شخصيه يفتاح الجلعادى
يفتاح الجلعادي "فقالت له : يا ابي هل
فتحت فاك الى الرب فافعل بي كما خرج من فيك لله"
العهود شئ هام ولازم للنفس البشرية لان
الانسان بطبعه كسول في حاجة الى مايحفزه وينهضه ومن اجمل الامثلة على الالتزام
بالعهود مع الله هو يفتاح الجلعادي
+ كلمة "يفتاح" تعني الذي يفتح
ولعله بهذا الاسم حمل صورة رمزية لسمة السيد المسيح وتصرفاته الخلاصية فإذ كان قلب
اخوته مغلقا فطردوه من بينهم حتى لايرث في بيت ابيهم اضطر الى الهروب الى ارض طوب
اي الطيبة شرق الاردن خارج حدود اسرائيل كما يبدو في (2صم10: 6) ومع هذا فقد فتح
يفتاح قلبه ليقوم ويقودهم مخلصا اياهم من بني عمون كأنهرمز للسيد المسيح الذي اغلقت
البشرية ابوابها امامه فلم يجد له موضع يولد فيه بين الناس فولد في مزود بقر وفي
خدمته اعلن صراحة ان ابن الانسان ليس له موضع يضع فيه راسه (مت8: 20) لكنه وهو
المطرود من اليهود بكل فئاتهم مع الامم فتح قلبه بالحب على الصليب ليضم الجميع
ويحملهم الى حضن ابيه مصالحا ايانا معه ابديا (2كو5: 18)
السيد المسيح هو يفتاح الحقيقي الذي يفتح ولا
احد يغلق( رؤ3: 7) يفتح لمؤمنيه ابواب الفردوس بعد ان احكمنا اغلاقه بالعصيان
+ حين طرد يفتاح من جلعاد استند اخوته بلاشك
على حكم قضائي صدر من شيوخ جلعاد والان جاء الشيوخ انفسهم يسالونه العودة لمحاربة
بني عمون قائلين :"تعال وكن لنا قائد فنحارب بني عمون" ويبدو انهم طلبوه
كقائد حرب فقط بكونه جبار بأس لكنه لم يقبل ان يسندهم في الحرب ويطردوه في السلم
معلنا احتجاجه "اما ابغضتموني انتم وطردتموني من بيت ابي فلماذا اتيتم الى
الان اذ تضايقتم" وحينما سالوه ان يكون لهم رأسا (اي في حالتي الحرب والسلم)
اكد لهم "فانا لكم رأسا"
+ يفتاح يمثل شخصية فريدة فقد اعتدنا ان نجد
ابطال روحيين حين تسلموا مراكز قيادية انحرفوا اذ ابتلعتهم محبة السلطة والكرامة
اما يفتاح فقد بدأ حياته مع رجال بطالين كانوا يخرجون معه وحينما سئل ان يكون قائد
للحرب اشتهى ان يكون رأسا دائما لاسرائيل في الحرب كما في السلم لكنه ما ان تسلم
العمل حتى رايناه رجل ايمان عجيبا في تصرفاته فإن كان البعض لايحتملون المسئولية
ولا الكرامة فينهارون روحيا فإن البعض الاخر ترهبهم المسئولية داخليا لينطلقوا الى
بدايات جديدة لعمل روحي نام في الرب
+تسلم يفتاح العمل بعد حواره مع شيوخ جلعاد
لامن ايديهم بل من يد الرب نفسه لهذا لم يعتمد على ذاته ولا على رجاله بل على الرب
نفسه قائلا: " اذا ارجعتمونى لمحاربة بني عمون ودفعهم الرب امامي ..."
