمة.
عاد فريقنا إلى المنزل وبدأنا الصوم والصلاة باستماتة شديدة. وجاهدنا في الصلاة طول الليل إذ أننا كنا
نشعر بثقل ضغط العدو. كان يمكننا قبل ذلك الصلاة لساعات طويلة أما الآن ونحن في شدة الاحتياج كنا بالكاد
تكون الكلمات. وبدت صلاتي وكأنها تخرج من فمي لتسقط على صدري. وبدأ وكأن كل قوات الجحيم قد
ركزت كل قدرتها علينا ومسلطة كل ضراوتها على جسد "ديفيد دالاس".
ومع هذا فإلى الصباح كنت قد اعتقدت أنا أحرزنا بعض التقدم. فاندفعت إلى المستشفى لأجد سرير ديفيد
خاليًا ومرتبًا، لقد رحل. وعندما بحثت عن التمريضأخبرتني بصوت متهدج أن "ديفيد" قد نقل إلى غرفة العناية
المركزة لإصابته بتشنجات شديدة ثم أردفت موجهة حديثها إلى. "سوف يموت وهذا هو خطأك، أنت ومعتقداتكم
الدينية قد كلفتم هذا الشاب حياته حتى وإن عاش سوف يعيش معاقًا"
وحاولت أن أشرح لها أننا نحاول أن نأتي به مبكرًا وأننا لسنا ممن لا يؤمنون بالطب والأطباء. ولكنها لم
تصغ إلى وبدأ وكأن كل العاملين بالمستشفى مقتنعون أننا مهووسون دينيًا وأننا يجب أن نحاسب قانونيًا بسبب
ما اقترفناه في حق هذا الشاب. ورجعت إلى المنزل وأنا في دوامة من الأفكار ماذا لو مات "ديفيد"؟ هل
سيحاكموننا؟ وهل ستتحطم سمعتنا في هذه المدينة الصغيرة وكيف ستستمر خدمتنا فيها؟ وماذا سيحدث
للمؤمنين الجدد؟ وما وقع ما يحدث على إيمانهم؟ ألم نخبرهم أن الله يصنع المعجزات اليوم وأن لدينا سلطانًا
على قوات الظلمة باسم المسيح؟
اتصلت إدارة المستشفى بوالد ديفيد في نيوزيلندا فحضر ليكون بجانبه. لم يقل شيئًا في لقائنا الأول إلا إنه
قد حذر "ديفيد" من الذهاب معنا وأردف قائ ً لا: إن لا يمكن الاعتماد عليكم"
وفي نهاية اليوم الثاني من نقله إلى المستشفى أخبرني الفريق الطبي أنه لا يوجد أمل بالنسبة "لديفيد". ودخلت
إلى حجرته وكان يرقد فاقد الوعي في وضع الجنين، رأسه وركبتاه ملتصقتان بصدره. وكان شاحبًا مثل قطعة
الزبد وأنابيب متعددة كانت متصلة بجسده وبدا صوت طنين وهسيس جهاز التنفس الصناعي الذي كان يحرك
صدره برفق كأنه علامة الوحيدة على بقائه حيًا وفيما عدا ذلك يبدو كميت.
واستجمعت كل ما يمكن حشده من إيمان وصرخت إلى الله باستماتة وركعت بجوار فراشه وتكلمت مباشرة
في أذن "ديفيد" "يا شيطان الموت أنا أنتهرك باسم المسيح وآمرك أن ترفع قبضتك من على جسد هذا الرجل"
وفي نفس اللحظة سمعت صوت فرفرة قوي من فمه وكان هذا هو كل ما حدث. عدت إلى المنزل وقضينا الليل
كله في الصلاة وعندما رجعت إلى المستشفى في الصباح أسرعت إلى غرفة العناية المركزة لأجد "ديفيد" جالسًا
يتنفس بدون مساعدة جهاز التنفس الصناعي، إلا أن الأنابيب الوريدية كانت ما زالت متصلة به، والتفت والده
ونظر إلى نظرة بائسة وعندئذ التفت إلى عيني "ديفيد" لأجد نظرة خاوية خالية من أي تعبير. واستطرد والده
"لقد كنت هنا طوال الصباح أنادي عليه بلا طائل لا توجد استجابة". بحثت عن رئيسة التمريض وسألتها عن
حالة "ديفيد" الصحية فأخبرتني أن حالته أسوأ. فقلت محتجًا "لقد كان بالأمس راقدًا في وضع الجنين وهو اليوم
يجلس ويتنفس طبيعيًا إنه أفضل ينبغي أن يكون كذلك، لا أنها ظلت على عنادها أنه لم يتحسن ولن يعود طبيعيًا
كما كان وأن ما حدث لهذا الشاب هو مأساة حقيقية وكل هذا بسببنا.
ورجعت إلى غرفة "ديفيد" بينما غادرها والده تاركًا إيانا بمفردنا. وبينما كنت أدور حول طرف فراشه
لاحظت عينيه الخالية من التعبير تتبعني. عندئذ قلت له: "ديفيد لقد كنا نصلي من أجلك وأود أن أخبرك أن
المسيح له كل النصرة".
عندئذ حدث شيء إن لم أره من بعيني وأسمعه بأذني لما أمكنني تصديقه إلا بصعوبة شديدة. إذ بدون أن
يحرك شفتيه أو أن تتبدل تلك النظرة الخاوية التي تطل من عينيه خرجت من حلقه كلمة "هللويا" وتركته عائدًا
إلى مجموعتنا لأخبرهم يقينا أن الرب استجاب لنا. وعندما عدت في اليوم التالي كان "ديفيد" قد نقل من غرفة
العناية المركزة. وبالرغم من أنه كان شديد الضعف لا أنه كان يتكلم بذكاء ويسير بمساعدة قليلة. ولم أستطع
أن أمنع نفسي من القفز والهتاف "مجدًا للرب" ليسمع كل من بالمستشفى. دعهم يعتقدون أننا متطرفون لقد
أعطانا الله الغلبة.
حدث ذلك منذ عشرين عامًا ومنذ ذلك الوقت و"ديفيد" يخدم الرب كمرسل في جنوب الهند وبالنسبة لي كان
هذه الخبرة أكثر من مجرد حادثة شفاء عظيمة لرجل شديد المرضإذ خلال صلاتنا المستبسلة وصيامنا سمع
لنا الله أن نشارك في تغيير "بورت مورسي" المدينة التي يسكنها خمسة وسبعون ألفًا البشر. لم يكن معنى هذا
وأننا وحدنا المصلون بل أني متيقن أنه كان للرب متشفعون آخرون.
ولكن صلاتنا ساعدت على دحر قوات الظلمة التي كانت تعيق الكرازة في ذل المكان وأصبحت المدينة التي
كانت تضم في وقت من الأوقات خمسة أفراد فقط يدعون أنهم ممثلون بالروح القدس، أصبحت تضم الآن خمسة
اجتماعات كبير بالإضافة إلى حركات تجديد منتعشة في كنائس الروم الكاثوليك والكنيسة الإنجليكانية والكنيسة
المتحدة.
كدنا أن نفقد شخصًا ولكن المسيح أعطانا النصرة. وهكذا حرك الرب اهتمامي بموضوع الحرب الروحية.
وكان ذلك بداية التساؤل، فبدأت أصلى وأبحث في الكتاب المقدس وأسأل وأكلم المرسلين والقادة بينما أجوب
مناطق الخدمة المختلفة. وبدأت أرى المفارقات حيثما أذهب فهناك مناطق متجاورة حدوديًا ولا يفصل بينها
إلا بعضالكيلومترات، ومع ذلك تبدوا إحداها منتعشًا روحيًا والأخرى على النقيضتمامًا. وعلى سبيل المثال
فإن كينيا والصومال بلدان أفريقيان ومتجاوران أحدهما به 16 مليون مسيحي يمثلون أغلبية السكان في حيه
أن عدد المؤمنين المسيحيين في الصومال لا يتجاوز 1% من عدد السكان وأغلبيتهم من الأجانب المقيمين بها.
وقد رأيت مثل هذه التناقضات بين المدن والجيران وحتى بين العائلات المسيحية ومقدرة الأفراد أنفسهم على
الحياة المنتصرة هل يبدو أننا نفتقد إلى شيئًا ما … شيئًا ما عظيمًا وقويًا؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...