ان كانوا هم يرجعونه لكنه يحارب بالرب نفسه سر غلبته ونصرته بهذا الروح يقول
القديس يوحنا ذهبي الفم (لانقدر ان نجري في طريق الله الا محمولين على اجنحة
الروح)
+ بدأ يفتاح عمله بحكمة روحية عالية فلم
ينطلق لمحاربة بني عمون بالرغم من اذلالهم لشعب اسرائيل سنوات طويلة لكنه بروح
الحكمة ارسل ليطلب سلام قائلا:" مالي ولك انك اتيت الى للمحاربة في ارضي؟
ارسل اليه بلطف يساله الا يحاربه في ارضه، لكن ملك بني عمون اجابه انه يحاربه لانه
قد اغتصب ارضه عندما صعد اسرائيل من مصر ودخل ارض الموعد . حقيقة الامر ان اسرائيل
قد منع من محاربة بني مواب وبني عمون (تث2: 9،19)
+ ونذر يفتاح نذرا للرب قائلا: " ان
دفعت بني عمون ليدي فالخارج الذي يخرج من ابواب بيتي للقائي عند رجوعي بالسلامة من
عند بني عمون يكون للرب واصعده محرقة"
كان هذا النذر في راي كثير من الاباء لايحمل
شيئا من الحكمة ولعل الله اراد ان يلقن يفتاح
بل وكل المؤمنين عبر الاجيال درسا قاسيا فسمح بخروج ابنته الوحيدة العذراء
للقائه فصار يفتاح في مرارة لما راها مزق ثيابه وقال :" اه يابنتي قد
احزنتيني حزنا وصرت بين مكدري لاني قد فتحت فمي الى الرب ولايمكنني الرجوع"
يقول القديس امبرسيوس (كان نذرا قاسيا لكن تحقيقه كان اكثر مرارة فاذ تممه دخل في
علة شديدة للحزن انه من الافضل الا تنذر من ان تنذر مالايرغب الله في تقديمه له
كما يقول :" كان الافضل له الاينذر بالمرة من ان يقوم باماتة ابنته"
ويرى القديس يوحنا الذهبي الفم ان الله لم يوقف تقديم هذه الذبيحة كما فعل في ذبح
اسحق بالرغم من عدم قبوله الذبائح البشرية وذلك لكي تكون درس للبشرية فلايتسرع احد
بتقديم نذر بقسم لئلا يفقدون اولادهم اذ يقول : (بسماحة تحقيق مثل هذا النذر وضع
الله نهاية لتكرار مثل هذا في المستقبل.
+ على اي الاحوال بالرغم من كراهية الله
للذبائح البشرية لكن يفتاح وابنته ربما بعدم معرفة اشتاقا ان يقدما اغلى مالديهما
لله فيفتاح لم يتراجع عن نذره مع ان ابنته عذراء ووحيدة بمعنى اخر يفقد نسله الى
الابد وقدمت ابنته حياتها بالرغم من مرارة نفسها لانها تموت بلا نسل ويلحقها العار
ولهذا السبب قالت لابيها :" اتركني شهرين فاذهب وانزل على الجبال وابكي
عذريتي انا وصاحباتي" كانت تبكي عذريتها اذ كانت كل فتاة في اسرائيل تشتاق ان
يكون لها نسل لعل المسيا المخلص ياتي منه والان اذ تموت عذراء تفقد هذا الرجاء على
اي الاحوال كان يمكن لها ان تفلت بطريق او باخر لكنها منذ البداية قالت لابيها
"افعل بي كما خرج من فيك" وبعد الشهرين عادت بكامل حريتها تسلم نفسها
للموت بيدي ابيها
+ لقد قدم يفتاح ابنته ذبيحة لله وكان في هذا
يحمل رمز للانسان الذي يقدم حياته (ابنته الوحيدة) ذبيحة حب لله لهذا عندما فقد
احد النبلاء الاثرياء يوليان زوجته وبنتيه كتب اليه القديس جيروم ليدخل الى
الرهبنة مقدما لله حياته نذرا بتكريسها للعبادة لله الامر الذي يفرح قلب الله افضل
من تقدمات كثيرة يقول له :" قدم يفتاح ابنته العذراء لهذا وضعه الرسول في
عداد القديسين (عب 11: 32) لااريدك ان تقدم للرب ماقد يسرقه لص منك او يستولى عليه
عدو انما قدم لله ما لايستطيع عدو ان ينزعه عنك ولاطاغية ان يغتصبه منك بل يذهب
معك الى القبر لابل الى الملكوت الى نعيم الفردوس"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق